الجواسيس يجمعون البيانات لفكّ شيفرتها عبر الحواسيب الكمّيّة مستقبلاً!

02 : 00

يحذّر باحث أمني سبق وعمل مع الحكومة البريطانية من إقدام وكالات الاستخبارات على اعتراض الرسائل المشفّرة وتخزينها على أمل تطوير حاسوب كمّي يسمح بفك شيفرتها في نهاية المطاف.

تحاول عشرات الفِرَق البحثية اليوم بناء حاسوب كمّي عملي، لكن لم يعلن أيّ منها أنه حقق النجاح حتى الآن. قد تسمح هذه الآلة برصد العوامل الأولية التي تشكّل ركائز تراكمية لرقم معين. الرقمان 3 و7 هما العاملان الأوليان للرقم 21 مثلاً. لكنّ هذه القدرة الحميدة ظاهرياً قد تسمح بفك المواد المشفّرة نظراً إلى صعوبة إيجاد عوامل أولية للأرقام الكبرى، ما يعني تعريض الرسائل الإلكترونية والخدمات المصرفية والعملات الرقمية للخطر.

سبق وبدأ الباحثون العمل على خوارزميات مُصمّمة للحفاظ على أمن البيانات عند حصول ذلك. لكن يقول أندرسون تشانغ من شركة الأمن الإلكتروني Post-Quantum، إن الوقت قد يفوت على التحرك لأن الاعتداءات المبنية على جمع البيانات راهناً لفك شيفراتها لاحقاً أصبحت قيد التنفيذ.

يذكر تشانغ حالات عدة حيث جرى توجيه حركة الإنترنت نحو مسارات عالمية غير مألوفة لسبب غير واضح قبل عودتها إلى وضعها الطبيعي، وتشير تلك الحالات إلى حصول هذا النوع من الاعتداءات. في معظم الأوقات، أدت هذه الأخطاء إلى توجيه الحركة داخل أوروبا والولايات المتحدة نحو روسيا أو الصين، وقد حصل ذلك أحياناً عبر شركات اتصالات تسيطر عليها الدولة مثل Rostelecom. قد تكون هذه الأخطاء المتكررة عرضية، لكنها قد تشير أيضاً إلى طريقة مثالية لاختيار حركة معينة وتوجيهها نحو مركز تخزين. يمرّ عدد كبير من شبكات الإنترنت عبر أوروبا والولايات المتحدة، ما يعني أن اعتداءات مماثلة قد تحصل هناك أيضاً.

يظن تشانغ أن هذه الحوادث متعمدة وأن عالم الاستخبارات بدأ يجمع المعلومات، حتى لو كان يعجز عن فك شيفرتها اليوم. قد تحافظ أسرار الدول على أهميتها رغم مرور سنوات بحسب رأيه.

لا أحد يعرف بعد متى ستطرح الحواسيب الكمية تهديداً على المواد المشفّرة، لكن يظن تشانغ أن الجهود السرية قد تسبق الجهود العلنية: "إذا سألنا أشخاصاً في المجال العام، سيقولون إن التهديدات لن تظهر قبل عشر سنوات أو عشرين سنة. لكن إذا سألنا عالم الاستخبارات، يشعر الخبراء بالقلق لأن هذه المدة هي أقل من خمس سنوات برأيهم".

كشفت معلومة سرّبها إدوارد سنودن في العام 2014 أن وكالة الأمن القومي في الولايات المتحدة أنفقت حوالى 80 مليون دولار لابتكار حاسوب كمّي لفك الشيفرات. برأي دانيال دريسنر من جامعة "مانشستر" البريطانية، استعملت وكالات الاستخبارات البيانات المشفّرة التي تملكها منذ وقت طويل فيما كانت تنتظر تطوير الحواسيب العادية بدرجة تكفي لفك الشيفرات. جمعت بريطانيا مثلاً رسائل ألمانية مشفّرة قبل أن تطوّر الوسيلة اللازمة لفك شيفرتها خلال الحرب العالمية الثانية.

أخيراً، يقول متحدث باسم المركز الوطني للأمن السيبراني إن العمل جارٍ على تصميم خوارزميات آمنة للتصدي للحواسيب الكمّية. لكن قد تبقى المعلومات الحساسة مهمة بالنسبة إلى الأعداء بعد مرور عقدين أو ثلاثة، ما يعني ضرورة إنجاز هذه المهمة اليوم.


MISS 3