"مؤتمر بغداد"... "بلاد الرافدين" تسعى إلى لعب دور الوسيط

02 : 00

إجراءات أمنيّة مشدّدة في بغداد عشيّة المؤتمر (أ ف ب)

بعدما أضعفته الأزمات والحروب المتتالية خلال الأعوام الأربعين الماضية، يسعى العراق إلى الاضطلاع بدور الوسيط في الشرق الأوسط من خلال المؤتمر الذي يُنظّمه اليوم، والذي يهدف إلى نزع فتيل الأزمات في المنطقة، وتحييد أرضه من أن تكون ساحة لتصفية الحسابات الجيوسياسية بين القوى المتصارعة.

وأنهى العراق استعداداته لاستضافة "مؤتمر بغداد للتعاون والشراكة"، بحضور 9 دول، 5 منها من دول الجوار و4 من دول الجوار الإقليمي وأوروبا. ويطمح رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي إلى جعل العراق نداً لواشنطن وطهران والرياض وأنقرة. وتسعى القمّة في بغداد إلى منح العراق "دوراً بناء وجامعاً لمعالجة الأزمات التي تعصف بالمنطقة"، بحسب مصادر من محيط رئيس الوزراء.

وتأكد حضور الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، اللاعب الوحيد غير الإقليمي المشارك في الحدث، إلى جانب نظيره المصري عبد الفتاح السيسي والملك الأردني عبدالله الثاني، بينما ستتمثل الكويت برئيس الوزراء الشيخ صباح خالد الحمد الصباح.

ودعي للمشاركة أيضاً الرئيسان التركي رجب طيب أردوغان والإيراني إبراهيم رئيسي، فضلاً عن العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز، لكنّهم لم يؤكدوا حضورهم. ويُرجح أن يُمثل السعودية وزير الخارجية الأمير فيصل بن فرحان بن عبدالله وإيران وزير الخارجية حسين أمير عبداللهيان، في حين لم يُعرف بعد مستوى تمثيل الإمارات وقطر وتركيا.

وكانت بغداد خلال الأشهر الماضية، مسرحاً للقاءات مغلقة بين ممثلين عن الرياض وطهران، فيما بات هدف العراق الحالي هو التحوّل من موقعه كـ"مرسال" إلى "محرّك" للمحادثات بين إيران والسعودية، اللتَيْن قطعتا علاقاتهما في العام 2016.

ويُرجّح أن بغداد تنوي أيضاً طرح النفوذ الإيراني على أراضيها، والذي بات بالنسبة إلى غالبية العراقيين، حضوراً سلبيّاً، إذ يرى مراقبون أن العراق يُريد الإمساك بزمام الأمور في تحديد مساره السياسي، ولا يرغب بعد الآن بأن يخضع لتأثيرات التوترات الإقليمية.

كذلك، يُفترض أيضاً أن تطرح خلال القمّة قضيّة سيادة العراق، خصوصاً مع الإنتهاكات العسكرية التركية المتكرّرة برّاً وجوّاً. وتُثير الضربات التركية التي تودي أحياناً كثيرة بحياة مدنيين على الأراضي العراقية، استياء بغداد، لكنّها لم ترفع النبرة عالياً في هذا الملف ضدّ جارتها تركيا، التي هي أحد أبرز شركائها التجاريين.

وفي السياق، أكد الرئيس العراقي برهم صالح أن القمّة لن تُشكّل أي أرضية لبقاء القوات الأجنبية في العراق، مشدّداً على أن لا علاقة بين الاجتماع وإخراج القوات الأميركية من البلاد. وأوضح صالح خلال حوار مع موقع "نورنيوز" الإخباري الإيراني أنه "طبقاً للإتفاق الذي تمّ التوصّل إليه مع واشنطن، ستُغادر جميع القوات الأميركية العراق بحلول نهاية هذا العام".

وتحدّث صالح في شأن أهداف القمّة، قائلاً: "ستنعقد قمة الدول الجارة والصديقة للعراق في بغداد مع التركيز على تماسك هذه الدول ووحدتها لإرساء السلام والأمن وتوسيع العلاقات الاقتصادية والثقافية في ما بينها، ومن الطبيعي أن يتمّ توظيف كلّ الأدوات والإمكانات لتحقيق هذا الهدف".

وفي إشارة إلى مقاربات قمّة بغداد الإقليمية، لفت صالح إلى أنه "يتّضح من المدعوين إلى هذه القمة، أنّنا نعتزم مدّ جسور السلام بين دول المنطقة لتحقيق أهداف تخدم مصالح الجميع"، مؤكداً أن "العراق مصمّم على الحفاظ على خطوطه الحمراء، بما في ذلك القضية الفلسطينية، وبالتالي لن نُفكر في عملية تطبيع العلاقات مع إسرائيل بأي شكل من الأشكال، ولن ننضمّ إليها".