"الخضر" و"الديموقراطي الحرّ" يتحكّمان بمصير الإئتلاف

ألمانيا تدخل في مرحلة "عدم يقين" سياسي

02 : 00

البوندستاغ الألماني بات يحتضن "تركيبة سياسيّة" منقسمة ومعقّدة (أ ف ب)

تدخل ألمانيا التي كانت قطب استقرار في عهد أنغيلا ميركل، في مرحلة "عدم يقين" نسبي، مع توقع مداولات صعبة لتشكيل الحكومة المقبلة إثر الإنتخابات التشريعية المتقاربة النتائج، ما قد يُبعدها عن الساحتَيْن الأوروبّية والدولية لأشهر.

وأظهرت أولى النتائج الرسمية الموَقتة حصول الحزب الاشتراكي الديموقراطي بزعامة أولاف شولتز على 25.7 في المئة من الأصوات، متقدّماً بفارق ضئيل على المسيحيّين الديموقراطيّين المحافظين بقيادة أرمين لاشيت، الذين حصلوا على 24.1 في المئة من الأصوات، وهي أدنى نسبة لهم.

وتكمن المشكلة في أن كلّاً من المعسكرَيْن يدّعي أنه سيُشكّل الحكومة المقبلة، وينوي كلّ منهما إيجاد غالبيّة في البرلمان. وعمد شولتز، وزير المال ونائب المستشارة المنتهية ولايتها، إلى طمأنة شركائه الدوليين، فقال ردّاً على سؤال لصحافية بريطانية خلال مؤتمر صحافي: "يجب أن تعلموا أن ألمانيا كان لديها دائماً تحالفات وكانت مستقرّة دائماً".

وفي الوقت نفسه، شدّد شولتز الضغط على الاتحاد المحافظ، وقال إنّ اليمين "تلقى رسالة من المواطنين مفادها أنه لا ينبغي أن يكون في الحكومة بل في المعارضة"، فيما تلتقي قيادات الأحزاب المختلفة المحتمل انضمامها إلى تحالف حكومي في برلين.

لكن ذلك لا يحسم النتيجة، ففي ألمانيا لا يختار الناخبون المستشار مباشرةً، بل يُعيّنه النواب ما إن تتشكّل غالبية. ويبدو التوصّل إلى غالبية معقداً جدّاً هذه المرّة، لأنّه ينبغي أن تشمل 3 أحزاب، وهو أمر غير مسبوق منذ 1950 بسبب تشرذم الأصوات، في حين كتبت مجلّة "دير شبيغل": "لعبة البوكر بدأت".

وحلّ خلف الإشتراكيين والمحافظين، الذين حكموا ألمانيا من دون انقطاع منذ فترة ما بعد الحرب، وأحياناً معاً في "تحالف كبير"، حزب الخضر مع 14.8 في المئة من الأصوات، ثمّ الليبراليون مع 11.5 في المئة من الأصوات.

وأعلن زعيم الحزب الديموقراطي الحرّ الليبرالي كريستيان ليندنر أنه سيكون من "المستحسن" لحزبه وحزب الخضر "أن يتناقشا أوّلاً في ما بينهما"، قبل أن يُقرّرا ما إذا كانا سيتحالفان مع المحافظين أو الإشتراكيين. وتلقّت زعيمة الخضر أنالينا بربوك الرسالة جيّداً، واقترحت هي الأخرى بأن يبدأ الحزبان بالتحاور مع بعضهما البعض.

وفي حين تجمع قواسم مشتركة كثيرة حزب الخضر والإشتراكيين، أشار الليبراليون بوضوح إلى أنهم يُفضّلون التحالف مع المحافظين بدلاً من اليسار الوسط. ويُحضّر الليبراليون لعودة من "الطراز الأوّل"، ويؤكدون أنهم أساسيون في تشكيل ائتلاف ما بعد ميركل.

ويُدرك الحزب الديموقراطي الحرّ أنه فاز بأكثر من المرتبة الرابعة. وبات مع حزب الخضر "صانع الملوك" في المفاوضات الطويلة المقبلة لتحقيق غالبية، إذ يُمكن لهما أن يُقرّرا التحالف مع الاشتراكيين الديموقراطيين أو مع المحافظين. ويتحكّم الحزبان الصغيران بمصير الأحزاب الكبرى، شرط أن يتمكّنا من التغلّب على خلافاتهما.

ويبدو أنه من الصعب التوفيق بين نهج الحزب الديموقراطي الحرّ الثابت في موقفه من الموازنة والرافض للزيادات الضريبية وتنظيم الدولة، وخطّ الخضر الذي يُريد رفع الحدّ الأدنى للأجور وفرض ضرائب على الأغنى واستثمار المليارات من المال العام في التحوّل البيئي.

وفي الغضون، أعرب الكرملين عن أمله في الحفاظ على الإستمراريّة في العلاقات مع برلين، وقال المتحدّث باسم الرئاسة الروسية ديميتري بيسكوف للصحافيين: "نُعوّل طبعاً على الإستمراريّة في علاقاتنا الثنائية. من مصلحتنا أن تتواصل هذه العلاقة وتنمو أكثر".

ولفت بيسكوف إلى أنه "يُتابع باهتمام كبير" العملية الإنتخابية في ألمانيا، مشيراً إلى أن موسكو وبرلين ليستا "بمنأى عن الخلافات في وجهات النظر"، غير أن البلدَيْن يُدركان أن "المشكلات لا يُمكن ولا ينبغي حلّها إلّا بالحوار". وأردف: "نحن نعي أن عملية تشكيل ائتلاف ستكون طويلة ومعقدة، سنرى كيف ستسير".


MISS 3