هل تزيد الكحول احتمال الإصابة بالخرف؟

08 : 00

الكحول مشروب معروف منذ آلاف السنين والخرف يزداد شيوعاً مع مرور الوقت، لكن لم يفهم العلماء بعد الرابط بينهما. تبحث دراسة جديدة عن الأجوبة في هذا المجال...

كشف العلماء عوامل تزيد خطر الإصابة بالخرف، ولا يمكن الاحتماء من عدد منها مع التقدم في السن. لكن يمكن تجنب عوامل خطر محتملة أخرى، مثل التدخين.

لا بد من تحديد عوامل الخطر القابلة للتعديل لأن فهمها يسمح بالوقاية من الخرف أو تأخيره.

صمّم الباحثون حديثاً دراسة للبحث عن الروابط بين الخرف والكحول لدى كبار السن، ونشروا نتائجهم في شبكة "جاما" المفتوحة.

نتائج الدراسات السابقة

لا تزال المعلومات المعروفة عن الروابط المستقلة بين كمية الكحول ووتيرة استهلاكها ومخاطر الخرف ضئيلة.

حللت دراسات سابقة الكحول والخرف على نطاق أوسع، لكن ثمة فجوات كبرى في فهم الرابط بينهما حتى الآن. في إحدى الدراسات مثلاً، احتسب الباحثون كمية الكحول المستهلكة يومياً كل سنة.

لكنّ استعمال المتوسط اليومي بهذا الشكل يغفل عن اختلافات أخرى في كمية الكحول ووتيرة شربها. إنه جانب مؤثر! على سبيل المثال، يعطي شرب 7 أكواب من البيرة خلال يوم واحد أسبوعياً أثراً مختلفاً عن شرب كوب بيرة كل ليلة أو كل يوم من الأسبوع، مع أن الكمية المستهلكة متساوية.

استنتج المشرفون على دراسة أخرى أن الإفراط في شرب الكحول في منتصف العمر يزيد خطر الإصابة بالخرف. لكن لم يتّضح بعد ما إذا كان شرب كميات أصغر من الكحول يعطي الأثر نفسه.

تتعمق دراسات أخرى في الموضوع عبر تحليل الروابط بين الكحول، ومخاطر الخرف، ووجود الأبوليبوبروتين E4. ترتبط هذه المتغيرة الجينية بزيادة خطر الإصابة بالزهايمر.

استنتجت دراسة سابقة أن شرب الكحول يزيد مخاطر الخرف وأن حاملي المتغيرة الجينية يكونون أكثر عرضة لهذا المرض. يتعلق عامل مجهول آخر بطريقة تأثير الكحول على مخاطر الخرف لدى المصابين بالاختلال المعرفي المعتدل. يعتبر العلماء هذا الاضطراب المرحلة الواقعة بين التراجع المعرفي الطبيعي والمرتبط بالسن والخرف.

حاولت الدراسة الأخيرة الإجابة على الأسئلة الآنف ذكرها.

بيانات عن الكحول والخرف

لاستكشاف الموضوع، حلل العلماء قاعدة بيانات قائمة، واستخلصوا معلومات من 3021 مشاركاً بلغ متوسط أعمارهم 72 عاماً. أُخِذت البيانات من "دراسة جينكو لتقييم الذاكرة" بين العامين 2000 و2008. في بداية الدراسة، قدّم المشاركون معلومات عن كمية الكحول المستهلكة، ووتيرة شربها، وأنواع المشروبات (بيرة، نبيذ، ليكور).

خضع المشاركون في البداية لعشرة اختبارات شاملة عصبية ونفسية لتقييم مجموعة من الوظائف المعرفية، وتكررت هذه الاختبارات كل ستة أشهر. وعزل العلماء الحمض النووي من عينات دم لرصد حاملي متغيرة الأبوليبوبروتين E4.

إلى جانب البيانات الوراثية والتفاصيل المرتبطة بمعاقرة الكحول، جمع العلماء أيضاً معلومات عن ضغط الدم، ووزن الجسم، والطول، وتاريخ أمراض القلب، وعادة التدخين. ثم طرحوا أسئلة لمعرفة حجم التفاعلات الاجتماعية في حياة كل مشارك.

الثغرات مستمرة

من أصل 3021 مشاركاً، بلغ عدد المصابين باختلال معرفي معتدل 473، وغير المصابين به 2548. وعلى مر ست سنوات من المتابعة، شُخّص الخرف لدى 512 مشاركاً.

في الفئة غير المصابة بالاختلال، اكتشف الباحثون أن أي كمية كحول لم ترفع خطر الإصابة بالخرف، مقارنةً بمن شربوا أقل من كوب واحد أسبوعياً.

بقيت النتيجة على حالها حين حللوا الفئة المصابة بالاختلال المعرفي، ولم يبرز أي اختلاف مهم من الناحية الإحصائية. لكن تبيّن أن مخاطر الخرف زادت لدى المصابين بالاختلال المعرفي المعتدل بنسبة 72% حين شربوا 14 كوباً أسبوعياً، مقارنةً بمن استهلكوا أقل من مشروب واحد أسبوعياً.

رصد الباحثون أيضاً اختلافات مرتبطة بأنماط الشرب: "ارتبط تراجع الكميات اليومية بانخفاض مخاطر الخرف، مقارنةً بأثر استهلاك كميات كبيرة من الكحول بشكلٍ متقطع لدى غير المصابين بالاختلال المعرفي في بداية الدراسة".

يشدد الباحثون على سلبيات الإفراط في الشرب على مستوى الدماغ والوضع الصحي العام، لكنهم يضيفون: "تطرح نتائجنا تطمينات مفادها أن شرب الكحول ضمن الحدود الموصى بها لا يرتبط بزيادة مخاطر الخرف لدى كبار السن الذين يحافظون على وظيفة معرفية طبيعية".

حين حلل الباحثون الأثر المحتمل لجينة الأبوليبوبروتين E4، لم يكتشفوا أي أثر بارز، وتتماشى هذه النتيجة مع استنتاجات الدراسات السابقة. وفق نظرية العلماء، لا يُسجَّل أي أثر لأن الرابط يبقى أكثر وضوحاً لدى الأصغر سناً، لذا يدعون إلى إجراء أبحاث إضافية.

باختصار، لا تقدّم الدراسة الأخيرة عدداً كبيراً من الأجوبة الوافية. لكنها تؤكد على تعقيد العلاقة بين الكحول والخرف وتتطلب على الأرجح مجموعة واسعة من الأبحاث المستقبلية.