كوتاني تيتسو

الخطر وراء التفاف الأسطول الصيني والروسي حول اليابان

27 تشرين الثاني 2021

المصدر: The Diplomat

02 : 01

في أواخر شهر تشرين الأول، تجاوزت عشر سفن تابعة للقوات البحرية الصينية والروسية مضيق "تسوجارو" باتجاه المحيط الهادئ، بعد تنفيذها تدريبات مشتركة في بحر اليابان، ثم دخلت إلى بحر الصين الشرقي عبر مضيق "أوسومي"، عن طريق المياه الواقعة قبالة جزر "إيزو". كانت هاتان القوتان البحريتان قد التفّتا حول اليابان في الماضي، لكنها أول رحلة مشتركة بينهما. تزامناً مع تكثيف التعاون العسكري بين الصين وروسيا في السنوات الأخيرة، لا يُعتبر هذا التطور مفاجئاً بل من المتوقع أن يتكرر مستقبلاً.

بعد انتهاء الحرب الباردة، تراجعت العدائية بين الصين والاتحاد السوفياتي (ثم روسيا)، وبدأت الصين التي واجهت عقوبات اقتصادية غربية بسبب مذبحة ساحة "تيانانمن" تشتري أسلحة روسية الصنع لتحديث قدراتها العسكرية. لكن سرعان ما نشأ خلاف بسبب إقدام الصين على تقليد الأسلحة الروسية وسعر النفط الروسي الخام. بلغ التعاون العسكري بين الطرفَين ذروته في العام 2005 قبل أن يعود ويتباطأ.

خلال السنوات اللاحقة، زاد قلق روسيا من الحشد الصيني العسكري، ويقال إن أول مرور للأسطول الصيني عبر مضيق "تسوجارو" في العام 2008 صَدَم الجيش الروسي. في العام 2012، أطلقت الصين وروسيا تدريباً بحرياً سنوياً اسمه "البحر المشترك"، ويظن بعض المراقبين أن الروس أرادوا بذلك أن يثبتوا تفوّقهم أمام الصينيين.

لكن أدى ضم شبه جزيرة القرم في العام 2014 إلى عزل روسيا على الساحة الدولية. في الوقت نفسه، زادت مخاوف بكين من الحصار الأميركي. نتيجةً لذلك، تجدّد التعاون العسكري الجدّي بين البلدين، فأصبحت التدريبات البحرية المشتركة وسيلة كي تعزز القوتان قدراتهما في مجالات مثل الحرب السطحية، والدفاع الجوي، والحرب المضادة للغواصات، وعمليات البحث والإنقاذ. قرر البلدان تنظيم التدريبات في البحر الأبيض المتوسط بعد ضم شبه جزيرة القرم، وفي بحر الصين الجنوبي غداة قرار محكمة التحكيم بشأن الفلبين.

في الفترة اللاحقة، كثّفت الصين وروسيا عملياتهما المشتركة حول اليابان. اتّضحت العملية الأولى في حزيران 2016، حين دخلت السفن الروسية والصينية إلى مناطق متجاورة في جزر "سينكاكو" في الوقت نفسه.

وفي آب 2017، بعد يوم على اختراق طائرة روسية بحر الصين الشرقي من بحر اليابان عن طريق مضيق "تسوشيما" وتحليقها حول اليابان باتجاه الشرق، سلكت طائرة صينية المسار نفسه نحو المياه الواقعة قبالة شبه جزيرة "كي"، ما يشير إلى احتمال حصول تنسيق للطلعات الجوية بين البلدين.

في شباط 2018، حلّقت طائرات عسكرية من البلدَين فوق بحر اليابان، وكأنها اتفقت على هذه العملية مسبقاً. وفي تموز 2019 وكانون الأول 2020، أعلنت الصين وروسيا رسمياً عن إطلاق قاذفاتهما العسكرية لتنفيذ "طلعات جوية مشتركة" من بحر اليابان إلى بحر الصين الشرقي.

بعد التدريب البحري المشترك في "فلاديفوستوك" في العام 2013، لحقت خمس سفن صينية بست عشرة سفينة روسية عبر مضيق "صويا"، ثم دخلت بحر "أوخوتسك". في تلك الفترة، لم تعبر الصين وروسيا المضيق معاً، وكان عدد السفن الروسية يفوق السفن الصينية.

لكن خلال تدريبات تشرين الأول 2021، مرّت السفن في مضيق "تسوجارو" ومضيق "أوسومي" معاً، وأرسل كل طرف خمس سفن ووضع البلدان تلك العملية رسمياً في خانة "الدورية المشتركة". وبما أن "الطلعات الجوية المشتركة" بين القاذفات الصينية والروسية تكررت سابقاً، من المستبعد أن تكتفي القوات البحرية في البلدين بدورية مشتركة واحدة.

