واشنطن تُجلي ديبلوماسيّيها والحكومة تعرض "تقاسم السلطة"

"طالبان" تقترب من كابول

02 : 00

أمام القوّات الأفغانية تحدّيات مصيريّة ستُحدّد مستقبل البلاد (أ ف ب)

ما زال المتمرّدون الإسلاميّون يُحقّقون مكاسب ميدانية سريعة في مناطق ومدن أفغانية عدّة، حيث سيطرت حركة "طالبان" على هرات (غرب)، ثالث مدن البلاد، في ما يُعدّ محطة رئيسية في هجومها بعد ساعات من السيطرة على مدينة غزنة الإستراتيجية التي جعلت عناصرها أقرب إلى كابول الواقعة على بُعد 150 كلم منها. وبذلك، فقدت الحكومة السيطرة على معظم الأراضي في شمال وجنوب وغرب أفغانستان، وتُكافح للحفاظ على وجودها في قندهار الواقعة في الجنوب، وثاني أكبر مدينة في البلاد، فيما يُحاصرها المتمرّدون وتشتعل فيها المعارك الضارية.

وفي الأثناء، أعلن البنتاغون أنه سيُرسل نحو 3 آلاف جندي إلى أفغانستان فوراً لإجلاء موظفين في السفارة الأميركية بشكل آمن. وقال الناطق باسم وزارة الدفاع جون كيربي إن "الدفعة الأولى ستتألّف من 3 كتائب مشاة موجودة حالياً في منطقة مسؤولية القيادة المركزية. وستنتقل إلى مطار حامد كرزاي الدولي في كابول في غضون 24 إلى 48 ساعة المقبلة"، مضيفاً: "لا خطط ولا نقاش حول استخدام مطار حامد كرزاي الدولي كقاعدة لشنّ غارات جوّية في أفغانستان وحولها".

كذلك، كشف المتحدّث باسم الخارجية الأميركية نيد برايس أنّ واشنطن ستُسرّع في إجلاء المترجمين والمساعدين الأفغان الآخرين للجيش الأميركي في ضوء احتمال تعرّضهم لخطر الإنتقام إذا ما استولت "طالبان" على السلطة.

بدورها، أعلنت الحكومة البريطانية أن المملكة المتحدة ستنشر بشكل موَقت نحو 600 جندي في أفغانستان لمساعدة المواطنين البريطانيين على المغادرة. وقال وزير الدفاع البريطاني بن والاس في بيان: "لقد سمحت بنشر عسكريين إضافيين لدعم الوجود الديبلوماسي في كابول، ومساعدة الرعايا البريطانيين على مغادرة البلاد وتعزيز نقل أفغان خاطروا بحياتهم سابقاً أثناء خدمتهم إلى جانبنا".

وبالعودة إلى الميدانيات، ذكر مصدر أمني أن قلعة ناو، عاصمة ولاية بادغيس المجاورة لهرات سقطت أيضاً بعدها. وفي مواجهة تدهور الوضع العسكري، اقترحت كابول على "طالبان"، "تقاسم السلطة مقابل وقف العنف في البلاد"، وفق ما أفاد مصدر في فريق مفاوضي الحكومة الأفغانية وكالة "فرانس برس".

وكان الرئيس أشرف غني يرفض حتّى الآن الدعوات إلى تشكيل حكومة موَقتة غير منتخبة، تضمّ ممثلين عن "طالبان". لكن تغيير موقفه المفاجئ قد يكون متأخراً جدّاً، باعتبار أن المتمرّدين لم يُبدوا أي إشارة، منذ انطلاق مفاوضات السلام في أيلول 2020، لاستعدادهم للتوصّل إلى تسوية.

ولا مؤشّرات على تغيير في موقفهم راهناً، خصوصاً بعد تقدّمهم بوتيرة سريعة في الأيام الأخيرة. وبينما يُعطي الجيش الأفغاني انطباعاً بأنّه في حالة انهيار وغير قادر على وقف تقدّم مقاتلي "طالبان"، يُشكّل الجنرال الشاب الصاعد سامي سادات (36 عاماً) رمزاً للمقاومة في جنوب البلاد، إذ يخوض الضابط الأعلى رتبة في الجيش في الجنوب معارك طاحنة إلى جانب رجاله في شوارع لشكركاه عاصمة ولاية هلمند، التي حاصرتها "طالبان" لأشهر قبل أن تدخلها الأسبوع الماضي.

دولياً، حذّر وزير الخارجية الألماني هايكو ماس من أن ألمانيا، أحد المانحين الرئيسيين لأفغانستان، لن تدفع "فلساً واحداً" من مساعدات التنمية "إذا سيطرت "طالبان" بالكامل على السلطة وطبّقت الشريعة وأقامت دولة خلافة"، معتبراً أنّ أفغانستان "لا يُمكن أن تستمرّ من دون مساعدات دولية"، في حين هدّد الاتحاد الأوروبي "طالبان" بـ"عزلها دولياً" إذا استولت على السلطة في أفغانستان.

وفي الغضون، حمّل الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب خلفه جو بايدن المسؤولية عن التقدّم العسكري لـ"طالبان" في أفغانستان، معتبراً أن الوضع الحالي "غير مقبول". وقال ترامب في بيان: "لو كنت رئيساً الآن، لأدرك العالم أن انسحابنا من أفغانستان مرهون بشروط". وأضاف: "كان يُمكن أن يكون الإنسحاب مختلفاً وأكثر نجاحاً، و"طالبان" كانت تعلم ذلك أفضل من أي شخص آخر".


MISS 3