لبنان مصنع لـ"تصدير" أبنائه!

02 : 00

تَحوُّل الهجرة من خِيار "ملجوم"، إلى طموح "جامح" عند كل مواطن لبناني هو أخطر نتائج الأزمة الاقتصادية على المديين المتوسط والبعيد. فبحسب الإحصاءات يمكن إدراج الذين يتركون البلد في خانتين أساسيتين: الأولى، عمرية وتضم الفئة التي تتراوح بين 25 و40 سنة، وهي تشكل 65 في المئة من نسبة المهاجرين. الثانية، مهنية وتضم أصحاب الاختصاص من مختلف المهن الحرة والخريجين الجامعيين. هاتان الفئتان تشكلان عماد الاقتصاد وقلب ماكينة إنتاجه النابض، وعقلها. وبخسارتهما يفقد الاقتصاد الطاقات الشبابية الفاعلة والقادرة على العمل، ويُشل الفكر والعقل الذي يصمم ويخطط ويدير، فيهرم الاقتصاد، ينكمش ويعجز عن تحقيق النمو.

وعلى الرغم من الدور الكبير الذي تلعبه الهجرة في رفد البلد بالعملة الصعبة من خلال تحويلات المغتربين، فهي تبقى بنظر الخبراء "أقل بكثير من القيمة المضافة التي يخلقها أصحاب الاختصاص فيما لو وظفت في البلد. ومهما عظمت المبالغ المحوّلة من الخارج، فهي لا تناهز الفاتورة التي يدفعها الاقتصاد على تربية الأجيال وتعليمها وتكبيرها من دون أن يستفيد منها". فلبنان تحوّل إلى مصنع لـ"تصدير" الشباب في عمر الإنتاج والإبداع. والتحويلات التي تصل سنوياً إلى 7 مليارات دولار من أجيال تعاقبت على الخروج من لبنان، كان يمكن لها أن تكون أكبر بكثير في ما لو تأمن لأصحابها مناخ استثماري، قانوني، سياسي وأمني ملائم في أرض الوطن. أما اليوم وبعد أن حطت الأزمة النقدية والمالية أوزارها على أكتاف الطبقتين المتوسطة والفقيرة، فلم يعد أمام الشباب من حل إلا الهجرة. هذه الحالة إن لم تترجم بالأرقام بعد العام 2019 بشكل كبير بسبب جائحة كورنا وإقفال أسواق العمل في مختلف دول العالم، فهي "متأهبة"، ولن تلبث أن تحقق أرقاماً فلكية فور استعادة الاقتصاد العالمي نشاطه ونموه وفتح باب الهجرة والتوظيف.


MISS 3