خروج تظاهرات قُبيل الإنتخابات البرلمانيّة المبكّرة

العراقيّون يحيون الذكرى الثانية لـ"ثورة تشرين"

02 : 00

المواجهة بين الثوّار و"المنظومة الفاسدة" مستمرّة في "بلاد الرافدين" (أ ف ب)

تظاهر آلاف العراقيين من ثوّار الأوّل من تشرين 2019 في بغداد والجنوب أمس، إحياءً للذكرى الثانية لانطلاقة الاحتجاجات الشعبية غير المسبوقة، في تحرّك ميداني يأتي قُبيل إنتخابات برلمانية مبكرة لا يتوقع خبراء أن تُحدث تغييراً كبيراً.

ووسط حضور أمني مكثّف، رفع المتظاهرون الذين بدأوا المسيرة نحو "ساحة التحرير" في العاصمة العراقية، مركز احتجاجات العام 2019، الرايات العراقية وصور شباب قُتِلوا خلال القمع الدموي الذي تعرّضت له التظاهرات حينها، وراح ضحيّته نحو 600 شخص، فيما جُرِحَ أكثر من 30 ألفاً.

وتضمّنت اللافتات صور ناشطين قُتِلوا في ما بعد على غرار رئيس تنسيقية الاحتجاجات في كربلاء إيهاب الوزني، الذي أُردي برصاص مسلّحين أمام منزله في أيار بمسدّسات مزوّدة بكواتم للصوت، فيما يُوجّه الثوّار أصابع الإتهام في شأن عمليات التصفية التي تطال الناشطين، إلى عناصر ينتمون إلى ميليشيات تدور في فلك إيران.

كما رفع آخرون لافتات كُتِبَ عليها: "متى نرى القتلة خلف القضبان؟"، و"نُريد وطناً، نُريد تغييراً!"، فيما ما زال المتظاهرون يُطالبون الحكومة بمحاسبة المسؤولين عن الاغتيالات التي طالت الناشطين. ورفع متظاهرون أيضاً لافتات كُتِبَ عليها: "إنتخاب نفس الوجوه مذبحة للوطن!"، و"كلا كلا للأحزاب الفاسدة، كلا كلا للسياسيين الفاسدين!"، و"لا تنتخب من قتلني!".

وجنوباً في الناصرية التي قُتِلَ فيها 128 متظاهراً في عمليات القمع وتُعدّ معقل الاحتجاجات في جنوب العراق، أحيا الآلاف الذكرى في ساحة الحبوبي ذات الرمزية الكبيرة، مطالبين كذلك بالكشف عن المسؤولين عن قتل وخطف ناشطين.

واعتبر المتظاهر علي الشمخاوي من المدينة أن "هذه لحظات تاريخية نستذكر فيها الاحتجاجات والمواجهات مع قوى الفساد والقتل والسلوك الإجرامي، أمام صمت الحكومة".

ومنذ اندلاع الاحتجاجات الشعبية في العراق، تعرّض أكثر من 70 ناشطاً للاغتيال أو لمحاولة اغتيال، في حين اختطف عشرات آخرون لفترات قصيرة. ولم تُعلن أي جهة مسؤوليّتها عن عمليات قتل الناشطين وخطفهم، لكنّ المتظاهرين يتّهمون بذلك فصائل مسلّحة موالية لطهران.

وبالعودة إلى "ساحة التحرير" في بغداد، قال إبراهيم وهو متظاهر يبلغ من العمر 20 عاماً لوكالة "فرانس برس": "خرجنا اليوم (أمس) كمتظاهرين سلميين لنُعيد إحياء ذكرى 1 تشرين الأوّل، ذكرى المجزرة التي ارتكبتها الحكومة ضدّ الشباب السلميين، وإحياء لذكرى الشهداء ولتثبيت موقفنا وكلمتنا"، مشدّداً على أنّه "لن نُشارك في الإنتخابات لأنّها ستُنتج النظام الفاسد نفسه وستعود الأحزاب الفاسدة نفسها".

واختار ناشطون وتيارات منبثقة عن "ثورة تشرين" مقاطعة الإنتخابات النيابية المبكرة المقرّرة في العاشر من تشرين الأوّل. ورغم تقديم مستقلّين أنفسهم كمرشّحين لهذه الإنتخابات التي تجري وفق قانون انتخابي أحادي جديد قلّص عدد الدوائر الإنتخابية، إلّا أن خبراء يرون أنهم مجرّد واجهة لأحزاب تقليدية ستُعاود الهيمنة على المشهد السياسي، متوقعين نسبة مقاطعة كبيرة بين الناخبين الـ25 مليوناً.

ويسود شعور بالإحباط واليأس في أوساط الناشطين إزاء إمكانية أن تحمل الإنتخابات النيابية المبكرة تغييراً، فيما لا يزال العراق غارقاً بأزمات عديدة كإنقطاع الكهرباء والنقص في الخدمات وتدهور الوضع الاقتصادي والبطالة المرتفعة بين الشباب، نتيجة سنوات من الحروب والفساد المزمن.

وكان يُفترض أن تجرى هذه الإنتخابات في موعدها الطبيعي في العام 2022، غير أن عقدها مبكراً كان واحداً من أبرز وعود حكومة مصطفى الكاظمي التي تولّت السلطة على وقع تظاهرات خريف العام 2019، حين نزل مئات الآلاف من العراقيين إلى الشارع مطالبين بإسقاط النظام الفاسد وبإنهاء التدخّلات الإيرانيّة في الشأن الداخلي العراقي.


MISS 3