القادة الأوروبّيون يرصّون الصفوف لمواجهة التحدّيات

ماكرون يستقبل بلينكن: لاستعادة الثقة

02 : 00

القادة الأوروبّيون المشاركون في لقاء قصر بردو على مقربة من العاصمة السلوفينية أمس (أ ف ب)

بعد "الحرد" الفرنسي على الولايات المتحدة، بدأت باريس باعتماد سياسة أكثر ديبلوماسية في التعاطي مع حليفتها التاريخيّة واشنطن، إذ استقبل إيمانويل ماكرون في باريس وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن أمس لتحضير "القرارات الملموسة" التي سيُعلنها الرئيسان الفرنسي والأميركي نهاية الشهر الحالي من أجل التوصّل إلى مصالحة بعد "أزمة الغوّاصات" غير المسبوقة في منتصف أيلول. وأوضح قصر الإليزيه أن "اللقاء المنفرد المطوّل"، الذي لم يكن على جدول الأعمال في البداية، يرمي إلى "الدفع في اتجاه استعادة الثقة بين فرنسا والولايات المتحدة"، فيما كشف مصدر ديبلوماسي فرنسي أن الأميركيين يأخذون على محمل الجدّ غضب حليفهم القديم، ولا يُحاولون فقط اللجوء إلى "العلاج عن طريق العناق والاحتضان".

كما يُواصل البلدان الحليفان "عملهما التنسيقي في القضايا ذات الاهتمام المشترك، سواء كان التعاون بين الاتحاد الأوروبي و"حلف شمال الأطلسي" أو في منطقة الساحل ومنطقة المحيطَيْن الهندي والهادئ"، بينما أشاد مسؤول أميركي رفيع باللقاء "الإيجابي والمثمر"، مشيراً إلى "توافق على وجود فرصة أمامنا لتعميق وتعزيز التنسيق، خصوصاً في مجال الدفاع".

لكنّ المسؤول الأميركي اعتبر في الوقت عينه أنّه "لا يزال هناك الكثير من العمل الشاق الذي يتعيّن القيام به لتحديد القرارات الملموسة"، التي ستُرفع إلى الرئيسَيْن في اجتماعهما المقرّر عقده نهاية تشرين الأوّل في أوروبا.

وبحسب المسؤول الأميركي، كانت الأجواء جادة، ولم تُركّز المحادثات على الإتهامات الفرنسية حول إتفاق "أوكوس" على عكس ما حدث خلال مقابلة سابقة بين بلينكن ونظيره الفرنسي جان إيف لودريان في نهاية أيلول في نيويورك.

ورغم ذلك، فقد تميّز "لقاء لمّ الشمل الباريسي" بترحيب أقلّ مِمَّا كان عليه في الماضي. فمن المؤكد أن لودريان استقبل نظيره على انفراد في مقرّ وزارة الخارجية لفترة مطوّلة قبل الاجتماع الرسمي، لكنّه لم يظهر معه إلّا في الحدّ الأدنى، كما لم يتمّ تحديد موعد لمؤتمر صحافي مشترك.

وفي باريس كما في واشنطن، وأيضاً في بروكسل، يُحاول الكلّ الخروج من الأزمة بمظهر الرابح من خلال توضيح العلاقة عبر الأطلسي. وترى فرنسا "طريقاً محتملاً لتعميق التعاون، وتأمل في الحصول من الولايات المتحدة على مزيد من الدعم للمشروع الذي يدفع به ماكرون للدفاع الأوروبي المكمّل لحلف شمال الأطلسي"، وفق مصدر ديبلوماسي.

وترغب السلطات الفرنسية أيضاً في "تعزيز الدعم الأميركي لعمليات مكافحة الإرهاب التي تقوم بها الدول الأوروبّية في منطقة الساحل". كذلك، يُطالب الرئيس الفرنسي بالاعتراف بوضع فرنسا كـ"قوّة في منطقة المحيطَيْن الهندي والهادئ" في إطار ما زال يتحتّم تحديده.

وبعد الإنسحاب الفوضوي من أفغانستان و"أزمة الغوّاصات" ومغادرة أنغيلا ميركل المرتقبة لمنصبها، اجتمع قادة الاتحاد الأوروبي في سلوفينيا أمس لرصّ صفوفهم في مواجهة التحدّيات الجيوستراتيجية على الساحة الدولية. ووصل قادة 27 بلداً وحكومة إلى قصر بردو على مقربة من العاصمة السلوفينية ليوبليانا، للاجتماع حول مأدبة عشاء عشية القمة المخصّصة لتوسيع عضوية الاتحاد في غرب البلقان.

وعلى الرغم من أنه من غير المتوقع اتخاذ أي قرار، فإنّ "هذه المرّة الأولى التي يلتقون فيها منذ حزيران، أي منذ وقت طويل جدّاً في ضوء اضطرابات الأشهر الأخيرة"، وفق قول ديبلوماسي رفيع. وفي رسالته لدعوتهم إلى سلوفينيا التي تتولّى الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي، دعا رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشيل إلى "نقاش استراتيجي حول دور الاتحاد على الساحة الدولية".

واعتبر ميشيل أن "الاتحاد الأوروبي يجب أن يُعزّز نفوذه"، مشيراً إلى "التطورات الأخيرة في أفغانستان" والإعلان عن الاتفاقية العسكرية بين الولايات المتحدة وأستراليا والمملكة المتحدة التي سبّبت أزمة مع فرنسا، وكذلك "العلاقات مع الصين"، فيما أوضح مستشار في الإليزيه أن "الميزة الأهمّ لعشاء عمل من هذا النوع مع مجموعة واسعة من المناقشات هي أنه يسمح بإجراء نقاش حرّ".


MISS 3