الولايات المتحدة تُعلّق مساعداتها الماليّة: للإفراج عن المعتقلين

السودان... الجيش ينقلب على "الثورة"

02 : 00

خلال قطع الثوّار بعض طرق الخرطوم أمس (أ ف ب)

كما كان متوقّعاً منذ مدّة ليست بقصيرة، إنقلب "العسكر" على "شركائهم" المدنيين في المرحلة الإنتقاليّة ضاربين عرض الحائط بالثورة الشعبية التي أطاحت نظام عمر البشير و"النموذج السوداني" الذي بات يُضرب به المثل عن كيفيّة الإنتقال من الحكم الديكتاتوري رويداً رويداً نحو النظام الديموقراطي، ما أثار غضباً دوليّاً خصوصاً من قبل الولايات المتحدة التي سارعت إلى تعليق مساعداتها المخصّصة لدعم العملية الإنتقالية الديموقراطية البالغة 700 مليون دولار، مشدّدةً على ضرورة إفراج مسؤولي الجيش السوداني عن جميع المعتقلين وبشكل فوري.

وقُتِلَ 3 أشخاص وأُصيب أكثر من 80 آخرين بجروح في الخرطوم أمس، في إطلاق نار من الجيش خلال تظاهرات رافضة للإنقلاب الذي نفّذه العسكريون الموجودون في السلطة، وأخرجوا من خلاله شركاءهم المدنيين من مؤسّسات الحكم، بعدما أعلن أعلى مسؤول في البلاد الفريق أوّل عبد الفتاح البرهان "حال الطوارئ" وتشكيل حكومة جديدة.

كما أعلن البرهان حلّ مجلس السيادة الذي كان يترأسه والحكومة برئاسة عبدالله حمدوك وغيرهما من المؤسّسات التي كان يُفترض أن تؤمّن مساراً ديموقراطيّاً نحو الوصول إلى إنتخابات حرّة وحكم مدني، بينما ندّد مكتب حمدوك وتجمّعات مطالبة بتسليم السلطة إلى المدنيين ودول ومنظمات دولية بـ"الإنقلاب" الذي اعتقل خلاله العسكريون حمدوك ومعظم وزرائه والأعضاء المدنيين في مجلس السيادة.

ورغم إعلان البرهان "تعليق العمل" بمواد عدّة من "الوثيقة الدستورية"، التي تمّ التوصّل إليها بين العسكريين والمدنيين الذين قادوا الاحتجاجات ضدّ البشير في 2019، قال إنه متمسّك بها، وبـ"إكمال التحوّل الديموقراطي إلى حين تسليم قيادة الدولة إلى حكومة مدنية"، مدّعياً "تصحيح الثورة".

لكن مكتب حمدوك اعتبر في بيان أن "ما حدث يُمثل تمزيقاً للوثيقة الدستورية وانقلاباً مكتملاً على مكتسبات الثورة التي مهرها شعبنا بالدماء بحثاً عن الحرّية والسلام والعدالة"، ودعا "الشعب السوداني للخروج والتظاهر واستخدام كلّ الوسائل السلمية لاستعادة ثورته"، فيما وصف تجمّع المهنيين السودانيين الاعتقالات بـ"الإنقلاب"، داعياً إلى "المقاومة الشرسة للإنقلاب العسكري الغاشم".

كذلك، دعت نقابة الأطباء ونقابة المصارف إلى العصيان المدني، في وقت قطع فيه متظاهرون نزلوا لمواجهة "انقلاب البرهان"، في بعض أنحاء الخرطوم، طرقاً وأحرقوا إطارات احتجاجاً، بينما قطع الجيش جسوراً تربط الخرطوم بالمناطق المجاورة.

ومن الولايات المتحدة إلى ألمانيا مروراً بجامعة الدول العربية، أعربت دول العالم وهيئاته عن القلق حيال الأوضاع في السودان، إذ أكد البيت الأبيض رفض الإدارة الأميركية الإجراءات التي يقوم بها الجيش، داعياً إلى "الإفراج الفوري عن رئيس الوزراء والمسؤولين الآخرين الذين تمّ وضعهم قيد الإقامة الجبرية". واعتبر أن "الإجراءات التي أعلن عنها الجيش السوداني تتعارض بشكل صارخ مع إرادة الشعب السوداني وتطلّعاته إلى السلام والحرّية والعدالة".

بدورها، اعتبرت موسكو أن "الإنقلاب" يُشكّل "دليلاً على أزمة حادة" يشهدها النظام "امتدّت إلى كلّ نواحي الحياة السياسية والاقتصادية في البلاد". كما دانت ألمانيا "محاولة الإنقلاب" التي يشهدها السودان، داعيةً إلى "وقفها فوراً" و"احترام إرادة الشعب".

من جهته، دان الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش سيطرة العسكريين على الحكم وحضّ على الإفراج الفوري عن حمدوك وجميع المسؤولين الآخرين، في حين دعا الاتحاد الأوروبي إلى الإفراج عن المسؤولين المدنيين، مشدّداً على ضرورة "تجنّب العنف وسفك الدماء".

من ناحيتها، حضّت جامعة الدول العربية كلّ الأطراف على التقيّد باتفاق تقاسم السلطة الموقع في آب 2019، معربةً عن قلقها إزاء التطوّرات الأخيرة التي يشهدها السودان، فيما شدّدت وزارة الخارجية السعودية على "أهمّية ضبط النفس والتهدئة وعدم التصعيد"، مشيرةً إلى أنها تُتابع "بقلق واهتمام بالغ" الأحداث الجارية في السودان.