ريتا ابراهيم فريد

نال "الجائزة الأولى عن فئة اللوحة التشكيلية" في إيطاليا

الفنان مروان نحلة: هذا الفوز للبنان

25 تشرين الأول 2021

02 : 00

في ظلّ كلّ الأخبار السلبية التي تعصف بلبنان اليوم، تشكّل بعض الإنجازات التي يحقّقها لبنانيون في الخارج بصيص أمل قد يُدخل بعض الفرح الى القلوب. "نداء الوطن" تواصلت مع الفنان مروان نحلة الذي حصد الجائزة الأولى عن فئة اللوحة التشكيلية في معرض أقيم في إيطاليا لدول حوض البحر المتوسط، وشارك فيه 51 فناناً من 11 دولة. مروان الذي كان قد نال الكثير من الجوائز، وعرض أعماله في دول عدة بين فرنسا ونيويورك وكاليفورنيا وهاواي وسويسرا وجزر الكناري وألمانيا وإيطاليا وإسبانيا وغيرها، يشدّد على أنه يفتخر بكونه لبنانياً أينما حلّ.

حدّثنا قليلاً عن أجواء مشاركتك في المعرض وكيف انتقلت الى إيطاليا؟

في العام 2015 كنتُ قد شاركتُ في معرض في فلورنسا، حيث تعرّفتُ على مؤسسة "بورتا تشيللي"، التي أعجب أعضاؤها بأعمالي، وخصوصاً رئيس المؤسسة "أنيولو إرتيكو"، فقدّموا لي جائزة، وعرضوا عليّ إقامة معرض في مدينة فينوسا في العام 2016، فكان هذا المعرض الأول لي مع المؤسسة. وفي العام 2019 شاركتُ في معرض آخر وحصلتُ على جائزة artist residency، التي تتضمّن تأمين مرسم لي وعدّة عمل. حينها انتقلتُ مع عائلتي الى إيطاليا، وشاركتُ مع المؤسّسة في المعرض الذي أقيم هذا العام، وحصلتُ على الجائزة الأولى عن فئة اللوحة التشكيلية.

لماذا اخترت هذه اللوحات بالذات؟

هي فعلياً أربع لوحات، ولم أخترها بشكل متعمّد. فأنا أتبع إحساسي خلال الرسم من دون أيّ خطّة مسبقة، ويكون ذلك أشبه بالوحي. وحين أشعر أنّ اللوحة باتت جاهزة، أوقّع عليها. وقد اخترتُ هذه اللوحات الأربع لأني شعرتُ أنّها تجسّد قوّتي أكثر من اللوحات الأخرى. كما أنها تتضمّن أجواءً من الغموض، حيث يحتاج من يراها الى التعمّق قليلاً في تأمّلها كي يكتشف أسرارها.

في ظلّ الأجواء السوداوية التي نمرّ بها اليوم، ماذا يعني لك كفنان لبناني أن تحصد جائزة عالمية؟


حين أعلنوا عن فوزي بالجائزة الأولى، انهمرت دموعي بشدّة، وشعرتُ أنّ فوزي بهذه الجائزة هو فوز للبنان. واستذكرتُ والدي الفنان وجيه نحلة رحمه الله، الذي كان خلال فترة الحرب اللبنانية متواجداً في فرنسا حيث كان يسعى من خلال فنّه الى إبقاء إسم لبنان مرفوعاً في العالم. فشعرتُ أنّ ما يحصل معي اليوم مشابه لما حصل مع والدي. كما فرحتُ كوني استطعتُ أن أقدّم شيئاً لوطني خصوصاً في هذه الأوقات الصعبة، حيث أنني كنتُ جزءاً من خبر إيجابي في ظلّ الكثير من الأخبار السلبية. أنا أفتخر أن أكون لبنانياً أينما كنت، ولي الشرف أن أمثّل بلدي خصوصاً هُنا في إيطاليا التي تقدّر الفنّ والفنانين.



