إستحقاق مفصلي قد يُعقّد خلافة ميركل

نتائج متقاربة في الإنتخابات الألمانيّة

02 : 00

شولتز ولاشيت خلال إدلائهما بصوتهما أمس (أ ف ب)

تقدّم الإشتراكيون الديموقراطيون في الإنتخابات التشريعية الألمانية مساء الأحد على المحافظين بزعامة أنغيلا ميركل، الذين تراجعوا إلى مستوى منخفض تاريخيّاً ولطّخوا التقاعد السياسي للمستشارة التي تطوي نحو 16 عاماً في الحكم، تاركةً خلفها إرثاً متبايناً في الداخل والخارج.

ويتقدّم الحزب الإشتراكي الديموقراطي بزعامة أولاف شولتز بفارق طفيف مع حصده 26 في المئة من الأصوات، على المسيحيين الديموقراطيين المحافظين بقيادة أرمين لاشيت، الذي حلّ ثانياً مع 24 في المئة من الأصوات، وفق استطلاعات لدى الخروج من مكاتب الاقتراع، فيما توقعت قناة "ايه آر دي" نسبة متساوية من الأصوات بين الحزبَيْن بلغت 25 في المئة.

واعتبر شولتز عقب صدور الاستطلاعات أن الناخبين الألمان يُريدونه "مستشاراً مقبلاً"، متحدّثاً عن "نجاح كبير"، بينما أكد لاشيت أن الاتحاد المسيحي الديموقراطي يُريد تشكيل الحكومة المقبلة رغم تراجع نتائجه، وقال: "سنبذل ما في وسعنا لتشكيل حكومة"، بقيادة الاتحاد المسيحي الديموقراطي وحليفه البافاري الاتحاد المسيحي الاجتماعي.

وأعلن الأمين العام للحزب الاشتراكي الديموقراطي الألماني لارس كلينغبيل في وقت سابق أن الحزب قادر على تشكيل الحكومة المقبلة، في حين أقرّ المحافظون بـ"خسائر مريرة" في نتائج الإنتخابات التشريعية، وفق الأمين العام للحزب بول زيمياك.

ولم يسبق ان تراجعت نسبة الأصوات لصالح حزب المحافظين إلى ما دون عتبة 30 في المئة. ومهما حدث، فإنّ النتائج التي تلوح في الأفق في ألمانيا تُشير إلى ولادة جديدة غير متوقعة للحزب الاشتراكي الديموقراطي الذي كان يحتضر قبل بضعة أشهر. وقوبلت النتائج بفرح في مقرّ الحزب في برلين.

ومن المؤكد أن المسيحيين الديموقراطيين سيُعانون نكسة غير مسبوقة ستؤدّي إلى اضطرابات داخلية وتعد بخلافة معقّدة لميركل. وتُلقي هذه الإنتكاسة بظلالها على نهاية عهد ميركل التي بقيت شعبيّتها مرتفعة بعد 4 ولايات، لكنّها أثبتت عدم قدرتها على الإعداد لخلافتها.

ويغيب حزب الخضر ومرشحته أنالينا بيربوك عن المشهد إذ حصد ما بين 14 و15 في المئة من الأصوات. لكن يبقى هناك سبب للشعور بالرضا، فقد حطّم الرقم القياسي الذي سجّله في العام 2009 عندما حصل على 10.7 في المئة من الأصوات. ويبدو أن ليبراليي الحزب الديموقراطي الحر، الذي أتى رابعاً بحوالى 12 في المئة من الأصوات، هو "صانع الملوك" الأساسي لبناء تحالف مستقبلي.

ويؤكد اليمين المتطرّف المتمثّل بحزب البديل من أجل ألمانيا، الذي كان دخوله البوندستاغ أبرز الأحداث في الإنتخابات السابقة العام 2017، تجذّره في المشهد السياسي الألماني. لكن مع حصوله على ما بين 10 و11 في المئة من الأصوات، فإنّ الحزب الذي قوّضته الصراعات الداخلية تراجع قليلاً مقارنةً بما كان عليه قبل 4 سنوات (12.6 في المئة).

وإذا تم تأكيد هذا الإتجاه، فإنّ شولتز، نائب المستشارة ووزير المال في الحكومة المنتهية ولايتها، لديه فرص لخلافة ميركل، والشروع في "التغيير" الذي وعد به نهاية الحملة الإنتخابية. ومع ذلك، سيتعيّن على هذا الديموقراطي الإشتراكي الوسطي أن يؤلّف ائتلافاً من 3 أحزاب، وهو سابقة في تاريخ ألمانيا المعاصر. لذلك من المرجّح أن تستمرّ المفاوضات أشهراً، ما يُثير استياء شركاء أكبر اقتصاد أوروبي، الذين يخشون شلل الاتحاد الأوروبي حتّى أوائل العام 2022.

وعلى رغم طرح اسمها لمناصب محتملة في الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة، أكدت ميركل أن خروجها من المستشارية هو أيضاً ابتعاد عن السياسة بالكامل. وخلال رحلتها الأخيرة إلى واشنطن في حزيران، سُئِلَت عمّا تتطلّع إليه مستقبلاً، فأجابت: "عدم الاضطرار لأخذ قرارات".