تجنّباً لـ"سيناريو عسكري مرعب"

تواصل مرتقب بين بايدن وبوتين

02 : 00

خلال اجتماع منظمة التعاون والأمن في أوروبا في ستوكهولم أمس (أ ف ب)

في خضمّ التوتر العسكري المتصاعد حول أوكرانيا، وفيما طلبت موسكو "ضمانات أمنية قوية وطويلة الأمد" عند حدودها، برزت أمس بوادر لتنظيم محادثة بين الرئيسَيْن الأميركي والروسي جو بايدن وفلاديمير بوتين لتجنّب عودة "سيناريو المواجهة العسكرية المرعب" بين القوّتَيْن العظميَيْن. ورَدَ ذلك على لسان وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف خلال لقائه نظيره الأميركي أنتوني بلينكن على هامش اجتماع منظمة التعاون والأمن في أوروبا قرب ستوكهولم.

ومن المنتظر أن ينتقل الحوار إلى مستوى الرئيسَيْن اللذَيْن قد يُجريان مكالمة هاتفية، إذ قال نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي ريابكوف إنّه يأمل في "إقامة تواصل بين الرئيسَيْن في الأيام المقبلة"، فيما أكد بلينكن أنه من المحتمل أن يتحدّث الرئيسان "في مستقبل قريب". وصعّد الوزيران الأميركي والروسي التحذيرات، لكن مع تأكيد رغبة البلدَيْن في حلّ الأزمة الأوكرانية من خلال الديبلوماسية.

وقال بلينكن إلى جانب لافروف: "نشعر بقلق بالغ إزاء خطط روسيا لتنفيذ عدوان جديد على أوكرانيا"، مردّداً الإتهامات التي أطلقها الأربعاء عندما أشار إلى وجود "أدلّة" على استعدادات للغزو. كما حذّر من أنه "إذا قرّرت روسيا الإستمرار نحو المواجهة، ستُواجه عواقب وخيمة"، بعدما هدّد بفرض عقوبات ثقيلة. لكنّ بلينكن أبدى أيضاً انفتاحه على حل ديبلوماسي، قائلاً إنّه مستعدّ لـ"تسهيل تنفيذ إتفاقات مينسك"، التي أُبرمت بعد ضمّ روسيا لشبه جزيرة القرم العام 2014 لتسوية النزاع في شرق أوكرانيا بين كييف والإنفصاليين الموالين لروسيا، والتي لم تُطبّق.

وخلال الاجتماع الوزاري لمنظمة التعاون والأمن في أوروبا، دعا بلينكن روسيا إلى "خفض التصعيد" وسحب القوّات التي حشدت أخيراً عند الحدود الأوكرانية، بينما حذّر لافروف من أن "سيناريو المواجهة العسكرية المرعب" بدأ بالعودة إلى أوروبا، متّهماً "حلف شمال الأطلسي" بـ"تقريب بنيته التحتية العسكرية من الحدود الروسية"، ودعا الغرب إلى درس المقترحات التي ستُقدّمها موسكو "في المستقبل القريب" لمنع توسّع الحلف إلى الشرق.

وفي هذا الإطار، أبلغ لافروف وزير الخارجية الأميركي بأنّ موسكو تُريد وعداً ملزماً قانوناً بعدم السماح لأوكرانيا بالإنضمام إلى "حلف شمال الأطلسي"، وأن "الناتو" سيوقف توسعه شرقاً. وأوضحت وزارة الخارجية الروسية في بيان أن لافروف حذّر واشنطن من "زجّ أوكرانيا في الألعاب الجيوسياسية للولايات المتحدة"، مضيفاً أن روسيا تحتاج إلى "ضمانات أمنية طويلة الأمد عند حدودنا الغربية، وهو ما يجب اعتباره مطلباً حتميّاً". لكن لافروف أكد في الوقت عينه رغبته في إعطاء فرصة للحوار، وقال: "نحن مهتمون ببذل جهود مشتركة لحلّ الأزمة الأوكرانية. نحن جاهزون لذلك".

والتقى وزير الخارجية الأميركي في العاصمة السويدية أيضاً نظيره الأوكراني دميترو كوليبا، الذي كرّر مطالبته بـ"تدابير رادعة" لبوتين "تدفعه إلى التفكير مرّتَيْن قبل اللجوء إلى القوة العسكرية". وفي ما بدا إشارة للحرب الباردة، زلّ لسان وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن أثناء زيارة إلى سيول عندما حذّر من "توغل الاتحاد السوفياتي" في أوكرانيا.

واستمرّت هذه التوترات على الأرض خلال الاجتماعات الديبلوماسية. فقد قُتِلَ جندي أوكراني على الجبهة أثناء اشتباكات مع الإنفصاليين الموالين لروسيا في شرق البلاد، في حين أعلنت موسكو أنها قبضت على 3 جواسيس أوكرانيين، أحدهم مُتّهم بالتحضير لـ"هجوم" بالمتفجّرات.

وعلى صعيد آخر، أعلنت الولايات المتحدة وبريطانيا والاتحاد الأوروبي وكندا فرض عقوبات اقتصادية جديدة على بيلاروسيا المتّهمة بارتكاب "انتهاكات متكرّرة لحقوق الإنسان" وتنظيم عمليات عبور مهاجرين غير شرعيين إليها ودفعهم للتسلّل إلى الاتحاد الأوروبي. ودعا الحلفاء في بيان مشترك "نظام (ألكسندر) لوكاشنكو مجدّداً إلى التوقف الفوري والكامل عن تنظيم موجات هجرة غير قانونية عبر حدوده مع الاتحاد الأوروبي".

وفي بيان آخر، اعتبر بلينكن أن العقوبات "تُظهر تصميمنا الثابت على العمل في مواجهة نظام وحشي يقوم على نحو متزايد بقمع شعبه ويُقوّض السلام والأمن في أوروبا ويُواصل استغلال الأشخاص الذين يسعون فقط إلى العيش بحرية"، فيما أعلنت وزارة الخزانة الأميركية أن العقوبات تستهدف 20 فرداً و12 منظمة قريبة من السلطة متّهمة بـ"تسهيل مرور مهاجرين داخل الاتحاد الأوروبي" و"المشاركة في القمع المستمرّ الذي يمسّ بحقوق الإنسان والديموقراطية". وفي الجانب الأوروبي، وسّعت لائحة عقوبات الاتحاد الأوروبي رسميّاً لتشمل 28 مسؤولاً وكياناً، بما في ذلك شركة الطيران الوطنية "بيلافيا"، بينما سارعت مينسك إلى وصف العقوبات الجديدة بأنّها "عبثية"، محذّرةً من أنّها ستردّ عبر اتخاذ "إجراءات صارمة وغير متناسقة، إلّا أنها مناسبة".


MISS 3