تظاهرات حاشدة في الذكرى الثالثة لـ"ثورة ديسمبر"

الخرطوم: مواجهات عنيفة في المحيط "الرئاسي"

02 : 00

خلال المواجهات العنيفة بين المتظاهرين والأمن في الخرطوم أمس (أ ف ب)

تزامناً مع الذكرى الثالثة لـ"ثورة ديسمبر" التي أطاحت الرئيس الإسلامي السابق عمر البشير، حاول آلاف المحتجّين السودانيين الاعتصام في محيط القصر الرئاسي في وسط الخرطوم مساء الأحد، للمطالبة برحيل العسكر وبحكم مدني ديموقراطي، لكن قوات الأمن تصدّت لهم وفرّقتهم بالقوّة.

وبعدما أعلن المتظاهرون الاعتصام أمام البوابة الجنوبية للقصر الجمهوري، وبادروا في هذا السياق إلى تعليق مكبّر للصوت، سارعت قوات الأمن إلى تفريقهم ومنعهم من القيام بذلك بإطلاق القنابل الصوتية وقنابل الغاز المسيّل للدموع، ما أدى إلى حصول مواجهات عنيفة بين الجانبَيْن وعمليّات "كرّ وفرّ" استمرّت حتّى ساعات متأخّرة من المساء وتسبّبت بوقوع إصابات في صفوف المتظاهرين.

وكانت قوات الأمن قد أطلقت بعد الظهر الرصاص الحي في الهواء والغاز المسيّل للدموع في محاولة لتفريق حشود المتظاهرين، ما أسفر عن سقوط جرحى في محيط القصر الرئاسي، فيما نزل مئات الآلاف من السودانيين إلى شوارع العاصمة للمطالبة بحكم مدني ديموقراطي، بعد قرابة 3 أشهر من انقلاب الـ25 من تشرين الأوّل، الذي قاده قائد الجيش الفريق أوّل عبد الفتاح البرهان وأطاح بالشركاء المدنيين من حكم البلاد.

وهتف المحتجّون ضدّ البرهان مردّدين "الشعب يُريد إسقاط البرهان"، و"لا لحكم العسكر"، و"مدنيّة، مدنيّة نُريد الحرّية". وفي جنوب الخرطوم، رفع المتظاهرون لافتات تدعو إلى "حصار قصر" البرهان وهتفوا "الشعب أقوى أقوى والردة مستحيلة". وفي منطقة أم درمان (غرب العاصمة)، تمكّن آلاف المتظاهرين من عبور أحد الجسور بعد أن فشلت قوات الأمن المتمركزة هناك في السيطرة عليهم.

ومنذ ساعات الصباح الأولى، أغلقت قوات الجيش والشرطة الجسور الرئيسية التي تربط وسط الخرطوم بمنطقتَيْ أم درمان وبحري لمنع المتظاهرين من الوصول إلى مقرّ القيادة العامة للجيش، حيث تمّ وضع كتل اسمنتية. كما تمركزت بجانب الجسور سيارات نُصِبَت على بعضها مدافع رشاشة، وبجانبها جنود مسلّحون.

كذلك، أغلق الجيش كلّ الطرق المحيطة بمقرّ قيادته في وسط المدينة بسيارات مسلّحة وأسلاك شائكة وحواجز إسمنتية، كما أغلق شارع المطار، أهمّ شوارع المدينة، بسيارات عسكرية مسلّحة، في حين كانت لجان المقاومة في الأحياء السكنية وتجمّع المهنيين السودانيين وتحالف "الحرّية والتغيير"، الذي قاد الاحتجاجات ضدّ البشير، قد دعوا إلى تظاهرة مليونية نحو القصر الرئاسي للمطالبة بتنحي الجيش عن السلطة وتسليمها إلى المدنيين.

وعشيّة هذه التظاهرات، حذّر رئيس الوزراء عبد الله حمدوك، الذي عزله البرهان وأقال حكومته قبل أن يُعيده إلى منصبه الشهر الماضي ولكن من دون حكومته تحت ضغط دولي، من "انزلاق البلاد نحو الهاوية". وقال حمدوك خلال كلمة وجّهها إلى السودانيين مساء السبت: "نُواجه اليوم تراجعاً كبيراً في مسيرة ثورتنا، يُهدّد أمن البلاد ووحدتها واستقرارها، ويُنذر ببداية الإنزلاق نحو هاوية لا تُبقي لنا وطناً ولا ثورة"، معتبراً أن "الإتفاق السياسي هو أكثر الطرق فعالية وأقلّها كلفة للعودة إلى مسار التحوّل المدني - الديموقراطي". لكن المتظاهرين لا يُوافقون رئيس الوزراء الرأي، ويُريدون حكماً مدنيّاً كاملاً من دون أن يتدخّل الجيش بالسياسة.