طوني كرم

من الساحات إلى الإستحقاق الدستوريّ!

ثائرات جمعتهنّ "17 تشرين" هل تفرّقهنّ الإنتخابات؟

16 تشرين الأول 2021

02 : 00

0
غداً تحلّ الذكرى الثانية لـ "17 تشرين" في أوج أزمة غير مسبوقة في تاريخ لبنان المعاصر، وفي عز الصراع بين القوى المهيمنة على القرار السياسي والمحقق العدلي طارق البيطار التي اشعلت الشوارع الملتهبة. صراع قد يطيح بالإستحقاق الإنتخابي والحكومة في آن. فما حال الثوّار، والثائرات على مشارف سنة الإستحقاقات؟




طبعت المطالب الإصلاحية الحراك الذي إنطلق في 17 تشرين قبل أن تفرمل جائحة كورونا والتحديات المعيشية من اندفاعة الساحات التي أصبحت قبضاتها المرفوعة من الماضي فارتاحت السلطة إلى وضعها ولم ترِح الناس. واليوم كثرٌ، يفتقدون "17 تشرين"، ويفتقدون قيادة تمتلك رؤية سياسية موحدة، وعناوين واضحة تدير التنوّع بين مكوّنات "الثورة"، وتطرح حلولاً عملانية تعيد الثقة وترسم معالم قيام دولة المواطنة والقانون. وبمجرّد البحث عن قادة الحراك، لا بدّ من التوقف عند نساء كن جزءاً فاعلاً من الحراك، طرحن رؤى وواجهن تحديات وحققن منجزات في عامي الثورة وما قبلهما.


بولا يعقوبيان


يعقوبيان.. وثورة الصناديق

توقفت النائبة (المستقيلة) بولا يعقوبيان عند أهمية الدور الريادي للنساء في الحياة السياسيّة، مشيرة إلى أنهن أفراد من المجتمع، ويعشن الحياة المزرية التي يعيشها جميع المواطنين، والتي تدفعهن إلى الثورة والإنتفاضة على الوضع القائم.

وعشيّة الذكرى الثانية لـ "17 تشرين"، شددت يعقوبيان على أنّ النظام بحاجة إلى إصلاح جذري، والقيام بتأسيس شيء آخر جديد، وذلك من خلال إطلاق اللبنانيين عملية التغيير في أحزابهم، وفي طريقة تصويتهم، وعقليتهم، والتحرر من الخوف المذهبي والطائفي، عبر إستخدام الوسائل الديموقراطية المتاحة، وعدم التخلي عنها بغض النظر عن الظروف والقانون، والأساليب التي تعتمدها السلطة من اجل تيئيس اللبنانيين وتهجيرهم.

ورأت أنه على الرغم من سعي أجهزة وأحزاب السلطة إلى شرذمة الصوت المعارض، إلّا أنهم لم يتمكنوا من قمع "الثورة" التي أصبحت "ثورة في الصناديق"، و"ثورة وعي"، عبر إكتساح الإنتخابات الطلابية والنقابية بوجه لوائح أحزاب السلطة، والتصويت للتغيير، ومن أجل لبنان مختلف، بعيداً عن نهج المجموعات التي إعتادت على تقاسم السلطة، والتي ادت إلى الفشل الذي وصلنا إليه اليوم.

وعلى الرغم من حذر يعقوبيان من الأساليب التي تعتمدها الأجهزة لتزوير الإنتخابات، تحديداً بعد ما حصل في إنتخابات 2018 مع المرشحة جومانة حداد ( حصلت على 431 صوتاً في دائرة بيروت الأولى) شددت على أهميّة الإقتراع بكثافة للحدّ من قدرة السلطة على التزوير، لتتحول بذلك "الثورة"، من الشارع والشغب، إلى ثورة تغييرية تقطع الطريق أمام تفرّد السلطة في إعادة إنتاج نفسها، والذي في حال حصوله سيكون من أكبر الكوارث التي سوف يبتلي بها الشعب اللبناني. وإلى جمهور "17 تشرين" توجهت بالقول: "إلّا اليأس.. اليأس ما يقتل الثورة".