إحدى اللوحات التي فازت بالجائزة


كونك نجل الفنان الكبير الراحل وجيه نحلة، كيف ساهمت أجواء المنزل في تكوين شخصيتك الفنية؟


منذ طفولتي نشأتُ على صورة والدي وهو يرسم، كما أنّ والدتي كانت تنحت أيضاً. وكان الفنانون يزوروننا باستمرار. وبدلاً من أن ألعب في الألعاب الكلاسيكية، كنتُ أمضي معظم أوقاتي في مرسم الوالد وأنا ألهو بالألوان أو "البويا" أو الجفصين. هذا الجوّ الفني في المنزل أثّر كثيراً في توجيهي نحو الرسم، فقرّرتُ في سنّ الـ21 أن أتفرّغ للفنّ. وفي العام 1988 شاركتُ في أحد المعارض، وأقمتُ أول معرض خاص بي في العام 1989 بالرغم من أنها كانت أيام حرب وقصف، لكنّ المعرض شهد إقبالاً كبيراً وبيعت كلّ اللوحات. واليوم أحاول تربية أولادي الثلاثة في الجوّ الفني نفسه الذي كبرت فيه.

إضافة الى الرسم، أنت صانع أفلام ومصوّر فوتوغرافي وعازف غيتار، كيف تكاملت لديك كل هذه المواهب؟


بدأت محاولاتي في الرسم في عمر الـ6 سنوات. كما تعلّمتُ العزف على الغيتار بنفسي في مرحلة المراهقة، وبتّ أعزف على السمع من دون قراءة النوتات. في البداية شعرتُ أنني متزوّج من امرأتين، الموسيقى والرسم، وعليّ أن أرضيهما معاً. فكان الأمر بغاية الصعوبة حينها. لكن مع مرور الوقت اصبحت الأمور أسهل، وبات الفنّ ملتحماً بي، حتى بتّ أرسم وأنحت وأجمع مواد إعادة التدوير وأخلق منها فناً. كما صنعتُ نحو سبعين فيلماً قصيراً تُعرض على الشاشة في الخلفية حين أقيم حفلاتي الموسيقية.


من أجواء المعرض في إيطاليا


هل شعرت ذات يوم أنّك ترغب بهجر الرسم نتيجة ضغوطات معيّنة؟


أعتقد أنّ معظم الفنانين يمرّون في مرحلة من الإحباط. وبالعودة الى حوالى سنتين الى الوراء، وخصوصاً مع بدء انتشار وباء "كورونا"، كنتُ أعيش في منطقة بعيدة في أميركا، وبفعل إجراءات الحجر الصحي توقّفت المعارض، فمررتُ بأيام صعبة واضطررتُ الى العمل بدوام جزئي في مهن أخرى كي أدعم عائلتي مادياً. لكني لم أفكّر يوماً في أن أهجر الفنّ، فهو كل حياتي ولا يمكن أن أفصل نفسي عنه. حتى إذا كنت مريضاً أشعر أنه دوائي.

الرسّامون بشكل عام يشعرون أنّ هناك ملهماً يقف خلف إبداعهـــــــــم. ما هو مصدر إلهامك؟


الطبيعة هي ملهمتي بالدرجة الأولى. ففي العام 1982 انتقلتُ مع أسرتي للعيش في الرابية التي كانت بمعظمها منطقة خضراء وتقتصر على منازل قليلة. فكنتُ أنطلق الى الغابة والأشجار وألهو في الفسحات الخضراء، الأمر الذي خلق في داخلي عشقاً للطبيعة.

هل تعتبر أنّ الفنّ هو اكتشاف للذات أم هروب من الواقع نحو عالم جديد يخلقه الفنان بيديه؟


شخصياً أشعر أنه اكتشاف للذات. وفي الوقت نفسه، حين أدخل الى عالم الفنّ أشعر كأنّي أصبحتُ في جوّ آخر. لكن أرفض أن أعتبره هروباً، فأنا مثلاً لا أقوى على العمل إن كنتُ تحت ضغط هموم عائلية أو أخبار سيئة، بل أنتظر حتى أهدأ ثم أنطلق مجدداً.


لوحة أخرى فازت بالجائزة


MISS 3