واشنطن تتعهّد حلّ "أزمة الغوّاصات" بالأفعال

جونسون وماكرون متفقان على "التعاون الوثيق"

02 : 00

ماكرون يُحاول استغلال "أزمة الغوّاصات" لتحصيل مكاسب جيوسياسيّة من واشنطن (أ ف ب)

بينما تسعى المملكة المتحدة إلى طي صفحة الخلاف مع فرنسا في "أزمة الغوّاصات"، التي اعتبرتها باريس بمثابة "طعنة في الظهر"، إتفق رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون خلال اتصال هاتفي أمس على "مواصلة العمل معاً بشكل وثيق في كافة أنحاء العالم على جدول أعمالنا المشترك، من خلال الناتو وعلى الصعيد الثنائي".

وأوضحت رئاسة الوزراء البريطانية في بيان أنهما "أعادا التأكيد على أهمّية العلاقة بين المملكة المتحدة وفرنسا"، وذكّرا "بالأهمّية الإستراتيجية لتعاونهما الطويل الأمد في منطقة الهند والمحيط الهادئ وأفريقيا"، بينما أوضح قصر "الإليزيه" في بيان مقتضب أن جونسون "عبّر عن نيّته إعادة التعاون بين فرنسا وبريطانيا، بما يتطابق مع قيمنا ومصالحنا المشتركة (المناخ ومنطقة المحيطَيْن الهندي والهادئ ومكافحة الإرهاب...)". وأضاف: "ردّ رئيس الجمهورية بأنه ينتظر اقتراحات".

وجاء في بيان لـ"10 داونينغ ستريت" كذلك أن جونسون "يتطلّع إلى استقبال الرئيس ماكرون في غلاسكو في تشرين الثاني لحضور كوب 26"، حيث اتفق كلاهما على الحاجة إلى إجراءات مناخية أقوى. كما تطرّق جونسون وماكرون خلال المحادثة إلى القضية الحساسة المتعلّقة بوصول عدد قياسي من المهاجرين الذين يعبرون المانش بشكل غير قانوني. وذكرت الحكومة البريطانية أن جونسون "كرّر موقف المملكة المتحدة بأنّنا بحاجة إلى كسر نموذج عمل مهرّبي المهاجرين الذين يُهدّدون الأرواح"، مشيرةً إلى أن الزعيمَيْن "اتفقا على تكثيف التعاون في شأن هذه القضية".

وقد وصل أكثر من 14000 مهاجر إلى سواحل جنوب إنكلترا عبر قناة المانش منذ بداية العام، وفق وكالة الأنباء البريطانية. وهو عدد يفوق بكثير ما سُجّل في العام الماضي (أكثر من 8000). وكان الهدف من المحادثة التي حصلت صباح أمس "بناءً على طلب" لندن، بحسب باريس، تخفيف حدة التوتر بين البلدَيْن على خلفية الإعلان عن شراكة استراتيجية بين الولايات المتحدة وأستراليا والمملكة المتحدة في 15 أيلول، ما أدّى إلى إلغاء كانبيرا عقداً ضخماً لشراء غوّاصات فرنسية واستبدلتها بغوّاصات أميركيّة تعمل على الدفع النووي.

وفي الغضون، تعهدت الولايات المتحدة الإنتقال من الأقوال إلى الأفعال بغية التغلّب على "أزمة الغوّاصات" مع فرنسا، لكنّها أقرت في الوقت عينه، على غرار باريس، بأنّ الأمر سيستغرق وقتاً. ورأى وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن الخميس أن بلاده تُدرك أن المصالحة مع فرنسا بعد "أزمة الغوّاصات" ستستغرق وقتاً وتتطلّب "عملاً دؤوباً" من جانب واشنطن.

وفي هذا الإطار، قال بلينكن خلال مؤتمر صحافي على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك: "نحن نُدرك أن هذا سيتطلّب وقتاً وعملاً دؤوباً، ولن يُترجَم ببياناتٍ فحسب، بل أيضاً بأفعال". كما تطرّق إلى "التعاون والتنسيق" اللذَيْن تعهّد الرئيسَان بايدن وماكرون تعميقهما خلال محادثتهما الهاتفية الأربعاء، قائلاً إنّ البلدَيْن الحليفَيْن يُمكنهما "فعل المزيد" و"القيام بعمل أفضل".

وتعهّد بلينكن أيضاً العمل على إعادة بناء الثقة مع فرنسا، الحليف الأقدم لأميركا، مشيراً إلى المصالح المشتركة، بما في ذلك الحملة الفرنسية ضدّ تنظيم "الدولة الإسلامية" الإرهابي. وقال للصحافيين: "أنا مقتنع بأنّ مصالحنا معاً قويّة جدّاً، والقيم التي نتشاركها لا تتزعزع، وسوف نمضي قدماً ونُنجز عملاً جيّداً، لكن الأمر سيستغرق بعض الوقت وسيتطلّب عملاً شاقاً".

وتحدّث الوزير الأميركي مطوّلاً عن أهمّية فرنسا، لا سيّما في منطقة المحيطَيْن الهندي والهادئ، فيما عقد بلينكن لقاءً صباحيّاً الخميس في نيويورك مع نظيره الفرنسي جان إيف لودريان. وقال المسؤول الأميركي متحدّثاً عن لودريان: "نحن أصدقاء منذ فترة طويلة. لدي تقدير كبير له". وخلال الأشهر الماضية، لم يُخفِ لودريان إعجابه بنظيره الأميركي الذي يُتقن الفرنسية ويُحبّ فرنسا، البلد الذي قضى فيه سنين مراهقته.


MISS 3