البطريرك الراعي: ذلّيتم الشعب وسرقتم جنى عمره

13 : 02

لفت البطريرك الكاردينال مار بشاره بطرس الرّاعي في عظة ألقاها خلال ترأسه قداس الأحد في بكركي إلى أننا “نصلّي لكي يصغي إلى إلهامات الله المسؤولون، وبخاصّة الذين يستعملون نفوذهم السياسيّ لعرقلة اجتماع مجلس الوزراء، وسير التحقيق العدليّ في كارثة انفجار المرفأ، ولكي تستعيد الدولة مسيرتها الطبيعيّة بمؤسّساتها الدستوريّة”.

وشدد إلى أنه “لا يمكن أن تسير البلاد من دون سلطة إجرائيّة تقرّر وتصلح وتجري الإصلاحات وتنفّذ القرارات الدوليّة، وتراقب عمل الوزراء، وتمارس كامل صلاحيّاتها الدستوريّة. ولا يمكن القبول بحكومة تعطّل نفسها بنفسها. هل في نيّة المعطّلين اختبار تجريبيّ لما ستكون عليه ردود الفعل في حال قرّروا لاحقًا تعطيل الإنتخابات النيابيّة فالرئاسيّة؟ وكيف يستقيم حكم من دون قضاء مستقلّ عن ال​سياسة​ والطائفيّة والمذهبيّة، علمًا أنّ “العدالة أساس الملك؟”. وقال: ” إنّنا نرفض رفضًا قاطعًا تعطيل إنعقاد مجلس الوزراء خلافًا للدستور، بقوّة النفوذ ونيّة التعطيل السافر، لأهداف غير وطنيّة ومشبوهة، وضدّ مصلحة الدولة والشعب”.

وأضاف “ما يزيد من قلق اللبنانيّن أنّ الدولة تحاول التضحية بودائعهم لمصلحتها ومصلحة المصارف. وفي هذا الإطار، نحذّر المشرّعين من مغبّة وضع صيغةٍ للكابيتال كونترول تودي بما بقي للناس من أموالٍ تحت ستار توزيع الخسائر. فهل ذنب المواطنين أنّهم وضعوا أموالهم في المصارف لكي تجعلوهم شركاء في الخسائر؟ لقد أذلّيتم الشعب كفايةً، وسرقتم جنى عمره كفايةً، وأفْقرتموه كفاية. فارحموه لكي يرحمكم الله. تفعلون ذلك والشعب لا يملك القدرة للذهاب إلى طبيب. وإذا استطاع ووصف له دواء فلا يجده لا في الصيدليّات ولا في المستوصفات ولا في المستشفيات ولا حتى في وزارة الصحة. تتبخّر أدوية الأمراض المزمنة والمستعصية قبل أن تصل إلى المرضى، فيموت الناس في بيوتهم وعلى الطرقات وأمام أبواب المستشفيات والوزارات. هذه حالة كارثيّةٌ لم يعرفْها لبنان في تاريخه”.

وعن قرار وزير العمل مصطفى بيرم، فرأى الراعي أنه “بما أنّ قرار وزير العمل يتعارض مع مجموعة قوانين وبخاصة القوانين التي تنظم المهن الحرة، يعتبر رجال القانون وجوب تقديم دعوى امام مجلس شورى الدولة وطلب ابطال هذا القرار. ونحن بقدر ما نحترم الذات الإنسانيّة ونشعر مع النازحين واللاجئين، نلفت النظر إلى أنّ مسؤوليّة الاعتناء بهؤلاء الإخوة تعود إلى الأمم المتّحدة من خلال منظمة “الأونروا” للفلسطينيّين، وإلى المفوضيّة العليا لشؤون النازحين السوريين. إنّ لبنان عاجزٌ عن تلبية حقوق نحو مليوني لاجئٍ ونازح، ونطالب لهم، احترامًا لكرامتهم، بحياةٍ طبيعيّة، وبأن يجد العرب والعالم حلًا نهائيًّا للقضيّة الفلسطينيّة خارج لبنان، وللنازحين السوريّين بإعادتهم سريعًا إلى بلادهم”.

ولفت إلى أنه “تابعنا بفرحٍ وتقديرٍ تدشينَ كاتدرائيّةِ “سيدة العرب” في المنامة، عاصمةِ مملكةِ البحرين الشقيقة. هذا الحدثُ السعيد يَدّل على تقدّمِ الحوار بين الأديان، وخصوصًا بين المسيحيّةِ والإسلام، ويُبرزُ نهجَ الانفتاحِ الذي يَسلُكه ملكُ البحرين في إطارِ الانفتاحِ الخليجيّ عمومًا. وحبّذا لو أنَّ اللبنانيّين الّذين أُنشئ وطنُهم نموذجًا لتعايشِ الأديان أنْ يُحييوا هذه الرسالةَ العظيمة عوض طعنِها كلَّ يوم. ففيما تولدُ الصيغةُ اللبنانيّةُ في العالم لا يجوز أن تسقطَ في أرضها الأم، لبنان.

وقال، ” يا ربّ، ساعد كلّ واحد وواحدة من البشر أن يصغوا إلى صوتك وإلهاماتك، لكي يصححوا حياتهم وطريقة عيشهم ونظرتهم إلى الحياة، فيتمّوا إرادتك الخلاصيّة، ويبنوا تاريخًا بشريًّا أكثر إنسانيّة، لمجدك، أيّها الآب والإبن والروح القدس، الآن وإلى الأبد، آمين”.

MISS 3