المستشفيات ومرافق الرعاية الصحية على وشك الانهيار بلا وقود

"منظمة العفو الدولية": السلطات تُعرّض الأرواح للخطر

02 : 00

مستشفى الحريري

إعتبرت منظمة العفو الدولية أن تقاعس السلطات اللبنانية عن حل أزمة الوقود الكارثية أدى إلى شلّ حياة الناس اليومية وترك المستشفيات على شفير الانهيار. ودعتها في بيان "إلى تعزيز الحقوق الاقتصادية والاجتماعية في استجابتها وإعطاء الأولوية لإعادة توزيع الوقود على المستشفيات ومرافق الرعاية الصحية الأخرى، علماً أنها على وشك الانهيار".

ولفتت المنظمة الى ان مئات المرضى، بينهم أطفال حديثو الولادة يستخدمون أجهزة التنفس الإصطناعي وغيرها من الأجهزة الطبية المنقذة للحياة، يواجهون "خطر الموت إذا نفد الوقود من المستشفيات". واشارت الى انه "مع رواج السوق السوداء والتهريب وتخزين الوقود الذي يحوّل الإمدادات عن الخدمات الحيوية، من الضروري أيضاً أن تتخذ السلطات خطوات فورية لمحاسبة الجناة".

وقالت هبة مرايف، مديرة المكتب الإقليمي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة العفو الدولية: "لا يمكن للسلطات اللبنانية أن تستمر في الوقوف مكتوفة الأيدي بينما تنهار حياة الناس بسبب أزمة الوقود، وأن تترك الأمر للمبادرات الخاصة أو المنظمات غير الحكومية لتلبية الاحتياجات الإنسانية الضرورية. باتت صحة الناس وحياتهم على المحكّ مع تخفيض المستشفيات لعملياتها بشكل كبير". ودعت السلطات الى منح "الأولوية العاجلة للمرافق الصحية، وغيرها من الخدمات الحيوية، من خلال إعادة توزيع مخزونات الوقود المصادرة، وتنفيذ أوامر المحكمة التي تفرض ذلك. كما يتوجب عليها معالجة مشكلة السوق السوداء الرائجة من خلال إغلاق قنوات التهريب، ومصادرة الوقود المخزّن بصورة غير قانونية، ومحاسبة الجناة".

وذكّرت المنظمة انه في 11 آب، أعلن مصرف لبنان المركزي أنه عاجز عن الاستمرار في دعم واردات الوقود، ما تسبب في ارتفاع أسعار البنزين والمازوت بشكل جنوني، وأحدث نقصاً حاداً وفورياً في كليهما في السوق. وفي 22 آب، أعلنت الحكومة عن زيادة بنسبة 66 في المئة في أسعار البنزين – وهو تخفيض جزئي في دعم الوقود – في محاولة لتخفيف النقص الشديد الذي أوقع البلاد في أزمة. ولفتت الى ان النقص في توافر الوقود في السوق تفاقم "بسبب تهريب الوقود عبر الحدود إلى سوريا، وتخزينه لبيعه بأسعار السوق السوداء. وهذا ما أكده بيان مصرف لبنان الصادر في 14 آب، والذي ذكر أن مصرف لبنان أنفق أكثر من 828 مليون دولار على واردات الوقود في تموز...

المستشفيات تصارع للبقاء وسط نقص الوقود

وذكّرت منظمة العفو انه خلال شهر آب "أعلنت القوى العسكرية والأمنية أنها صادرت ملايين ليترات البنزين والمازوت التي تمّ تخزينها أو تجهيزها للتهريب. ومع ذلك، أكد مديرو المستشفيات، في ثلاثة من أكبر مستشفيات لبنان، للمنظمة أنّ القطاع الصحي يعيش كلّ يوم بيومه، في ظلّ عجزه عن تأمين ما يكفي من الوقود لمتابعة عملياته حتى لشهر واحد". وفي آب، أطلق المركز الطبي للجامعة الأميركية في بيروت، ومستشفى رفيق الحريري الجامعي، ومستشفى المقاصد، نداءات استغاثة عامة تناشد الحكومة والوكالات الدولية بتوفير الوقود. وقالت المستشفيات المذكورة إن أزمة الوقود ألحقت أضراراً جسيمة بعملياتها، وعرّضت حياة مرضاها للخطر. وعلى الرغم من ذلك، تقاعست السلطات عن تأمين وصولها إلى الإمدادات الكافية. ونقلت عن المدير العام لمستشفى رفيق الحريري الجامعي الدكتور فراس أبيض أن "المستشفى كان يتلقى 20 ساعة تغذية من كهرباء الدولة يومياً، ويعتمد على سبعة مولدات خلال الساعات الأربع المتبقية. خلال الشهر الماضي، انخفضت التغذية الكهربائية إلى أربع ساعات فقط يومياً – وفي إحدى المراحل انقطعت تماماً – ما أدّى إلى اعتماد متواصل من المستشفى على المولدات غير المصممة للعمل من دون توقف...

