طوني فرنسيس

أين الحكومة بعد شهر على ولادتها؟

12 تشرين الأول 2021

02 : 00

أنهت حكومة ما بعد تفجير بيروت الشهر الأول من عمرها. ولدت في العاشر من ايلول ومنحها ذووها في مجلس النواب ثقةً منتظرة ووازنة في 20 منه. اذن هي في الحكم منذ شهر بالتمام والكمال.

كانت سنة الشهور الـ13 التي استغرقها البحث عن حكومة جديدة مليئة بانجازات تعميم الفقر واليأس والفشل. خلالها مورست آخر إبداعات المناكفة السياسية التقليدية بنكهة الارتباطات الإقليمية والخارجية، وطارت من جدول الأعمال الابحاث الجادة بما نحن فيه ومن أوصلنا اليه وكيف ولماذا.

لم تشهد سنة الفراغ الطويلة بعد تفجير بيروت اي نقاش حول برنامج الحكومة المنتظرة، ولا حول أساسيات الإصلاح. لم يتحدث أحد من المطروحين لتولي المسؤولية حول المخارج من كارثة التيار الكهربائي، او الحلول لمسألة ودائع اللبنانيين المحتجزة والمنهوبة، وغابت ثروات النفط والغاز الموعودة عن الصورة تماماً بعد ان شمّت احدى الزميلات رائحته وهي تتصاعد من مياه البحر المتوسط…

في الوقت نفسه بلغ انهيار الليرة ذروته وحلقت الاسعار واتحد أصحاب القرار على مواصلة سياسة الدعم حتى آخر قرش من اموال المودعين، وبدا ان تلك كانت سياستهم الوحيدة في زمن غياب السياسة، ليذهب المردود الى حفنة التجار والمهربين والجيران المحتاجين.

بكى الرئيس ميقاتي على حالة الامهات لدى تشكيل الحكومة ثم أعرب عن حزنه العميق لخرق المحروقات الايرانية السيادة اللبنانية، وفي اطلالة اخيرة كاد يعترف بالعجز والفشل، فـ"العين بصيرة واليد قصيرة"…

صحيح ان الدولار واكب إعلان الحكومة تراجعاً، لكن تراجعه بقي ضمن لعبة المضاربين والسوق. وها هو يستعيد تألقه ويمعن في افلاس الموظفين والعمال واصحاب الرواتب. حتى وزير الداخلية شكا من تآكل راتبه. ومع قيام الحكومة تضاعفت اسعار المحروقات والسلع وتكاليف الحياة ولم يتناهَ الى مسامع احد بوادر خطة للانقاذ غير تلك التي تشبه اكتشاف الغاز والنفط، وبدلاً منها تتكرر لازمة التفاوض مع بلوك صندوق النقد الدولي.

إنها ايام عصيبة على اللبنانيين، من غير الواضح ما اذا كانت عصيبة على الحكومة وعناصرها. فمن غير المفهوم ألا تتحول هذه الحكومة الى خلية عمل تعقد اجتماعات مفتوحة يومياً لبحث الخطط واتخاذ القرارات، ومن غير المفهوم ان تتلهى بتعيينات وتنفيعات لإرضاء بعض رعاتها وليس للحاجة الماسة، فيما البلد يواصل انهياره وانحداره.

أمران فقط يجب الانكباب عليهما، الاول خطة انقاذ يطلع عليها الناس ويقولون رأيهم بشأنها، والثاني تهيئة الاجواء لانتخابات عامة في موعدها، نيابية وبلدية واختيارية، فاذا فعلت ذلك لها السلام واذا لم تفعل فعليها وعلى البلد السلام.