إيميلي بلانت...بين التمثيل والأمومة والطموح!

02 : 00

تتميز إيميلي بلانت بواحدة من أكثر المسيرات التمثيلية تنوعاً وإثارة في هوليوود. سطع نجمها في جميع المجالات، بدءاً من الكوميديا والدراما وصولاً إلى الخيال العلمي والرعب، وهي تنعم بزواج سعيد. بعد التركيز على حماية عائلتها من فيروس كورونا، ها هي تعود الآن أمام الكاميرا لتجسيد نسخة نسائية من شخصية "إنديانا جونز" إلى جانب دوين جونسون في فيلمهما الكوميدي الجديد.

كانت إيميلي بلانت ترتشف الشاي في زاوية استوديو تسجيل في وسط مدينة أتلانتا، جورجيا. بدا زيّها مناسباً لدور المغامِرة الغريبة "الدكتورة ليلي هوتون" التي تستعد لتجسيدها في الفيلم الكوميدي Jungle Cruise (رحلة الغابة). حضر شريكها في البطولة، دوين جونسون، الذي كان يرتدي بدوره ملابس السفاري لسماع حديثنا عن نجاح فيلم التشويق A Quiet Place (مكان هادئ)، علماً أنها شاركت فيه إلى جانب زوجها جون كراسنسكي الذي كان مخرج العمل أيضاً.

قالت له إيميلي: "كنتُ أتكلم للتو عن فيلم A Quiet Place". فقال إنه لم يشاهده. ثم نظرت إليه وقالت إن العمل أبلى حسناً. راح جونسون يضحك ويهز كتفيه وأكد على أنه لم يشاهده. فابتسمت بدورها وهزت رأسها. تتضح هذه الأجواء المرحة بينهما على الشاشة أيضاً لأنهما ليسا مزيفَين.

المغامرة في دمها

نظراً إلى موضوع الفيلم الجديد، إلى أي حد تعتبر بلانت نفسها مغامِرة في الحياة الواقعية؟

تقول إيميلي: "أنا مغامِرة جداً بطبيعتي. كان والداي يصطحباننا في صغرنا في رحلات مدهشة. اعتاد والدي على ادخار المال لأخذنا إلى مصر وجنوب أفريقيا وأستراليا والمغرب وإسرائيل. نشأتُ إذاً وأنا أقصد تلك الدول الرائعة وانغمستُ في أنواع مختلفة من الثقافات. كنتُ أهتم كثيراً بهذه المواضيع... لكني كنتُ شقية أيضاً في عمر الثالثة عشرة وكانت أمي تجرّنا لمشاهدة الآثار القديمة في كريت. ترسخت روح المغامرة في داخلي منذ عمر مبكر إذاً، فكنتُ أشعر بالحاجة إلى السفر ورؤية عوالم أخرى واستكشاف خصائصها".

عند سماع هذه الممثلة وهي تتكلم بطلاقة، يصعب أن نصدّق أنها كانت تتلعثم بالكلام حتى عمر الثامنة. أخذها والداها إلى مدرّبين متخصصين بالكلام والاسترخاء طوال سنوات، لكنها استفادت فعلياً بعد بدء التمثيل، فاختفت مشكلة التلعثم لديها.

بالعودة إلى Jungle Cruise، تدور أحداث الفيلم في العام 1917، وهو مقتبس من رحلات "ديزني لاند" الشهيرة، وتحصل معظم مشاهده على متن قارب نهري يقوده ربان ذكي (جونسون). يأخذ هذا الأخير الطبيبة الصالحة وشقيقها (الكوميدي الإنكليزي جاك وايتهول) في مهمة نحو الأدغال لإيجاد "شجرة الحياة" التي تتمتع بقوة شفائية. يضطر هذا الثلاثي في الوقت نفسه لمحاربة حيوانات برية خطيرة ومنافسة بعثة ألمانية.

كيمياء لافتة على الشاشة

تتوقف جاذبية العمل الجديد على الكيمياء بين بطلَي القصة، وتبدو هذه الكيمياء قوية وصادقة.

