طوني فرنسيس

الجامعة والمطبعة قبل الدولة

25 تشرين الثاني 2021

02 : 00

إحتفلت مؤسسة الفكر العربي بإطلاق كتابيها، باللغتين العربية والإنكليزية، عن الابتكار والمعرفة، للباحثين الدكتور معين حمزة والدكتور عمر بزري. وكان يمكن للإحتفال أن يمرّ كغيره من مناسبات الإصدار والتوقيع لولا تضافر ظروف عدة جعلته حدثاً في حد ذاته.

فعدا عن اهمية الكتابين والجهد الذي بذله المؤلفان، فقد جاء تقديمهما في السنة العشرين على تأسيس المؤسسة العربية الأعرق من حيث اهتماماتها وتنوع نشاطاتها الثقافية والفكرية.

وصادف التقديم الاحتفالات اللبنانية بعيد الاستقلال وقيام دولة الاستقلال التي امتازت بأنها دولة سبقتها الجامعات ومراكز البحث. وهذه ميزة لمصلحة الدول الجديرة بالحياة. فالجامعة الأميركية قامت قبل الاستقلال بـ77 سنة، اي ان عمرها اليوم يبلغ ضعف عمر هذا الاستقلال، والجامعة اليسوعية تأسست قبل الاستقلال بـ68 عاماً، وقبل الجامعتين كان لبنان مطبعة الشرق الأولى، وأديرته تحولت بقرار المجمع الماروني عام 1736 الى مدارس للجميع.

العلم سبق الدولة والاستقلال في لبنان، والتحدي الذي تقوده مؤسسة الفكر العربي التي اسسها الأمير خالد الفيصل وعدد من المفكرين والباحثين هو في اعطاء العلم والبحث العلمي الأولوية المطلقة بالإعتماد على جيل الشباب في مختلف انحاء الدول العربية. وليس في هذا التوجه الا الإصرار على إدخال العالم العربي في عصور التنوير وتمسكاً بمكتسبات تحققت منها ان أفضل الجامعات العربية، بحسب الدراسات العالمية، تتوزع بين بيروت والسعودية ودول الخليج والأردن، الأولى بينها جامعة الملك عبد العزيز في السعودية والثانية الجامعة الأميركية في لبنان.

لكن ما العمل اذا كانت دولة الاستقلال تعتدي على العِلْم؟

خلال الاحتفال في الجامعة اليسوعية أثار رئيسها الأب سليم دكاش مسألة "تتجير" التعليم العالي في لبنان والعراق، ورفع وزير التربية عباس الحلبي الصوت انه لن يترك المسألة تمر من دون حساب. وفحوى المسألة كما هو معروف تفريخ عشرات ألوف الشهادات الجامعية ومنحها لعراقيين!

كانت الصرخة التي اطلقت في احتفال اليسوعية عالية: هناك من يبحث في ارساء مجتمع العلم والابتكار وهناك من يجعل من الشهادة بضاعة تُماثل الكبتاغون، وربما أسوأ، لأن كل من وصلته سيلعب دور المخدر في مجتمعه وبلده، وكل من ساعد فيها سيساهم في نسف صورة بلده ومجتمعه مثله مثل تاجر المخدرات.

في اليسوعية أتاحت مؤسسة الفكر ورئيس اتحاد الجامعات اللبنانية الأب دكاش بحضور وزير التربية ونخبة من الباحثين والمهتمين الفرصة لإحتفال مميز بالاستقلال اللبناني، وللإحتفاء بعشرينية مؤسسة يجدر التفكير بتحويلها الى جامعة مرموقة، وتكريم الجامعات اللبنانية المناضلة ضد دكاكين المذاهب الطائفية وأصحابها ورعاتها.


MISS 3