محقّقون أمميّون يرسمون صورة قاتمة عن "بلاد الشام"

بوتين ينتقد التدخّل الأجنبي في "سوريا الأسد"

02 : 00

الأسد بضيافة بوتين في الكرملين أمس الأول (أ ف ب)

بلهجة المنتصر الذي يُريد ترجمة مكاسبه الميدانية التي حققها على الساحة السورية على مدى السنوات الماضية، سياسياً وديبلوماسياً، لصرفها في سوق المصالح الجيوسياسية على المسرح الدولي، انتقد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لدى استقباله نظيره السوري بشار الأسد وجود قوات أجنبية في سوريا من دون موافقة النظام السوري. وخلال اللقاء الذي حصل الإثنين، اعتبر بوتين أن "الإرهابيين تكبّدوا أضراراً هائلة" في سوريا، حيث تُسيطر القوات الحكومية على "90 في المئة من الأراضي". لكن بوتين رأى، وفق ما أورد بيان صادر عن الكرملين، أن "المشكلة الرئيسية في سوريا هي التدخل الأجنبي في أراضيها".

وفي هذا الصدد، اعتبر "القيصر الروسي" أن "القوات المسلّحة الأجنبية موجودة من دون قرار من الأمم المتحدة في بعض مناطق البلاد في انتهاك بطبيعة الحال، للقانون الدولي".

ولم يُشر بوتين إلى جنسية هذه القوات، لكن التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة يتمركز في شمال شرق سوريا لمساندة القوات الكردية في حربها ضدّ "الدولة الإسلامية"، بينما تتواجد تركيا وبعض الفصائل السورية التي تدور في فلكها في مناطق في شمال غرب البلاد، هذا فضلاً عن التواجد الإيراني والميليشيات التابعة له في شرق ووسط وجنوب سوريا.

كما اعتبر الرئيس الروسي أن نظيره السوري يفعل الكثير لإقامة حوار مع المعارضين السياسيين. وهنّأ الأسد بـ"النتائج الجيّدة" للإنتخابات الرئاسية، وقال إن هذه النتائج "تؤكد أن السوريين يثقون بك، وعلى الرغم من كلّ الصعوبات والمآسي التي شهدتها السنوات السابقة، فإنّهم يُعوّلون عليك في عملية العودة إلى الحياة الطبيعية"، لافتاً إلى أن "النازحين يعودون بنشاط إلى المناطق المحرّرة".

من جهته، حيّا الأسد "الإنجازات الكبيرة التي حققها الجيشان السوري والروسي في تحرير الأراضي وتراجع الإرهابيين". لكنّه أشار إلى أن العملية السياسية التي بوشرت قبل سنتَيْن تقريباً تُواجه "عوائق، لأنّ هناك دولاً تدعم الإرهابيين وليست لها مصلحة في أن تستمرّ هذه العملية في الإتجاه الذي يُحقق الإستقرار في سوريا".

كذلك، وصف الأسد العقوبات المفروضة على دمشق بأنّها "لا إنسانية ولا شرعية"، معرباً عن امتنانه لروسيا على مساعدتها بلاده في مكافحة تفشي فيروس "كورونا" وتقديم مساعدات أخرى، بما في ذلك إمدادات للمواد الغذائية.

توازياً، رأى محققون أمميون أن تصاعد العنف في سوريا إلى جانب انهيار اقتصادها، يجعل الآفاق تزداد قتامة بالنسبة إلى المدنيين. وقال رئيس لجنة التحقيق الأممية لسوريا بولو بينيرو خلال مؤتمر صحافي: "بعد عقد من الزمن، تواصل أطراف النزاع ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضدّ الإنسانية وتقويض حقوق الإنسان الأساسية للسوريين".

وأضاف بينيرو أن "الحرب ضدّ المدنيين السوريين مستمرّة ومن الصعب عليهم إيجاد الأمان أو ملاذ آمن في هذا البلد الذي مزّقته الحرب". وأعرب أعضاء اللجنة في تقريرهم الأخير الذي يُغطّي الفترة الممتدّة من 1 تموز 2020 إلى 30 حزيران 2021، عن أسفهم لعدم وجود جهود لإعادة توحيد البلاد أو تحقيق المصالحة، فيما تستمرّ الاعتقالات التعسفية من قبل القوات الحكومية بلا هوادة.

وقالت كارين كونينغ أبو زيد، إحدى أعضاء اللجنة في بيان، إنّ "الوضع العام في سوريا يبدو قاتماً بشكل متزايد". وتابعت: "بالإضافة إلى العنف المتزايد، فإنّ الاقتصاد ينهار ومجاري الأنهر في بلاد ما بين النهرين هي الأكثر جفافاً منذ عقود، ويبدو أنه من المستحيل وقف انتقال الوباء في المجتمع في ظلّ نظام صحي دمّرته الحرب".

وأشار التقرير إلى أن عشرات آلاف السوريين ما زالوا ينتظرون أنباء عن أقاربهم المفقودين، بينما تمّ احتجاز آلاف آخرين بشكل غير قانوني. كما أعرب المحققون عن أسفهم لاحتدام القتال في البلاد في الأشهر الأخيرة، مع عودة "تكتيك الحصار"، كما حدث في درعا، حيث حاصر النظام أحياء تابعة للمعارضة. ومن المقرّر أن تُقدّم اللجنة تقريرها إلى مجلس حقوق الإنسان الأممي في 23 أيلول.