جنى جبّور

"بيروت بعد الـ40" مكرّماً في الولايات المتّحدة الأميركيّة

أنطوني مرشاق: مستمرّ بقضيّتي التي شبّهها البعض بهجمات 11 أيلول

5 تشرين الثاني 2021

02 : 00

خلال مهرجان برودواي
يعود المخرج الشاب أنطوني مرشاق من الولايات المتحدة الى لبنان وفي قبضته جائزتان عالميتان الأولى من مهرجان "Silver State film" والثانية من مهرجان "broadway international film"، بفضل فيلمه "بيروت بعد الـ40" الذي وثّق فيه جريمة المرفأ. قضية حملها الشاب الطموح من حدود وطنه إلى العالمية متفوّقاً على معاناته مطالباً بمحاسبة كل مسؤول لتحقيق العدالة. "نداء الوطن" حاورت مرشاق الموجود حالياً في لوس أنجليس في هذا الحوار.



أخبرنا عن الجوائز التي نلتها حديثاً؟

حتّى اللحظة، حاز فيلمي على 9 جوائز عالمية، كان آخرها أفضل فيلم دولي قصير في مهرجان "Silver State film" في لاس فيغاس، الذي اقيم من 28 حتّى 31 تشرين الأول في سينما The orleans، بالاضافة الى تألق "بيروت بعد الـ40" بمهرجان "broadway international film" في دورته الـ14 في لوس أنجليس، حيث حصلت على شهادة تقدير من قبل سيناتور كاليفورنيا ماريا ايلينا دورازو على عملي. أمّا المميز في هذا المهرجان فهو ذكري وفيلمي في تقرير سيعدّ تكريماً للنجم الهوليوودي المكسيكي Humberto Luna الذي كرس حياته طوال 50 عاماً في مجال الإذاعة والتلفزيون كممثل ومقدم برامج، بطلب شخصي منه.

كذلك، شاركت الأول من أمس بمهرجان "Portland film" حيث اختارت شركة "Universal" العالمية فيلمي من بين 300 فيلم آخر لعرضه مجاناً على تطبيقها في الولايات المتحدة على "Comcast Xfinity" حتى 8 الشهر الجاري.



شهادة تقدير في مهرجان "برودواي"



كيف تفاعل الجمهور من مختلف البلدان مع فيلم يوثق كارثة بحجم جريمة المرفأ؟


فعلاً، لمست تفاعلاً ضخماً ما كنت أتوقعه تحديداً من السفارة المكسيكية الراعي الحصري لمهرجان "broadway international film"، ناهيك عن تفاعل أهم مخرجي كاليفورنيا العالميين مع فيلمي، حيث عبّر كل على طريقته، فمنهم من لم يتمكن من حبس دموعه ومنهم الآخر من عبّر بالقول: "ما هذا؟ هل هذه المشاهد حقيقية؟ لم نكن نعلم أنّ الكارثة بهذا الحجم". كذلك، لم يتمكن مخرج نيويوركي من ضبط نفسه في صالة "The orleans" فوقف أثناء العرض صارخاً: "أشكرك على نقل الصورة، لولا مشاهدك لكنّا نجهل ما حصل في بيروت في ذاك اليوم... استمر في عملك وارفع الصوت عالياً". التعاطف نفسه رافقني أيضاً في مهرجان لاس فيغاس، حيث توجه الي رئيس اللجنة بعد انتهاء العرض قائلاً: "لم تشهد الصالة في تاريخها تفاعلاً مماثلاً".

ولم يقتصر التفاعل عند ذلك، فتفاجأت بشابة تركض باتجاهي بعد خروجي من الصالة، لتحضنني بتأثر واضح والدموع تملأ عينيها. كذلك، انصدمت بالأمس أثناء تواجدي في أحد محلات تأجير السيارات، حيث لاحظت امرأة سوداء كبيرة في السن تدعى تيدي، ترتدي سواراً كُتب عليه: " Anthony film maker". اقتربت منها وسألتها عن سبب وضعها له، فحبست انفاسها قائلةً بدهشة: "لقد شاهدت فيلمك، وأردت أن اذكرك دائماً في صلاتي، لذلك اضع هذا السوار كي لا أنسى"، مضيفة: "يريدك الله أن تنقل لنا هذه الجريمة الكبرى بحق الانسانية".


