سوق الصهاريج الحرّة

02 : 00

مقابل ما يعد له من مظاهر احتفالية لملاقاة صهاريج المازوت الإيراني، سقط الاقتصاد اللبناني النظامي بـ"فخ" النقص الفاضح في المشتقات النفطية بسبب سياسة الدعم الفاشلة. فـ"الطبيعة التي تكره الفراغ"، ستُملأ بنفط يدخل بشكل غير شرعي، ويباع بسعر أقل من الكلفة. الأمر الذي لا يمكن الفهم منه إلا العمل للسيطرة على السوق اللبناني في حال أسأنا النية، أما إذا "صفيناها" فلا نخلص إلا إلى تشريع الإقتصاد الأسود، وضرب ما تبقى من هيبة الدولة، وتحوّل التهريب من السر إلى العلن.

ما يصح اليوم على المشتقات النفطية تحت ضغط "الضرورات تبيح المحظورات"، سيصح في الأيام القادمة على الطحين والدواء، اللذين سيبقيان مفقودين طالما استمرت الدولة بدعمهما. والكميات النفطية التي يحكى أنها ستكون محدودة، وبغرض مساعدة الشعب اللبناني وكسر السوق السوداء واحتكار التجار، قد تتحول إلى دائمة نتيجة سياسة "الإغراق" التي ستعتمد، خصوصاً إن صدق الوعد وبيعت المحروقات بأسعار أقل من الكلفة. فلا أحد يبيع بخسارة إلا لهدف. ومن المستبعد في علم السياسة، كما الإقتصاد، أن يكون الغرض من تحمل خسارة تصل إلى 8 ملايين دولار في كل 30 ألف طن هو الأعمال الخيرية. ومن القريب إلى المنطق أكثر هو العمل على بسط إيران سيطرتها الكاملة عبر "حزب الله" على السوق اللبناني من خلال مسكها أحد أهم مفاتيح الحاجات اليومية للإنتاج والأفراد. أما الثمن الذي تدفعه فيبقى قليلاً مهما كبر، أمام نجاح حملة التسويق بـ"كسر الحصار" وهزم "قوى الهيمنة العالمية" و"تحدي فارضي العقوبات".

هذا من الناحية الشكلية، أما في المضمون فيجري تبييض الأموال وضخ الدولار الفريش في عروق النظام الايراني بعد تحويل الثمن إلى دولارات، بدلاً من أن تتكدس مواردها في أرضها من دون القدرة على تصريفها. كل هذه العوامل تطرح تساؤلات جدية عما سيدفعه لبنان حقيقة نتيجة "إجباره" على استيراد النفط الايراني، إذ في حال فلت من العقوبات فلن يفلت من شباك إحكام السيطرة عليه من قبل إيران.


MISS 3