حملة قمع واسعة تستهدف معارضي الإنقلاب

الضغط الدولي يتصاعد على الجيش السوداني

02 : 00

المواجهات مستمرّة في شوارع الخرطوم (أ ف ب)

كثف الجيش السوداني حملة التوقيفات التي تستهدف ناشطين ومتظاهرين مناهضين للإنقلاب العسكري، وانتشر عناصره في كلّ أنحاء الخرطوم لمحاولة وضع حدّ للتحرّكات الشعبية الرافضة لقرارات الفريق أوّل عبد الفتاح البرهان، الذي أعلن "حال الطوارئ" وحلّ مجلس السيادة والحكومة.

وفي الخارج، تتصاعد الضغوط الدولية على الإنقلابيين، إذ أعلن الاتحاد الأفريقي تعليق عضوية السودان فيه، بينما جمّد البنك الدولي مساعداته إلى البلد الغارق في أزمة اقتصادية ومعيشية خانقة، بعدما حاول الجيش استيعاب الإنتقاد الدولي عبر إعادة رئيس الوزراء المُقال عبدالله حمدوك، الذي كان قد أوقف الإثنين، إلى منزله.

وفي هذا الإطار، أعلن الاتحاد الأفريقي في بيان تعليق عضوية السودان فيه "حتّى الاستعادة الفعلية للسلطات الإنتقالية بقيادة مدنيين". واعتبر الاتحاد سيطرة الجيش السوداني على السلطة أمراً "غير مقبول" و"إهانة للقيم المشتركة والمعايير الديموقراطية للاتحاد الأفريقي".

بدوره، أوضح رئيس البنك الدولي ديفيد مالباس في إعلان مكتوب أن مجموعة البنك "علّقت صرف أموال كافة عملياتها في السودان وتوقفت عن البتّ بأي عملية جديدة في وقت نُراقب ونُقيّم الوضع عن كثب". وكان البنك الدولي يُشارك خصوصاً في آلية تخفيف دين السودان.

وفي بيان مشترك، أكدت بعثة الاتحاد الأوروبي في الخرطوم ومجموعة دول الترويكا في السودان والتي تضمّ الولايات المتحدة وبريطانيا والنروج، بدعم من سفارة سويسرا، "التمسّك بالإعتراف برئيس الوزراء وحكومته كقادة دستوريين للحكومة الإنتقالية".

كما طالبوا بـ"الإفراج الفوري عن جميع المعتقلين السياسيين". وأضافوا: "نطلب بشكل عاجل أن نتمكّن من مقابلة رئيس الوزراء"، فيما كشفت وزارة الخارجية الأميركية أن الوزير أنتوني بلينكن أجرى محادثة هاتفية مع حمدوك الثلثاء، رحّب فيها بإطلاق سراحه.

وحتى الآن، لم يتمكّن مجلس الأمن الدولي من التوصّل إلى إعلان مشترك حول السودان بعد اجتماعه مساء أمس. وأفاد ديبلوماسيون بأنّ مجلس الأمن سعى جاهداً الأربعاء لليوم الثاني توالياً، للإتفاق على إعلان مشترك في شأن السودان مع معارضة روسيا لإدانة شديدة للإنقلاب العسكري، رغم الموقف الحاسم الذي اتخذه الاتحاد الأفريقي.

وكشف ديبلوماسيون لوكالة "فرانس برس" أنه بعد التخلّي عن فكرة إدانة الإنقلاب "بأشدّ العبارات" بضغط من روسيا، عرقلت موسكو وبكين نصاً جديداً يتحدّث عن "القلق العميق" للمجلس. وتجري هذه الإنقسامات على خلفية صراع نفوذ متجدّد مع الإنقلاب، بين الغربيين وموسكو وبكين.

ميدانيّاً، عادت الممارسات الأمنية إلى السودان مع الإنقلاب، إذ يروي متظاهرون تعرّضهم لعمليات تفتيش وضرب مع تكثيف التوقيفات العشوائية. وفي ما يُذكّر بممارسات نظام الرئيس المعزول عمر البشير، شاهد محتجّون سودانيون شاحنات صغيرة تجول في أنحاء العاصمة وتحمل أفراداً مسلّحين من قوات الأمن، ولكن يرتدون الملابس المدنية.

وشهدت شوارع الخرطوم انتشاراً أمنيّاً مكثفاً من الجيش وقوات الدعم السريع. وعلى مدار الأيام الماضية شهدت العاصمة محاولات من الأمن لإسكات المعارضة، إذ حاولت الشرطة إزالة العوائق التي أقامها المتظاهرون في الشوارع الرئيسية وأطلقت الغاز المسيّل للدموع لتفريقهم وحتّى الرصاص، ونتج عن مواجهة المحتجّين مقتل عدد منهم وجرح العشرات.

وتوقف قوات الأمن المارة والسيارات لإجراء عمليات تفتيش عشوائية والتدقيق في الهويات والهواتف النقالة، بحسب ما روى شهود عيان. كما تمّ توقيف بعض من وزراء الحكومة الإنتقالية وبعض القيادات المدنية والسياسية والنشطاء والمحتجّين.

وعلى صعيد آخر، أعلن مدير الطيران المدني إبراهيم عدلان استئناف العمل بمطار الخرطوم عند الساعة 14:00 بتوقيت غرينتش أمس. وكانت السلطات قد قرّرت تعليق كافة الرحلات من البلاد وإليها، حتّى نهاية الشهر الحالي.