بدوره، أخبر الدكتور جوزيف عتيّق، مدير المركز الطبي في الجامعة الأميركية في بيروت، منظمة العفو الدولية أنه على الرغم من أن أحد القضاة أمر بتسليم 5000 ليتر من الوقود المصادر إلى المستشفى، إلا أنهم لم يتلقوا أي إمدادات وقود من الجيش أو الأمن الداخلي. وقال إن المستشفى يحتاج إلى 50 ألف ليتر لإجراء عملياته اليومية. وأشارت المنظمة الى ان القاضية عبير صفا كانت قد أمرت مركز شرطة النهر، في 17 آب، بتسليم 10 آلاف ليتر من الوقود الذي صادرته السلطات إلى مستشفى رفيق الحريري الجامعي والمركز الطبي للجامعة الأميركية في بيروت (بواقع 5000 ليتر لكلّ منهما)، بالسعر المدعوم.

واعتبرت مديرة المكتب الإقليمي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة العفو الدولية هبة مرايف، ان عدم امتثال السلطات اللبنانية لقرار محكمة بتسليم الوقود المصادر إلى جميع المستشفيات يدعو للصدمة، "وعلى السلطات أن تفعل كل ما في وسعها لضمان توزيع إمدادات الوقود، التي صادرتها قوى الأمن، على المستشفيات وغيرها من الخدمات الحيوية للسماح لها بالعمل بطريقة مستدامة". وأخبر طبيبان من مدراء الأقسام في مستشفى رفيق الحريري الجامعي، منظمة العفو الدولية، في 23 آب، أنّ 10 مرضى في وحدة العناية المركزة، وما لا يقل عن 21 طفلًا حديثي الولادة يعيشون على أجهزة التنفس الإصطناعي والحاضنات، معرّضون لخطر الموت إذا توقفت عمليات المستشفى بسبب نقص الوقود. وحذّر المركز الطبي في الجامعة الأميركية في بيروت في بيان أصدره في 14 آب، من أنه في حالة الإغلاق القسري الناجم عن نقص الوقود، سيموت على الفور 40 مريضاً بالغاً، و15 طفلاً يعيشون على أجهزة التنفس، وسيموت 180 شخصاً يحتاجون إلى غسيل الكلى بعد بضعة أيام، ومئات آخرين في الأسابيع اللاحقة. وقال مدير المستشفى إنهم "يعيشون على أمل تلقي الإمدادات اليومية من المتبرعين والشركات الخاصة والأمم المتحدة".

وقال الدكتور محمد بدر، مدير مستشفى المقاصد في بيروت، لمنظمة العفو الدولية إن المستشفى أوقف الجراحة الاختيارية منذ ثلاثة أشهر، واضطر إلى إغلاق طابقين من ثلاثة طوابق...

معالجة مشكلة تهريب الوقود وتخزينه

كانت العواقب مأسوية جراء تقاعس السلطات اللبنانية عن محاسبة أي شخص على التهريب ورواج تجارة السوق السوداء التي تنطوي على تخزين كمية كبيرة من الوقود في ظروف غير آمنة. فحتى الآن، قُتل أو جُرح عشرات الأشخاص بسبب انفجارات خطيرة في مخزون الوقود في مناطق سكنية. وودعت المنظمة السلطات اللبنانية إلى إحالة التحقيق في انفجار التليلي إلى النظام القضائي المدني لضمان إجراء تحقيق مستقل ومحايد في الحادثة ومحاسبة جميع المتورطين في التهريب أو عمليات التخزين.


MISS 3