مصدر ديبلوماسي لـ"نداء الوطن": الإنهيار سيغيّر وجه لبنان

إستمرار "المحاصصة" يجعل الدول الداعمة تُعيد حساباتها

00 : 58

لبنان لا يحتاج الى قوانين وتشريعات انما يحتاج الى اشخاص يطبقونها (دالاتي ونهرا)

في حين تستمر العين الدولية مفتوحة على لبنان تتابع الأداء الرسمي اللبناني على المستويين التنفيذي والتشريعي، تواصل بعض القوى السياسية المكابرة في تعاطيها مع الملفات المطلوب معالجتها سريعاً، ومنها الإيفاء بالالتزامات التي وعدت الحكومة المباشرة في تنفيذها في مؤتمر "سيدر".

وأبرز ما يتوقف عنده المراقبون الدوليون، القرارات الحكومية وخصوصاً التعيينات في المواقع والمراكز الشاغرة، والتي ينظر إليها كعنوان وممر الزامي في عملية الإصلاح ومكافحة الفساد، بينما ما هو قائم فعلياً هو "إمعان في سياسة المحاصصة وإيصال الأزلام والمحاسيب، وهذا بحد ذاته مؤشر كارثي على عدم جدية المعنيين بالإصلاح ومحاربة الفساد في تغيير سلوكهم وانتهاج مسار مختلف كلياً عن السائد منذ عقود ومتواصل إلى يومنا الحاضر". وينقل عن مصدر ديبلوماسي معني بـ"سيدر" قوله إن "الاصلاح لا يكفي الإرادة والعزم، لأن هذه الارادة في لبنان متعددة الرؤوس والغايات، وهي بطبيعتها متناقضة نتيجة ما يسمى توازنات دقيقة، ففي لبنان لا يوجد رأس واحد في الدولة، ولا يحكم لبنان وفق سياسة الحزب الواحد، ولبنان في مأزق مستمر منذ فترة ما بعد الحرب الاهلية، ويتمثل هذا المأزق بنشوب الخلافات على كل المواضيع المطروحة الكبيرة منها والصغيرة، لذلك نسأل دائماً، هل إصلاح الإدارة في لبنان من كل ما يعتريها من موبقات وفساد أمر ممكن وقابل للتحقيق بإرادة كل الفرقاء السياسيين، بعدما وصلت الأمور إلى مرحلة لم تعد تنفع معها المسكنات والمساعدات إنما إجراءات جذرية تقلب الأمور رأساً على عقب؟".

ويضيف المصدر: "إن اختيار الاشخاص في المراكز الوظيفية العليا أو المتوسطة أو العادية، هو الأساس في عملية الاصلاح، ففي بلادنا هناك شخصيات في مواقع وظيفية ورقابية بمجرد ذكر اسمها يرتدع من يفكر في الفساد والافساد ويعيد حساباته، فهل لبنان الذي يصدر العقول لا يتوافر من بين أبنائه من هُم في هذه المنزلة؟ أعتقد جازماً أن هناك كثيرين من هذا النوع، ولكن المهم أن يتجرأ من يمسكون بمقاليد الحكم على اختيارهم ليقودوا مسيرة الاصلاح ومكافحة الفساد، وفي طليعة هؤلاء رؤساء الهيئات الرقابية، بحيث يجب أن يتم اختيار أشخاص في هذه المواقع ممن يقولون عنه باللبناني (شبعان من حليب أمه) ومثلهم رؤساء السلطات المحلية (المحافظون) الذين للأسف في معظمهم بدل أن يقوموا بمهامهم الاساسية والحساسة يسارعون إلى استخدام الموقع في عملية (بيزنس) شخصي ويراكمون ثروات هائلة ومن دون أن يسألهم أحد عن هذه الثروات".

ويتابع: "إن المؤشر إلى اصطلاح الامور في لبنان، هو عندما تتحول عملية مكافحة الفساد إلى تنافس بين القوى السياسية الممثلة في السلطة، لا أن يبقى الأمر أصواتاً لمعارضات مشتتة وقليلة العدد لا يعيرها الحاكمون أي اهتمام، وهذا يقودنا إلى السؤال عن القضاء الذي هو حسب دستور لبنان إحدى السلطات الثلاث، التنفيذية والتشريعية والقضائية، ولكن الغريب والعجيب أن هذه السلطة القضائية التي من البديهي أن تكون سيدة نفسها تتدخل السلطتان التشريعية والتنفيذية بكل تفاصيلها وتعييناتها ومناقلاتها ما يجعلها رهينة للطبقة السياسية، وهذا ينسحب على كل شيء، تكفي الاشارة إلى أن الوظائف التي تخضع في لبنان للمباريات لا يتم اختيار من هو الافضل والاحسن، انما تجرى المباريات شكلياً وتعلن النتائج وفق لوائح ترد من القوى السياسية والطائفية النافذة، وهذا أيضاً يقودنا إلى الفساد عند رجال الدين وهو مخيف ومن ضمن حلقات الفساد المترابطة في لبنان".

ويرى أن "المطلوب هو أن يُمسك بزمام الامور طاقم جديد من اصحاب العقول النقية غير الممسوسة من الشياطين، لديهم ارادة وجرأة الرفض والقبول ولا يهابون اياً كان الا ضميرهم، وقادرون على اخراج لبنان من حالة الموت الرحيم، لأن ما يحصل من مؤتمرات لدعم لبنان وتقديم مساعدات هي اوكسجين لفترة محددة، من شأنها مراكمة الديون التي للأسف لا يجد المسؤولون الا مكتسبات المواطن مصدراً لمعالجتها".

ويؤكد المصدر أن "لبنان لا يحتاج الى قوانين وتشريعات، وهي كثيرة ومتوافرة، انما يحتاج الى اشخاص يطبقونها، أما إذا استمر الوضع على حاله فإنّ الخطر الواصل إليه البلد هو تغيير هوية ووجه وتاريخ لبنان تحت عنوان الانهيار".