حياة أرسلان



سيادة لبنان أولاً

بدورها تسعى الأميرة حياة أرسلان من ضمن "مجلس مجموعات من الثورة" إلى توحيد الجهود من أجل تكامل جبهات "الثورة" وخوض الإنتخابات بلوائح موحدة على صعيد لبنان، عبر حثّ الإئتلافات على تقديم تنازلات للإتفاق على المرشح الأفضل لإنجاح المعركة.

أرسلان التي تقارب الإنتخابات بشكل واقعي وعملاني، ترفض منطق الإقصاء والإلغاء الذي تقوم به بعض الإئتلافات، وترى أن المعركة الإنتخابية قد تفرض تحالفات مرحليّة وإنتخابيّة، قد تكون "رفقة طريق"، لكن التحالف في العمق لا يمكن أن يكون إلّا مع الذين يحملون المبادئ التي يؤمنون بها ويسعون إلى تحقيقها، وأبرزها تحقيق سيادة لبنان.

ولأن السيادة لا يمكن أن تتحقق في ظل الإحتلال، تطالب بوضوح من ضمن المجموعات السيادية برفع الإحتلال الإيراني عن لبنان والقضاء على الفساد، مع مراعاة الإئتلافات الأخرى التي ترفض الإصطدام مع "حزب الله"، منعاً لتشتيت "الثورة".

وتخوفت أرسلان من إرتفاع نسبة الهجرة، وتأثيرها على الإنتخابات النيابية، في ظل سعي المسؤولين إلى حرمان المغتربين من التأثير في الإنتخابات، عبر تحديد 6 مقاعد لهم في الخارج كما ينص القانون الحالي، وسلبهم الحق في ممارسة كامل حريتهم في إختيار النواب الـ 128 الذين يمثلون الدوائر الإنتخابية الـ 15 في لبنان.


غادة عيد



عيد: الثورة أخطأت

الإعلامية غادة عيد، أعلنت عبر "نداء الوطن"، أنّ "17 تشرين" لم تولد من ترف، بل من حاجة المجتمع إليها، ومن واقع مرير عند الناس التي فقدت إنتماءها وثقتها في الدولة، قبل أن تفرض الأمور الحياتية نفسها على الثوار الذين تعرضوا إلى أبشع أنواع الضغوطات من قبل السلطة، وينكبون على تأمين أبسط مقومات الصمود اليومية. ورأت أن "الثورة" أخطأت في أنها لم تفرز مجلس قيادة، لأن نسيج المجتمع اللبناني الذي يفتقد القدرة على العمل الجماعي لصالح الـ "أنا"، دفع الثوار إلى رفض إبراز قيادات من "الثورة"، وهذا ما لا يمكن أن يستمر في خلال خوض الإنتخابات النيابية التي تتطلب توحيد الرؤية. وتوجهت عيد إلى الشخصيات السياسية "المستقلة" عن الأحزاب والتي تشكل جزءاً من السلطة، بالقول: "روحوا اشتغلوا على تشكيل جبهة معارضة، ولكن دعوا الثوار وشأنهم، دعوا المجتمع المدني الثائر وشأنه، لماذا أتيتم إلى الثوار من أجل شرذمة صفوفهم؟".

عيد التي لم تجد نفسها مضطرة إلى مراعاة أيٍّ من مكونات "الثورة" المتلوّنة، أشارت إلى أنها سوف تخوض الإنتخابات بعناوين تغييرية محددة، ألا وهي: "مشروع الدولة"، أي دولة صاحبة السيادة، ضدّ السلاح غير الشرعي، ضدّ الفساد، ضدّ منطق غلبة القوة، ومنطق تغليب القانون، تمهيداً لتطبيق الحوكمة ونظام الحكم الصالح.

وشددت عيد على أنّ الدولة بسلاح غير شرعي لا يمكن أن تستقيم، مشيرة إلى أنّ الذين لا يريدون رفع هذه الشعارات، لن ينالوا أصوات الناس التوّاقة إلى التغيير.

