ميركل تودّع الاتحاد مطلقةً تحذيراً أخيراً

الأوروبّيون يرفضون استخدام "ورقة المهاجرين" في وجههم

02 : 00

ميركل خلال القمّة الأوروبّية الأخيرة التي تحضرها قبل انسحابها من الحياة السياسيّة (أ ف ب)

أبدى المجلس الأوروبي أمس رفضه لمحاولات بعض البلدان استخدام ورقة المهاجرين ضدّ الاتحاد الأوروبي لتحقيق أهداف سياسية، في إشارة ضمنية إلى تركيا وبيلاروسيا. وجاء في البيان الختامي للمجلس الأوروبي: "المجلس لن يقبل بأي محاولات من قبل بعض البلدان لتسخير المهاجرين نحو الاتحاد لتحقيق أهداف سياسية. كما أنه يُدين الهجمات الإلكترونية على دول الاتحاد وسيردّ عليها بالمثل".

ودعا المجلس المفوضية الأوروبّية إلى "اقتراح التغييرات التي تراها ضرورية للإطار القانوني الجنائي واتخاذ إجراءات ملموسة، مع توفير الدعم المالي الكافي لضمان القيام بردّ فوري وملائم، وفق قوانين الاتحاد الأوروبي والتزاماته الدولية، بما فيها الحقوق الأساسية".

وتابع البيان: "سيُواصل الاتحاد الأوروبي تصدّيه للهجوم الإلكتروني الذي يشنه نظام بيلاروسيا، وذلك من خلال الفرض التدريجي لمزيد من القيود على الأشخاص والهيئات القانونية". كما جدّد المجلس "تأكيد تطلّعه إلى توفير المخصّصات المالية في أقرب وقت ممكن للاجئين السوريين في مناطق استضافتهم في تركيا والأردن ولبنان وأنحاء أخرى في الإقليم، من ضمنها مصر، وفق آليات ملائمة".

وفي ختام البيان، طالب المجلس الأوروبي، تركيا، بالعمل على التنفيذ الكامل وغير الإنتقائي، للبيان الصادر بشكل مشترك مع الاتحاد الأوروبي العام 2016، خصوصاً في ما يتعلّق منه بالجمهورية القبرصية.

وفي الأثناء، أعلنت رئيسة المفوضية الأوروبّية أورسولا فون دير لايين أن الاتحاد الأوروبي لن يُموّل "أسلاكاً شائكة وجدراناً" على حدوده لمنع دخول المهاجرين، وفق ما تُطالب به 12 دولة، بينها ليتوانيا والنمسا. وقالت فون دير لاين في ختام قمة للدول الـ27 في بروكسل: "كنت في غاية الوضوح حول أن هناك منذ زمن طويل موقفاً مشتركاً للمفوضية والبرلمان الأوروبي حول عدم تخصيص تمويل لأسلاك شائكة وجدران".

ونصبت ليتوانيا سياجاً من الأسلاك الشائكة على طول حدودها مع بيلاروسيا لوقف تدفق المهاجرين الذي يُتّهم نظام الرئيس المشكّك في شرعيّته ألكسندر لوكاشنكو بتدبيره. وأعلن رئيس ليتوانيا غيتاناس ناوسيدا في بروكسل أمس أن مثل هذه التدابير "ذات ضرورة قصوى على المدى القريب للتعامل مع هذه الأزمة".

وفي السياق ذاته، قال المستشار النمسوي الجديد ألكسندر شالنبرغ: "إذا كانت ليتوانيا تُشيّد سياجاً... فيجدر أن يكون بإمكانها الاعتماد على تضامننا. لا يعود للمكلّفين الليتوانيين أن يُموّلوا ذلك بمفردهم".

وكان وزراء داخلية 12 دولة، هي النمسا وبلغاريا وقبرص والدنمارك وإستونيا واليونان والمجر وليتوانيا ولاتفيا وبولندا والجمهورية التشيكية وسلوفاكيا، قد كتبوا في رسالة إلى المفوضية الأوروبّية في 7 تشرين الأوّل لمطالبة الاتحاد الأوروبي بتمويل بناء سياجات.

وفي الغضون، أطلقت المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل تحذيراً لأوروبا، مبديةً قلقها حيال قدرة "القارة العجوز" على مواجهة التحدّيات الاجتماعية والاقتصادية وعلى صعيد الهجرة، خلال القمة الـ107 والأخيرة التي تحضرها قبل انسحابها من الحياة السياسية في ختام عهد استمرّ 16 عاماً.

وقالت ميركل: "أترك الآن هذا الاتحاد الأوروبي بصفتي مستشارة في وضع يدعو إلى القلق"، مضيفةً: "تخطّينا الكثير من الأزمات من خلال الاحترام والجهود المبذولة لإيجاد حلول مشتركة، لكنّنا أمام سلسلة من المشكلات التي لم تلقَ حلّاً". كما أعربت عن قلقها على قدرة الاتحاد الأوروبي التنافسية، لا سيّما في مجال التكنولوجيا الجديدة مثل الذكاء الاصطناعي.

وأردفت مبديةً أسفها: "أوروبا ليست القارة الأكثر ابتكاراً، وعلينا القيام بالكثير في هذا المجال"، معتبرةً أن من سيخلفها سيُواجه "ورشاً كبرى"، فيما كرّم القادة الأوروبّيون ميركل وصفّقوا لها وقوفاً في بروكسل أمس. ونقل مصدر عن رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال قوله لميركل: "أتمنّى ألّا تستائين من هذه الاحتفالية بمناسبة قمّتك الأخيرة"، مشيراً إلى أن اجتماع دول الاتحاد الأوروبي "من دون أنغيلا يشبه روما من دون الفاتيكان أو باريس من دون برج ايفل".

وقدّم القادة الأوروبّيون للمستشارة هديّة تُمثّل المبنى الذي تُقام فيه القمم الأوروبّية. وفي هذه القمة الأخيرة لميركل، كانت بولندا في موقف صعب أمام الأوروبّيين بسبب انتهاكاتها لسيادة القانون الأوروبي، فيما تركت ميركل بصمة جديدة بالدعوة للحوار مع وارسو.