هل ينسيك هذا التعاطف ما عشته في 4 آب؟


لا شيء ينسيني لحظات الرعب، ولكن هذا التأثر الدولي يعزز من معنوياتي للاستمرار بالمطالبة بالحقيقة. لا يمكن أن تتخيلي مدى سعادتي ازاء ردات الفعل ولا سيما من قبل الاشخاص الذين سافروا الى الولايات المتحدة لمشاهدة فيلمي حصراً ومن ثمّ العودة أدراجهم الى بلادهم. صدقاً إنّ مشاعري متلخبطة، لا اعلم اذا يجب أن أفرح بفوزي أو أن أحزن لمجرد انني اضطررت تصوير هذا الحدث الأليم الذي عانيت منه لأشهر طوال ولم أتمكن من التخلص من الصدمة الّا بمساعدة طبيب نفسي. وهذه حال كثر ممن شاهدوا الفيلم فكانوا تائهين لا يدركون اذا يجب تهنئتي بالفوز أو مواساتي!

تقول دائماً إنّك تسعى للوصول الى الحقيقة من خلال عملك. بعيداً عن الجوائز والسجادة الحمراء، كيف ستحقق ذلك؟في خطابي اذكّر دائماً بالـ218 ضحية و7500 جريح و300 الف مشرد والخسائر المادية الهائلة التي عانت منها العاصمة بيروت. انفجار سمع صداه في قبرص وتركيا وجزء من أوروبا، فكيف لشخص كان على بعد 600 متر من المرفأ؟ انها قضيتي التي اريد ايصالها الى كل اقطار الأرض. أرفض أن ينسى أحد ماذا حصل في هذا التاريخ المشؤوم، حيث شبه لي الكثير من الأميركان الانفجار باعتداءات 11 أيلول، متسائلين ماذا حصل بعدها؟ لينصدموا عند معرفتهم أن الحقيقة لم تظهر بعد حتّى الآن.

أنا اسعى جاهداً للوصول الى الحقيقة، ان كان من خلال اعمالي او من خلال صداقاتي وتفهّم الجميع أنّ هذه قضية انسانية، طالبين مني أن نبقى على تواصل لمعرفة ماذا سيحصل وحثّي على اخراج وثائقي آخر يتابع التحقيقات، فبالنسبة لهم يجب أن يكون هناك تحرك دولي تجاه قضيتنا.

كذلك، أجريت الكثير من المقابلات أثناء تواجدي في الولايات المتحدة على أهم الشاشات العالمية حيث نشرت قضيتنا. كما عرض متقاعد من القوات الجوية الاميركية الذي كان يتنقل بين افغانستان والدول العربية ويعلم جيداً معاناتنا، مساعدته مؤمناً لي الكثير من المقابلات مع الصحف المحلية. هكذا أنشر أوسع وأوسع هذه الجريمة حتّى الوصول الى الحقيقة.



أثناء مقابلة مع محطّة "تيليفيزا" المكسيكيّة



بالعودة الى المهرجانات، أين ستحط رحال فيلمك في الأيام المقبلة؟


بعد فوزي بمهرجان "Silver State film" تلقيت دعوة من مهرجان "JellyFest" وهو من أهم 30 مهرجاناً سينمائياً في العالم، لعرض فيلمي في دورته للعام 2022.

أمّا الصدمة، فكانت من مهرجان "Clermont Ferrand" في باريس، حيث راسلتهم للمشاركة في المهرجان لسنة 2022، وتبلغت اعتذارهم عن قبول فيلمي من السيدة ماري- لور مساعدة رئيس المهرجان، بسبب انتهاء مهل التقديم وبالفعل كان قد تقدّم أكثر من 3000 فيلم لهذا الحدث الباريسي، طالبين منّي المحاولة بدورة العام 2023. ولكن المفاجأة كانت برسالة توجه فيها الي رئيس المهرجان نفسه تيم ريدفورد مفادها أنه سيسمح لي استثنائياً المشاركة بدورة 2022 رغم اغلاق مهل تقديم الطلبات. وهذه سابقة في تاريخ هذا المهرجان.