ورأت أن الهدف اليوم جمع اللبنانيين تحت مشروع الدولة، مع رفض اداء الأحزاب، ولو غيّرت مرحلياً في خطابها. وأشارت إلى أنّ اللوائح التي ستضم شخصيات حزبيّة لا يمكن القول أنها تمثّل "الثورة"، لأن الثوار على الأرض يرفضون التحالف معها إنتخابياً اليوم. وتوقفت عيد عند أهمية "17 تشرين" في تاريخ لبنان الحديث، رغم عدم إكتمال معالمها كـ "ثورة"، إلا أنها خلقت نواة سوف تترجم في صناديق الإقتراع، رغم صعوبة القانون الإنتخابي والحالة المادية الصعبة التي تمرّ بها البلاد، وكون "الثورة" هي حالة تراكمية، فإن وهجها سيظل قبل وخلال وبعد الإنتخابات من أجل رفض كل أداء المنظومة لإنقاذ لبنان.


هيلين شمّاس



شمّاس: التعاون يحقق التغيير

ولأن مطالب "الثوار" لا يمكن إختزالها أو إقصاء أي من المكونات التي شاركت في ساحات "17 تشرين" عنها، تشير الدكتورة إيلين شمّاس، مسؤولة قطاع الصيادلة في حزب القوات اللبنانية والناشطة ضمن مجموعات الحراك إلى أنها شاركت مع مجموعة القمصان البيض المتميزة عن غيرها من المجموعات بإمتلاكها مشروعاً واضحاً لإصلاح النظام الصحي وإعادة لبنان إلى المكانة التي سبق أن تميّز بها كونه مستشفى الشرق الأوسط، إلى جانب العناوين السيادية التي يطالبون بها إلى جانب الثوار.

شمّاس التي ترى من موقعها أنه من الخطأ الإستمرار في إقصاء الناس عن بعضها البعض، تدعو إلى الإنفتاح على الأشخاص الذين لديهم الأفكار التغييرية، وإستقطابهم من أجل تحقيق الأهداف التي يطالبون بها، وأبرزها تحقيق السيادة ومكافحة الفساد.

وتوقفت شمّاس عند أهمية التنسيق مع المجموعات السيادية، كون "الثورة" ليست حكراً على عدد معين من المجموعات، بل هي فكر، والفكر يقوم على فصل الحقّ عن الباطل، وبوجود أشخاص لديهم نيّة التغيير، ويمتلكون الجرأة والخبرة من أجل تحقيق الإصلاح المنشود. وتوجهت إلى المجموعات التي ترفض مشاركة الأحزاب في "17 تشرين" بالقول إنه ليس بالضرورة أن يكونوا مع الأحزاب، ولا الأحزاب أن تكون معهم، لكن المهم هو التعاون، وبغياب التعاون لا يمكن أن يتحقق التغيير.


حليمة قعقور



المقاومة حقّ

ورأت الدكتورة حليمة قعقور، عضو المكتب السياسي في حزب "لنا"، أن "17 تشرين" إنطلقت إلى مرحلة متقدمة يغلب عليها النضج السياسي والتنظيم عبر أحزاب جديدة، تشكل مصدر غنىً لـ "الثورة"، وتساعد في عمليّة تنظيم الإختلاف في ما بينها، بعيداً عن إتباع أساليب السلطة من أجل شدّ العصب عبر شيطنة الآخر، وتساعد المجموعات على عقد تسويات في ما بينها بما يتناسب مع المبادئ الأساسيّة التي تناضل من أجل تحقيقها، والتي تراعي رغبة الشباب والشابات الذين لا يريدون التحالف مع الشخصيات والأحزاب التقليدية التي سبق أن شاركت في السلطة، من أجل تقديم صورة واضحة وسهلة إلى الناس كي يتمكنوا من اختيار لوائح "الثورة"، وقطع الطريق أمام أساليب القمع التي تقوم بها أحزاب السلطة اليوم من خلال شيطنة وجوه الثورة، واغتيالها معنوياً. وعن العناوين الخلافية بين مكونات "الحراك"، أشارت قعقور إلى أنّ "الثورة" حيّدت موضوع السلاح، إنما كمجموعات وتنظيمات سياسيّة لا يمكن أن تحيّد موضوع السلاح الذي يجب أن يكون الموقف والقرار منه واضحاً. وأضافت في حديثها إلى "نداء الوطن"، إلى أنهم لا يخوضون الإنتخابات كـ "ثورة"، إنما كمجموعات وتنظيمات معارضة، يجب أن تكون مواقفها واضحة، مشيرة إلى أنّ السيادة لا يمكن أن تتجزأ، ويجب أن يكون السلاح في يد الجيش اللبناني، لتستطرد قائلة: "إنّ المقاومة ضدّ إسرائيل هي حقّ، سوف نقاوم العدو الإسرائيلي بشتى الوسائل المتاحة، ولكن المقاومة لا يمكن أن تكون حصراً "شيعيّة"، تقتصر على السلاح، ولا تتعدى ذلك إلى مقاومة بالفكر من أجل بناء دولة، بجيش قوي، وإقتصاد قوي، ومؤسسات ديموقراطية. مقاومة وطنية وليس مقاومة عنصرية فئوية على الحدود الجنوبية. المقاومة التي نراها هي طبعاً ضدّ العدو الإسرائيلي، وطبعاً مع المقاومة ضدّه، ولكن نرى المقاومة بطريقة مغايرة جداً عن مقاومة "حزب الله".


