السودان تمرّ بمرحلة سياسيّة حسّاسة

"الثوّار المدنيّون" يستعرضون قوّتهم

02 : 00

"شعلة الثورة" ما زالت متّقدة في صفوف الثوّار (أ ف ب)

تظاهر مئات الآلاف من "الثوّار"، أنصار الحكم المدني في السودان، في شوارع الخرطوم أمس، حيث يعتصم منذ 6 أيام مؤيّدون لـ"حكومة عسكرية" أمام القصر الجمهوري، في استعراض قوّة بمواجهة من يصفونهم بـ"أعداء الثورة" و"فلول النظام السابق"، فيما هتف المتظاهرون: "مدنية... خيار الشعب"، و"ثوّار، أحرار، حنكمل المشوار".

ولتجنّب الصدامات في بلد يمرّ بمرحلة سياسيّة حسّاسة، تحاشى أنصار القوى المدنية الاقتراب من خيام المعتصمين التي نُصِبَت أمام مقر المجلس السيادي، الذي يترأسه الفريق أوّل عبد الفتاح البرهان والذي يعقد اجتماعاته في القصر الجمهوري، فيما حصلت المسيرات بهدوء نسبي، وعاد المتظاهرون إلى منازلهم مع حلول المساء.

لكن حصل حادث في أم درمان، العاصمة التوأم للخرطوم، عندما أطلقت الشرطة الغاز المسيّل للدموع على مسيرة كانت تقترب من مقرّ البرلمان، حيث تمّ تسجيل وقوع إصابات في صفوف المتظاهرين.

ونزل متظاهرون في مدن سودانية أخرى لتأييد نقل السلطة إلى المدنيين، منها بورتسودان (شرق)، حيث يوجد أيضاً اعتصام مناهض للحكومة، وفي عطبرة (شمال) وفي إقليم دارفور (غرب)، وفي نيالا (جنوب)، وغيرها. وأعلنت وزارة التربية والتعليم أن الخميس يوم عطلة في كافة المدارس "حرصاً على سلامة" الأساتذة والطلاب، في وقت أغلقت فيه عدة محلّات تجارية أبوابها.

ودعا تجمّع المهنيين السودانيين الذي لعب دوراً محوريّاً في الإنتفاضة على عمر البشير، إلى أن "تكون تظاهرات الخميس المليونية صافرة النهاية وسقوط شراكة الدم وسلطتها البغيضة"، مؤكداً أن "لا تراجع عن الشوارع حتّى تسليم السلطة"، فيما كان المتحدّث باسم قوى "الحرّية والتغيير" جعفر حسن قد أكد لوكالة "فرانس برس" أن الهدف من التظاهرات هو "تسليم رئاسة المجلس السيادي الى المدنيين".

بدوره، أشاد رئيس الوزراء السوداني عبدالله حمدوك بالتظاهرات المطالبة بالتحوّل الديموقراطي وبالحكم المدني، وقال: "لقد أثبت وجدّد الشعب السوداني... تمسّكه بالسلمية، والتزامه بالسير في درب الحرّية والديموقراطية والتحوّل المدني الديموقراطي"، معتبراً أن الجماهير "أسمعت صوتها وأوصلت رسالتها بأن لا تراجع عن أهداف الثورة، ولا مجال للردّة عنها".

وفي هذا الإطار، رفع الثوّار شعار "الردة مستحيلة"، في إشارة إلى رفضهم العودة إلى الحكم العسكري أو النظام الإسلامي الذي حكم السودان على مدى 30 عاماً بقيادة عمر البشير، الذي أُطيح به تحت ضغط ثورة شعبية عارمة في نيسان 2019. كما نظّم عشرات من الصحافيين مسيرة رافعين لافتات كُتِبَ عليها: "السلطة للشعب"، في حين ارتفعت شعارات مناهضة لعبد الفتاح البرهان وسط أنصار الحكم المدني. وهتف المتظاهرون: "سلّم سلّم يا برهان".

وانتشرت الشرطة لحماية المباني الحكومية أمس، فيما أغلق الجيش كلّ الطرق المحيطة بمقرّ قيادته في وسط الخرطوم بوضع حواجز إسمنتية ونشر جنود، بينما سار مؤيّدو الجيش على أحد الجسور في الخرطوم وهم يرفعون لافتات تحمل صور حمدوك مع إشارة X عليها، في إشارة إلى مطلبهم حلّ حكومته. وكان البرهان قد أكد مساء الأربعاء حرص القوات المسلّحة والمكوّن المدني على "إنجاح الفترة الإنتقالية وصولاً إلى حكومة مدنية منتخبة تُلبّي تطلّعات الشعب السوداني"، مشدّداً على "الشراكة بين المكوّنَيْن المدني والعسكري".