جاد حداد

هل يؤثّر ما نأكله على نومنا؟

6 تشرين الأول 2021

02 : 00

يفكر الجميع بأهمية اختيار حمية متوازنة وممارسة الرياضة كجزءٍ من السلوكيات الصحية، لكن يُعتبر النوم من أهم ركائز أسلوب الحياة الصحي لأنه يُحضّرنا للأيام التي تنتظرنا. إذا كنتَ تنام بعمق طوال سبع أو ثماني ساعات، ستستيقظ بكل نشاط في صباح اليوم التالي. تكون الحمية الغذائية والرياضة والنوم عوامل متداخلة وتؤثر على بعضها البعض، وقد تنعكس كلها على راحتنا اليومية ومتوسط العمر المتوقع.

للحفاظ على الصحة وتجنب بعض الأمراض، مثل البدانة، وأمراض القلب، وارتفاع ضغط الدم، والجلطات الدماغية، والسكري، واضطرابات كثيرة أخرى، يجب أن نعطي الأولوية للنوم. سنتمكن حينها من تحسين خياراتنا الغذائية واكتساب الوعي الغذائي عبر الإصغاء إلى شهيتنا الحقيقية.

باختصار يؤثر النوم على أنماطنا الغذائية، وتؤثر أنماطنا الغذائية على نومنا.

توصي "المؤسسة الوطنية للنوم" الراشدين بالنوم بين سبع وتسع ساعات كل ليلة. لكن تكشف معطيات "مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها" أن شخصاً واحداً فقط من كل ثلاثة راشدين يلتزم بهذه التوصيات. في الوقت نفسه، يجد الناس صعوبة في النوم ويواجهون مشاكل على مستوى الوزن والخيارات الغذائية. تذكر دراسة بحثية مثلاً أن مجموعة المشاركين التي اكتفت بالنوم لأربع ساعات فقط استهلكت 300 سعرة حرارية إضافية يومياً مقارنةً بالمجموعة التي كانت ترتاح طوال تسع ساعات.

بسبب الحرمان من النوم، تضطرب الهرمونات التي تؤثر على الشهية والشبع. يزيد هرمون الغريلين شهيتنا، ويؤثر اللبتين على شعورنا بالشبع. وحين لا ننام لمدة كافية، يرتفع مستوى الغريلين مقابل تراجع اللبتين. راقب الباحثون 495 امرأة وحللوا أنماط النوم وكميات الطعام اليومية ونوعيته لديهنّ. فاكتشفوا أن تدهور نوعية النوم يرتبط بزيادة استهلاك الطعام وتراجع نوعية الحمية.

أفضل المأكولات لتحسين النوم

حللت إحدى الدراسات الرابط القائم بين مدة النوم (بناءً على تسجيلات جهاز يوضع حول المعصم لمراقبة النشاطات وأوقات الراحة) وأعراض الأرق (بناءً على استبيان تقاسم فيه المتطوعون تجاربهم الشخصية) من جهة، وتبنّي حمية متوسطية (انطلاقاً من تقارير ذاتية في استبيان حول وتيرة الأكل) من جهة أخرى. كشفت النتائج أن الحمية المتوسطية ترتبط بتحسّن مدة النوم وتراجع أعراض الأرق.

تشمل الحمية المتوسطية أغذية طازجة وكمية كبيرة من الفاكهة والخضار، والخبز، وحبوب أخرى، والبطاطا، والفاصوليا، والمكسرات والبذور، وزيت الزيتون كمصدر أساسي للدهون، فضلاً عن مشتقات الحليب والبيض والأسماك والدواجن بكميات صغيرة أو معتدلة. تفرض هذه الحمية أيضاً الحد من استهلاك اللحوم الحمراء وتجنّب المنتجات المُصنّعة. ويمكن استهلاك النبيذ باعتدال، لكن من الأفضل ألا نشرب الكحول قبل الإيواء إلى الفراش لأنه قد يعيق النوم.

أي رابط بين الحمية المتوسطية والنوم؟

يكون جزء أساسي من الأغذية في الحمية المتوسطية غنياً بالميلاتونين والسيروتونين والفيتامين D. تكشف الأبحاث الأولية أن بعض المأكولات قد يُحسّن النوم، بما في ذلك الحليب، والأسماك الدهنية، وعصير الكرز الحامض، وفاكهة الكيوي. يسهل أن تدخل هذه الأغذية كلها في خانة الحمية المتوسطية.

لا تزال الآليات التي تسمح لهذه الأغذية بتحسين النوم غير واضحة. تكون الأسماك الدهنية، مثل السلمون، غنية بالفيتامين D وأحماض الأوميغا 3 الدهنية، ومن المعروف أن هذين النوعَين يسهمان في تنظيم السيروتونين وقد يؤثران على النوم. أما الكرز الحامض، فهو يحتوي على كمية كبيرة من الميلاتونين، وقد كشفت الدراسات أن شرب عصيره قد يزيد نسبة الميلاتونين في البول (لكن حذار من كمية السكر في عصير الكرز الحامض إذا كنت تحاول فقدان الوزن!). على صعيد آخر، يقال إن فاكهة الكيوي قد تُسهّل النوم بسبب احتوائها على كمية كبيرة من مضادات الأكسدة، فضلاً عن السيروتونين وحمض الفوليك. لكن تبقى هذه الأفكار مجرّد فرضيات حتى الآن، ولا بد من إتمام أبحاث مكثفة أخرى قبل استخلاص استنتاجات جازمة حول أثر أي غذاء على النوم.


خــــــــلاصــــــــة


• قلة النوم قد تدفعنا إلى الإفراط في الأكل وتنعكس سلباً على خياراتنا الغذائية.

• قد لا تكون الحمية المتوسطية مفيدة للقلب والدماغ فحسب، بل إنها تفيد النوم أيضاً.

• يحتوي عدد من أبرز الأغذية في الحمية المتوسطية على كمية كبيرة من الميلاتونين والسيروتونين والفيتامين D، وقد تُحسّن هذه الأصناف نوعية النوم.

• ثمة حاجة إلى إجراء أبحاث إضافية لتحديد الرابط بين أي حمية وبعض المغذيات والنوم.