نيللي قنديل



نيللي قنديل: لا للإحتلال الإيراني 

بدورها أشارات الناشطة ضمن المجموعات السيادية ولقاء سيدة الجبل، نيللي قنديل، إلى أن العديد من المجموعات تخاف تصويب البوصلة والقول إن المشكلة تكمن في هيمنة "حزب الله" على المؤسسات وإمتلاكه سلاحاً غير شرعي، في مقابل المجموعات التي كسرت حاجز الخوف، وأصبح شعارها "صفر خوف"، وتجاهر علناً بالقول: "لا للإحتلال الإيراني".

وتوقفت قنديل عند أحقية المطالب الأخرى، من مكافحة الفساد، وإعادة إنتظام عمل المؤسسات... لتؤكد على مطالب المجموعات السيادية بأن المدخل إلى الحلّ في لبنان يكون عبر تطبيق السيادة الكاملة، والحياد، ونزع السلاح الغير شرعي، ليكون السلاح حصراً بيد القوى الأمنية الشرعيّة، وتطبيق إتفاق الطائف والقرارات الدولية 1559، 1680، 1701.


ليال بو موسى



بو موسى: لتنظيم الإختلاف


بدورها رأت الزميلة ليال بو موسى أنّ ما حصل في "17 تشرين" وإستمر إلى أيام معدودة من بعدها هو صرخة حقيقية صادقة من قبل الناس الذين نزلوا إلى الشارع، وإستطاعوا أن يطبعوا هذا التاريخ في حسابات السلطة.

بو موسى التي سبق أن ترشحت إلى الإنتخابات النيابية في 2018، أشارت إلى أن الوضع الذي وصلنا إليه اليوم كان متوقعاً وقد سبق لحركة "مواطنون ومواطنات في دولة" أن حذرت من الإنهيار الذي نعيشه اليوم، خلافاً للحملات الإعلانية التي إنتهجتها أحزاب السلطة لتطمين المواطنين على إستقرار عملتهم وصلابة القطاعات الإنتاجية في البلد، قبل أن ينفجر الشارع جرّاء القرارات الوقحة التي سعت الحكومة حينها إلى اتخاذها. وشددت على ضرورة تنظيم الإختلاف في ما بين المجموعات التغييرية، وتقديم لائحة موحدة على صعيد لبنان، بعيداً عن المساعي التي تنتهجها أجهزة السلطة عبر دعم بعض المجموعات في لوائح مضادة للوائح "الثورة" من أجل ضربها وتشتيت الأصوات المؤيدة لها.



دانيال زاخر



ومن جهتها، أشارت الناشطة دانيال زاخر إلى أن الحرب الإقتصادية أدت إلى إلهاء الناس عن المطالب الأساسيّة ودفعتهم نحو تأمين متطلبات الحياة اليومية. وفي انتقال "الثورة" من الساحات إلى طرح المشروع السياسي في الإنتخابات، تبيّن وجود أكثر من مشروع نظراً لرغبة بعض المجموعات عدم مقاربة موضوع سلاح "حزب الله" طمعاً في الحصول على مناصب في السلطة، وحصر المطالب بمكافحة الفساد، ما يفرض حكماً تعدد لوائح "الثورة" في الإنتخابات ( إن حصلت) وتشتيت أصوات المواطنين التواقين إلى التغيير. إلى ما سبق، فلا ثقة بالسلطة السياسية المولجة إجراء الإنتخابات، أكان في الداخل أو في دول الإغتراب.



MISS 3