فرنسا وإيطاليا توقّعان معاهدة لتعزيز التعاون

الأزمة بين باريس ولندن تدخل مرحلة جديدة

02 : 00

الحبر الأعظم خلال استقباله ماكرون في الفاتيكان أمس (أ ف ب)

في أوجّ توتر جيوسياسي مستمرّ أساساً في شأن النزاع المتعلّق بصيد السمك بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، تجاوزت الأزمة بين باريس ولندن بالأمس عتبة جديدة مع إلغاء فرنسا الحضور البريطاني لاجتماع مخصّص لأزمة المهاجرين.

وقرّرت باريس إلغاء مشاركة وزيرة الداخلية البريطانية بريتي باتيل في اجتماع مقرّر الأحد حول ملف المهاجرين، فيما دعت لندن باريس إلى التراجع عن قرارها الذي جاء بعد رسالة لرئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون يطلب فيها من الفرنسيين استعادة المهاجرين الذين وصلوا بطريقة غير قانونية إلى المملكة المتحدة، بعدما قضى 27 منهم في غرق زورقهم عندما كانوا يُحاولون عبور المانش.

وفي رسالة وجّهها إلى باتيل، رأى وزير الداخلية الفرنسي جيرالد دارمانان أن رسالة جونسون إلى الرئيس الفرنسي بحدّ ذاتها "تُشكّل خيبة أمل"، مشدّداً على أن قرار نشرها "أسوأ بعد". وبناءً على ذلك ألغى مشاركة باتيل في الاجتماع الذي دُعِيَ إليه الوزراء المكلّفون شؤون الهجرة في ألمانيا وهولندا وبلجيكا، فضلاً عن المفوضية الأوروبّية.

بدوره، انتقد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ما اعتبره تصرّفات "غير جدّية" من قبل لندن في شأن ملف المهاجرين. وردّاً على سؤال حول هذه الرسالة خلال مؤتمر صحافي في روما، قال ماكرون: "أستغرب الأساليب عندما لا تكون جدّية".

واعتبر ماكرون أنّه "لا يتمّ التواصل بين مسؤول وآخر بمسائل كهذه عبر "تويتر" وعبر نشر رسائل". وعلى الرغم من هذه الإنتقادات القاسية جدّاً، طلبت لندن من باريس دعوة وزيرة الداخلية من جديد، إذ اعتبر وزير النقل البريطاني غرانت شابس عبر هيئة "بي بي سي" أنه "لا يُمكن لأي دولة أن تُعالج المسألة بمفردها. آمل أن يُعيد الفرنسيون النظر بقرارهم".

ورأى شابس أيضاً أن "هذا يصبّ في مصلحتهم وفي مصلحتنا وبالتأكيد في مصلحة الناس الذين يتعرّضون للإتجار عن طريق تهريبهم إلى المملكة المتحدة مع مشاهد مأسوية نراها وموت أفراد".

ويُشكّل عبور المهاجرين غير الشرعيين نقطة حساسة، وهو موضع توتر دائم لحكومة المحافظين البريطانية التي جعلت من مكافحة الهجرة محور حملتها في أوج "بريكست" وتُواجه تدفق لاجئين بأعداد كبيرة على ساحل إنكلترا الجنوبي.

من جهة أخرى، تصاعد التوتر على جانبَيْ بحر المانش منذ خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، خصوصاً بسبب صيد السمك. وباشر صيادون فرنسيون أمس تعطيل حركة العبارات التي تقوم برحلات مع بريطانيا في مرفأ كاليه في شمال فرنسا، مطالبين بتسوية خلافات صيد الأسماك الناجمة عن "بريكست" مع المملكة المتحدة. وتُهدّد فرنسا بفرض عقوبات إذا لم يحصل الصيادون على مزيد من التراخيص للعمل في المياه البريطانية.

وعلى صعيد آخر، وقعت فرنسا وإيطاليا وسط ضجة إعلامية كبيرة في روما، معاهدة لتعاون ثنائي معزّز، من أجل تعزيز علاقات تضرّرت في السنوات الأخيرة بسبب خلاف ديبلوماسي وفي أجواء انتقال في أوروبا مع رحيل أنغيلا ميركل.

ووقّع المعاهدة بالأحرف الأولى في قصر كويرينالي الرئاسي، ماكرون ورئيس الحكومة ماريو دراغي بحضور الرئيس الإيطالي سيرجو ماتاريلا. وتعانق الرجال الثلاثة طويلاً، بينما حلّقت طائرات فرنسية وإيطالية خطّت ألوان علمَيْ البلدَيْن فوق العاصمة الإيطالية.

وتحدّث دراغي خلال مؤتمر صحافي مشترك مع ماكرون بعد مراسم التوقيع عن "لحظة تاريخية في العلاقات بين بلدَيْنا". أما ماكرون فرأى أن المعاهدة "تُرسّخ صداقة عميقة". و"معاهدة التعاون الثنائي المعزّز" التي سُمّيت "معاهدة كويرينالي" نادرة جدّاً في أوروبا، وهي الثانية فقط التي تُبرمها فرنسا بعد معاهدة الإليزيه التي وقّعت بالأحرف الأولى في 1963 مع ألمانيا واستُكملت بمعاهدة آخن في 2019.

وفي الغضون، استقبل البابا فرنسيس لمدّة ساعة في الفاتيكان ماكرون الذي التقى الحبر العظم للمرّة الثانية خلال ولايته الرئاسية، في بادرة تجاه الكاثوليك قبل 5 أشهر من الإنتخابات، وفي أعقاب فضيحة الإعتداء الجنسي التي هزّت الكنيسة الفرنسية.


MISS 3