تقول بلانت: "لا يمكن تحضير الكيمياء وبيعها ويستحيل أن تنشأ بين جميع الناس. يمكن تزييفها أحياناً. لن تكون التجربة ممتعة بالقدر نفسه في هذه الحالة، لكنها طريقة ممكنة وسبق وطبّقتُها بنفسي. لكني لم أضطر لاعتماد هذا الأسلوب في أعمال معينة، بما في ذلك هذا الفيلم حيث كان تمثيل المشاهد أكثر حماسة. يتفاعل الممثلان في هذه الحالة بطريقة طبيعية".

في دردشة أخرى مع بلانت عبر تطبيق "زوم" من منزلها في نيويورك، بعد 18 شهراً على التواجد في موقع التصوير في أتلانتا، بدت الممثلة البريطانية متفائلة بالقدر نفسه وعبّرت عن شعورها بالامتنان. فيما يتابع العالم التعامل مع فيروس "كوفيد-19"، كانت بلانت منشغلة بالترويج لفيلمها الرومانسي الكوميديWild Mountain Thyme (زعتر الجبل البري) إلى جانب جايمي دورنان. لقد تغيّر العالم على جميع المستويات منذ آخر مقابلة لنا.

تتكلم بلانت عن تجربتها مع أزمة كورونا فتقول وهي تبتسم: "تسمح لي مكانتي برؤية إيجابيات الوضع وأشعر بامتنان شديد. لقد استمتعتُ بالاجتماعات العائلية المتزايدة مع ابنتيّ من دون الاضطرار للالتزام بأي جدول عمل. لم نكن مضطرين للإسراع في الخروج من المنزل أو أخذ حقائب المدرسة وتحضير وجبات الطعام. حين نغفل عن العوامل السلبية ونتجاهل تلك الضجة البيضاء والأجواء الجنونية ويتسنى لنا أن نتقاسم الوقت معاً... أظن أن تلك التجربة كانت اكتشافاً حقيقياً لي. في هذه الظروف، لا مفر من التساؤل: كيف نريد تمضية وقتنا؟ ما هي المسائل المهمة في الحياة؟ إنها الأمور التي تعلّمتُها في هذه الفترة".

لكن هل تعلّمت شيئاً في المطبخ؟

تجيب ضاحكة: "لقد طبختُ كثيراً في هذه الفترة ونجحتُ أخيراً في اكتشاف طريقة تحضير البسكويت برقائق الشوكولا. لم أكن بارعة يوماً في تحضير المخبوزات، لكني أحب الطبخ وقد حضّرتُ حوالى 20 نوعاً مختلفاً من البسكويت برقائق الشوكولا. أصبحتُ بارعة فيها الآن".

هل زوجها بارع في الطبخ أيضاً؟

تقول إيميلي: "جون لا يجيد طبخ أي شيء. لكنه قدّم المساعدة في فروض الرياضيات خلال فترة التعليم المنزلي لأنني فاشلة جداً في الرياضيات. هو أكثر براعة أيضاً في الفنون والحِرَف اليدوية، لكني أفضل منه في اللغة الإنكليزية".

بلانت هي الابنة الثانية من أصل أربعة أشقاء. والدها محامٍ ووالدتها معلّمة وممثلة مسرحية سابقة. (شقيقة بلانت الكبرى، فيليسيتي، متزوجة من ستانلي توتشي. التقى الثنائي خلال زفاف إيميلي وجون في العام 2010). اليوم، يربّي كراسنسكي وبلانت ابنتَيهما هايزل (7 سنوات) وفيوليـت (3 سنوات).

الــــــقــــــيــــــم الـــــــعــــــائــــــلــــــيـــــــة


إلى أي حد يُعتبر التنقل بين حياة التمثيل وتربية الأولاد تجربة شاقة؟

تجيب بلانت: "لا أظن أنها تجربة شاقة لي أكثر من أي أم أخرى أو أب آخر. يستحق جون الإشادة في هذا المجال لأن التركيز يصبّ دوماً على النساء في هذه المواضيع، مع أن التنقل بين مختلف المهام صعب عليه أيضاً. أنا لم أبتعد يوماً عن ابنتيّ لأكثر من أسبوع، وهو لم يبتعد عنهما لأكثر من أسبوعين. إذا تسنى لنا أن نعود لمجرّد رؤيتهما طوال 24 ساعة، لن نتردد في فعل ذلك".