في السنوات الأخيرة، كثّفت البحرية الأميركية عمليات مرورها في مضيق تايوان، وبدأت دول أخرى من خارج المنطقة (مثل المملكة المتحدة، وفرنسا، وكندا) تمرّ بذلك المضيق أيضاً. كذلك، حصلت تدريبات بحرية متكررة وواسعة النطاق في غرب المحيط الهادئ، وتزامنت مع إرسال مجموعة من الناقلات البريطانية الهجومية إلى الشرق الأقصى.

استعملت السفن البريطانية مبدأ حرية الملاحة في المياه الإقليمية قبالة شبه جزيرة القرم قبل التوجه نحو غرب المحيط الهادئ، ويقال إن روسيا تشعر بالقلق من زيادة التعاون بين القوات البحرية التابعة للدول الغربية. ربما أرادت روسيا أن تتحقق أيضاً من عمق التعاون بين بريطانيا والولايات المتحدة وأستراليا في مجال التكنولوجيا العسكرية، مثل الغواصات النووية، بموجب الإطار الأمني الجديد "أوكوس".

إذا تابعت القوات البحرية الصينية والروسية المرور بمضائق اليابان مستقبلاً، كيف ستردّ اليابان على ما يحصل؟ باختصار، يجب ألا يتخذ هذا البلد أي خطوة إلا إذا حصل انتهاك للقانون الدولي.



تُعتبر مضائق "تسوشيما"، و"تسوجارو"، و"صويا"، و"أوسومي"، "مناطق بحرية منتقاة" بموجب القانون الياباني. بدل الإعلان إذاً عن بحر إقليمي مساحته 12 ميلاً بحرياً، وهي مساحة تسمح بها "اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار"، تقتصر المنطقة المستهدفة على ثلاثة أميال بحرية. بعبارة أخرى، ارتكز الأسطول الصيني الروسي على مبدأ حرية الملاحة في أعالي البحار.

مع ذلك، يجب أن تراقب اليابان طريقة استعمال هذا الحق، وكانت قوات الدفاع عن النفس تبرع في هذه المهمة. لا مشكلة طالما تحتفظ اليابان بقدرتها على "مراقبة" الوضع في زمن السلم وفرض "الحصار" في الحالات الطارئة.

يظن البعض أن هذه المساحات المائية كلها يجب أن توضع في خانة المياه الإقليمية. لكن إذا حصل ذلك، ستصبح هذه المضائق "مُعدّة للملاحة الدولية"، وسيختفي الجزء الضيق من أعالي البحار، وستتمكن الغواصات الأجنبية من الغوص في أي جزء من المضائق. هذا الوضع يزيد صعوبة المراقبة في زمن السلم.

نشأت "المضائق المنتقاة" على الأرجح لتجنب انتهاك "المبادئ الثلاثة غير النووية" (منها عدم مرور أي أسلحة نووية في المياه الإقليمية مثلاً) حين كانت السفن الأميركية والسوفياتية ذات القدرات النووية تمر بالمضائق خلال الحرب الباردة. وحتى هذا اليوم، من المنطقي أن تبقى مناطق أعلى البحار جزءاً من المضائق لتعزيز حرية الملاحة الدولية. في هذه الحالة، ستكون حرية ملاحة الأساطيل الصينية والروسية مشروعة.

لكن إذا استعملت الصين وروسيا حرية الملاحة حول هذه المنطقة، فيجب أن تمارس اليابان أيضاً حق الملاحة في المياه المحيطة بالصين وروسيا. وإذا كانت بكين وموسكو تستطيعان العبور بالمضائق اليابانية، فلا شيء يمنع قوة الدفاع الذاتي البحرية اليابانية من العبور في مضيق تايوان الأكبر حجماً. كذلك، تعتبر روسيا خليج بطرس الأكبر قبالة "فلاديفوستوك" جزءاً من المياه الداخلية وتمنع مرور السفن الأجنبية، لكن لا أساس لهذا الموقف في القانون الدولي. لهذا السبب، يجب أن تمارس قوة الدفاع الذاتي البحرية اليابانية حقها بالملاحة في الخليج.

أخيراً تعتبر اليابان، تلك الدولة البحرية، حرية الملاحة جزءاً من مصالحها الحيوية. لذا يجب ألا تسمح للصين وروسيا باستعمال معايير مزدوجة لإعاقة حق السفن الحربية الأجنبية بالملاحة في مياهها بينما تتنقل سفن البلدَين بكل حرية في مياه الدول الأخرى. يجب أن تتعاون اليابان إذاً مع الولايات المتحدة ودول بحرية أخرى لرفض هذا الوضع وحماية حرية البحار.


MISS 3