تنديد عربي وغربي... والأكراد يتصدّون

أنقرة "تغزو" سوريا

01 : 15

سحب الدخان تتصاعد من تل أبيض بعد قصف تركي عنيف أمس (أ ف ب)

نفّذت أنقرة تهديداتها المعهودة وأطلقت عمليّتها العسكريّة الثالثة، عبر هجوم برّي بغطاء جوّي على مناطق سيطرة "قسد" في شمال شرقي سوريا، ما تسبّب بمقتل أكثر من 15 شخصاً ونزوح آلاف المدنيين. وانطلقت العمليّة البرّية في وقت متأخّر أمس في اتجاه قرى غرب بلدة تل أبيض، حيث تصدّت "قسد"، التي تضم فصائل كردية وسريانية وعربية، للهجوم البرّي وسُجّل أوّل اشتباك عسكري ميداني بين الطرفين، في وقت كرّر الرئيس الأميركي دونالد ترامب تهديده بأنّ تركيا ستدفع ثمناً اقتصاديّاً باهظاً إذا كان الهجوم في سوريا جائراً، وذلك بعدما اعتبر في وقت سابق أن العمليّة التركيّة "فكرة سيّئة"، مؤكّداً أن واشنطن "لا تُوافق على هذا الهجوم"، كما صرّح بأنّ "التدخّل في الشرق الأوسط كان أسوأ قرار اتُخذ في تاريخ الولايات المتّحدة"، مضيفاً: "الحروب الغبيّة التي لا نهاية لها انتهت بالنسبة إلينا". وبعد أيّام من حشد تركيا لقوّاتها وفصائل سوريّة موالية لها قرب الحدود، أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أن القوّات المسلّحة التركيّة باشرت عمليّة "نبع السلام" في شمال سوريا. واستهلّ الهجوم التركي بغارات جوّية استهدفت بلدة رأس العين ومحيطها، قبل أن يطاول القصف المدفعي مدناً وقرى عدّة على طول الشريط الحدودي، ومن ضمنها القامشلي، إحدى أبرز المدن الكرديّة.

وتأمل أنقرة من "غزوتها" العسكريّة، إقامة "منطقة آمنة" تُعيد إليها اللاجئين السوريين لديها، في حين يعقد مجلس الأمن الدولي اجتماعاً طارئاً مغلقاً اليوم لبحث الهجوم التركي، بناءً على طلب قدّمته بلجيكا وفرنسا وألمانيا وبولندا وبريطانيا. وتحدّث "المرصد السوري" عن نزوح آلاف المدنيين في اتجاه مناطق لا يشملها القصف التركي، ما دفع "منظّمة العفو الدوليّة" إلى تحذير أطراف النزاع من استهداف المدنيين.

وتوالت ردود الفعل المندّدة بالعمليّة العسكريّة التركيّة من معظم العواصم العربيّة، أبرزها الرياض وأبو ظبي والقاهرة، والغربيّة، خصوصاً الأوروبّية، المعنيّة بالأزمة السوريّة، بينما توعّد السيناتور الجمهوري ليندسي غراهام، المقرّب من ترامب، بأنّ الكونغرس سيجعل تركيا "تدفع غالياً" ثمن هجومها، متّهماً الإدارة الأميركيّة بـ"التخلّي بشكل معيب" عن الأكراد.

وبدأت تركيا غاراتها الجوّية بالرغم من إعلان مسؤول رفيع المستوى في وزارة الخارجيّة الأميركيّة الإثنين، أن قوّات بلاده أغلقت الأجواء أمام الطائرات التركيّة. واستبقت الإدارة الذاتيّة بدء الهجوم بإعلانها صباح أمس "النفير العام" في مناطق سيطرتها. وفي موقف لافت، دعا الأكراد، موسكو، إلى تسهيل المحادثات مع دمشق، بعد إعلان وزير الخارجيّة الروسي سيرغي لافروف إجراء بلاده اتصالات مع الأكراد والحكومة السوريّة، وحضّهم على "بدء الحوار لتسوية المشكلات في هذا الجزء من سوريا". ويأتي تصريح الإدارة الذاتيّة أيضاً، بعد وقت قصير من إعلان دمشق استعدادها "لاحتضان أبنائها الضالين"، في إشارة إلى المقاتلين الأكراد.

وقبل انطلاق الهجوم التركي، أكّد أردوغان لنظيره الروسي فلاديمير بوتين في مكالمة هاتفيّة، أن العمليّة التركيّة ضدّ القوّات الكرديّة ستُساهم في جلب "السلام والاستقرار" إلى سوريا، فيما دعا الرئيس الإيراني حسن روحاني، أنقرة، إلى ضبط النفس وتجنّب أيّ عمل عسكري في شمال سوريا، مؤكّداً أنّه على القوّات الأميركيّة مغادرة المنطقة. كما شنّ "داعش" هجوماً انتحارياً في مدينة الرقة، معقله السابق الأبرز في سوريا، قبل بدء أنقرة عمليّتها العسكريّة. وأفاد "المرصد السوري" عن شنّ عنصرَيْن من التنظيم الإرهابي ليل الثلثاء، هجوماً ضدّ نقطة أمنيّة تابعة لمجلس الرقة العسكري، الذي يتولّى إدارة المدينة، اندلعت إثره اشتباكات قبل أن يُفجّر المقاتلان نفسيهما بأحزمة ناسفة. ولم يُسفر الهجوم عن سقوط قتلى.


MISS 3