يُعتبر كراسنسكي وبلانت من أسعد الأزواج في هوليوود. تعليقاً على موضوع الحب، تقول إيميلي وهي تضحك: "إنه موضوع كبير ومؤثر وراقٍ ويصعب اختصاره بكلمات بسيطة. كذلك، أنا من إنكلترا ولا أجيد التعامل مع هذه المواضيع كثيراً. لكني فزتُ بالجائزة الكبرى مع جون، لا سيما في مجال الأبوة. هو يكرّس كامل حياته لابنتَيه".

تتصرف بلانت بعفوية وتلقائية، سواء جرت المقابلة معها شخصياً أو عبر تطبيق "زوم". هي شخصية صادقة ومباشرة، كما يوحي اسمها، ولا وقت لديها للمراوغة. كما أنها سريعة البديهة ومتواضعة وبسيطة ومنطقية في تصرفاتها. تبدو إيميلي أكثر جمالاً عند مقابلتها شخصياً، فتلمع عيناها الزرقاوتان حين تبتسم ويسهل أن تصبح ضحكتها مُعدِية للمحيطين بها. على صعيد آخر، تشهد مسيرتها التمثيلية تطوراً متواصلاً. لا يزال رواد السينما تحت سحر الجزء الثاني من فيلم A Quiet Place، لكنها انتقلت إلى مشروع جديد ومن المتوقع أن يُحدِث ضجة أوسع. تقول ضاحكة: "اسم الفيلم الجديد The English (الإنكليزي) وهو من نوع الويسترن. إنه عمل ملحمي وذكي وعنيف في آن. إنه أول فيلم ويسترن أشارك فيه وأتوق إلى خوض هذه التجربة في أسرع وقت! يتسارع خفقان قلبي لمجرّد التكلم عن هذا المشروع".

وعند سؤالها عن رغبتها في تحسين مهارة ركوب الخيل، تقول إيميلي: "نعم، أنا أتدرب منذ فترة وأركب الخيل ثلاث مرات في الأسبوع. لم آخذ أي دروس منذ أن كنتُ صغيرة، لذا تفاجأت ساقاي على الأرجح من عجزهما عن المشي في اليوم التالي. كنتُ أركب حصاناً بطيئاً ثم انتقلتُ تدريجاً إلى حصان سريع بقدر سيارة "فيراري". أنا أتحسن طبعاً، لكني أدرك أنني بحاجة إلى إتقان هذا النشاط. يجب أن أقوم بتدريبات مكثفة أخرى".

يمكن اعتبار بلانت صاحبة الإنجازات الهادئة. تتمسك هذه الممثلة، رغم نجاحها الكبير، ببعض الصفات الإنكليزية الراسخة، فلا تتحمل الصخب أو الميل إلى تهنئة الذات. توضح إيميلي: "في نهاية المطاف، أنا بريطانية. وأظن أننا لا نحبذ بطبيعتنا أي شكل من مظاهر الغطرسة. إنها حالة شائعة. نحن لا نحبذ المبالغة في الإشادة بأنفسنا، ولا نريد أن نعرف قيمتنا أو نقدّر ذواتنا. لكن في الوقت نفسه، لا مفر من أن نبدأ بعد فترة بالتعبير عن حقيقة ما نريده من دون الشعور بالذنب. أظن أن المرأة هي التي تواجه أكبر صعوبة حين ترغب في التعبير عن طموحاتها. لكنّ الطموح يعكس الأحلام التي تصبو إلى تحقيق هدف محدد ولا خطب في ذلك. نحن نعيش اليوم في زمن مثير للاهتمام بالنسبة إلى النساء ونشعر بأن الوضع بدأ يتغير. أنا وصديقاتي نتكلم عن هذا الموضوع طوال الوقت ونؤكد على تغيّر الظروف. لكن ثمة حاجة إلى بذل جهود إضافية طبعاً".


MISS 3