رولا الطبش جارودي

لبنان عربيّ الروح

20 تشرين الثاني 2021

00 : 00

عقوبات عربية على لبنان؟ من كان يتخيل يوماً أن هذا البلد الذي كان بمثابة "فائض قيمة" في بيئته العربية يصبح منبوذاً، متروكاً لمصير أسود من دون أن تمتدّ إليه أيادي الخير التي طالما انتشلته من هوّات عميقة، من دون تمنين أو تربيح جميل؟

لبنان العربي ماذا بقي منه اليوم، بعدما أوصله "العهد اللئيم" الى حضيض سياسي واقتصادي ومالي بل وأخلاقي؟ لم يبق الكثير منه فعلاً، هو الذي صارت الانتخابات فيه مجرد زينة شكلية لديموقراطية طوائفية يمسك بخناقها طرف مسلح يوالي قطباً إقليمياً غير عربي، حوّل البلد الى إحدى ساحات تصفية حسابات ضدّ العرب.

عروبة لبنان منصوص عليها في الدستور: "لبنان عربي الهوية والانتماء وهو عضو مؤسس في جامعة الدول العربية" (مقدمة الدستور بموجب القانون الدستوري الصادر في 21 أيلول 1990). بعدما كان "الميثاق الوطني" ينص على "لبنان ذو وجه عربي ولغة عربية، وهو جزء من العالم العربي، ذو طابع خاص...".

نحن عرب، هوية وانتماء، قاتلنا ودفعنا دماً ليبقى "لبنان الطائف" مساحة لتعايش مكوناته مع بعض ضمن خيار المناصفة، الذي رسخه رئيسنا الشهيد رفيق الحريري مدماكاً توأماً للاستقلال، وحافظ عليه وريثه الصادق الرئيس سعد الحريري رغم تضحيات ثقيلة تحمّلها راضياً لأنها حصّنت البلد في مواجهة جائحة فتنة او حرب أهلية.

"لبنان الطائف" بالنسبة لنا، نحن أتباع "الحريرية السياسية"، ليس دستوراً ومؤسسات وقوانين، بل هو روح اعتدال ووسطية أثبتت في مراحل سابقة انها قادرة على انجاز تعددية إيجابية تأخذ من "حسنات" مكوناتها لتطور صيغة جديدة كلما دارت بنا أهواء الغلبة، واستحكمت بنا شهوات جنرال لم يشبع من الخراب والتدمير.

لذا كان إسقاط الطائف أمنية كثيرين، لأنه أعاد التوازن الى "ميثاق وطني" اختلت ركائزه بفعل متغيرات داخلية وخارجية، وهم لا يريدون توازناً مبنياً على قلب سيادي ووجه عربي.

فليست "سقطة" هذه "القردحة" التي سمعناها ورأيناها مؤخراً فأوصلت الشقيق والقريب الى إشهار اليأس من لبنان، بل هي خطوة في سياق مدبّر مُدرَك من قبل "ممانعة" أقامت دويلتها بكل مكوناتها على أنقاض دولة بكل مؤسساتها، ليتماهى مع "الحوثي" اليمني و"الحشد" العراقي في التبعية لإيران، وجعلنا بيادق على رقعة شطرنج نووية تنافس فيها "جمهورية ولي الفقيه" لرفع العقوبات عنها ولو كلف ذلك خراب البصرة والمأرب وبيروت.