واشنطن تُقلّل من حجم التقدّم في "محادثات فيينا"

مرفأ اللاذقيّة في مرمى الضربات الإسرائيليّة مجدّداً

02 : 00

جانب من آثار الضربة الإسرائيليّة على مرفأ اللاذقية فجر الثلثاء (سانا)

في ثاني استهداف من نوعه يطال هذا المرفق السوري الحيوي خلال الشهر الحالي، وجّهت إسرائيل ضربات جوّية قويّة من عمق البحر المتوسط لساحة الحاويات في مرفأ اللاذقية في غرب سوريا فجر الثلثاء، فيما رأى متابعون للصراع القائم في المنطقة أن هذا الاستهداف المتكرّر للمرفأ يُظهر مدى هشاشة الوضعية السياسية والعسكرية للنظام السوري وانكشاف ساحته أمنيّاً، هذا فضلاً عن صلابة التعاون الإستراتيجي والتنسيق التكتيكي بين روسيا وإسرائيل، اللتَيْن تلتقيان على هدف إضعاف التموضع العسكري الإيراني في سوريا.

وعلى الرغم من ذلك، ومن باب "اللياقات الديبلوماسيّة" وجدت روسيا نفسها معنيّة باتخاذ موقف يتناسب مع وضعية حلفائها الحسّاسة في المنطقة، والحرج الذي تتسبّب به مثل هذه الضربات الإسرائيلية لكلّ من دمشق وطهران على حدّ سواء، إذ قال مساعد مندوب روسيا لدى الأمم المتحدة دميتري بوليانسكي تعليقاً على القصف: "لا نعتقد أن أوضاعاً مماثلة تُساهم في استقرار الشرق الأوسط أو الوضع في سوريا"، مضيفاً: "لم نُخفِ أبداً أنّنا لا نوافق على سلوك مماثل"، ولفت إلى أن روسيا "ستتطرّق إلى المشكلات في شكل ثنائي مع إسرائيل".

وفي التفاصيل، كشف مصدر عسكري لوكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) أنّ القصف أدّى إلى "أضرار مادية كبيرة" واندلاع حرائق، من دون أن يُبيّن ما تمّ استهدافه تحديداً في ساحة الحاويات في المرفأ. لكن وكالة "سانا" نقلت عن قائد فوج إطفاء اللاذقية الرائد مهند جعفر أنّ "المواد المستهدفة في الحاويات هي عبارة عن زيوت وقطع غيار للآليات والسيارات"، فيما أوضح مركز حميميم التابع لوزارة الدفاع الروسية أن القوات السوريّة لم تتصدَ للضربات الإسرائيليّة بسبب هبوط طائرة روسية في مطار حميميم وقت تنفيذ العملية.

وبحسب "المرصد السوري لحقوق الإنسان"، استهدف القصف الإسرائيلي "حاويات تضمّ أسلحة وذخائر لا يُعلم ما إذا كانت إيرانية المصدر"، مشيراً إلى أن "القصف تسبّب بانفجارات عنيفة تردّد صداها في مدينة اللاذقية وضواحيها، عدا عن اشتعال النيران ووقوع أضرار مادية كبيرة في المرفأ والمباني والمنشآت السياحية المحيطة به".

وبالفعل، فقد أظهرت صور نشرتها "سانا" حاويات مبعثرة ونيراناً مندلعة بينها، فيما يعمل عناصر الإطفاء على إخمادها. وأفادت الوكالة السورية عن تضرّر مشفى وبعض المباني والمحال التجارية المجاورة للمرفأ جرّاء القصف. وبعد ساعات، أكد محافظ اللاذقية عامر إسماعيل هلال أن فرق الإطفاء تمكّنت من السيطرة على الحرائق، وبدأت أعمال المراقبة والتبريد.

واستهدفت ضربة إسرائيلية سابقة في السابع من الشهر الحالي شحنة أسلحة إيرانية مخزّنة في ساحة الحاويات، وفق ما أفاد "المرصد السوري" آنذاك، من دون تسجيل خسائر بشرية، في حين كشف المرصد أن إسرائيل استهدفت الأراضي السورية 29 مرّة منذ مطلع العام الحالي، سواء عبر ضربات صاروخية أو جوّية، لافتاً إلى أن هذه هي ثاني أكبر حصيلة استهدافات سنوية للقصف الإسرائيلي على سوريا بعد العام 2020 الذي شهد 39 استهدافاً.

ووفق المرصد، أسفرت هذه الضربات عن إصابة وتدمير نحو 71 هدفاً ما بين مبانٍ ومستودعات للأسلحة والذخائر ومقرّات ومراكز وآليات. كما أنها تسبّبت بمقتل 130 شخصاً، وهم 5 مدنيين و125 مقاتلاً من قوات النظام والمسلّحين الموالين لها و"حزب الله" والقوات الإيرانية والميليشيات الموالية لها.

وبالانتقال إلى الملف النووي الإيراني، أوضحت وزارة الخارجية الأميركية أن الأسابيع الأخيرة شهدت بعض التقدّم في المحادثات النووية، لكنّها اعتبرت في الوقت عينه أن "الوضع الأساسي لم يتغيّر" رغم التقدّم المحقق. ورأى المتحدّث باسم الخارجية الأميركية نيد برايس أنه من السابق لأوانه تحديد مدى أهمّية أي تقدّم في "محادثات فيينا"، مشيراً إلى أن "الولايات المتحدة لم ترَ حتّى الآن إلحاحاً كافياً لدى إيران"، وشدّد على أن "واشنطن بحاجة إلى رؤية الأطراف في المحادثات تسعى بشكل بناء وثابت لتحقيق تقدّم".

من جهتها، شدّدت الدول الأوروبّية المشاركة في المفاوضات النووية على "الطابع الملح" لإنجاز "محادثات فيينا" في وقت تقترب فيه طهران "بشكل كبير" من "الحصول على المواد الانشطارية التي يُمكن استخدامها في صنع سلاح نووي". وقالت فرنسا وألمانيا وبريطانيا: "من الواضح أنّنا نقترب من نقطة يكون فيها التصعيد النووي الإيراني أفرغ الإتفاق من مضمونه"، مشدّدين على أن "الوقت المُتاح يُقاس بالأسابيع وليس بالأشهر لانجاز المفاوضات".

وفي المقابل، رأى وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان أن المفاوضات تسير "على الطريق الصحيح"، وقال: "مع الإرادة الحسنة وجدّية الأطراف الأخرى يُمكننا أن نأمل في التوصّل إلى إتفاق في مستقبل قريب"، فيما أوضح الممثل الدائم لروسيا لدى المنظمات الدولية في فيينا ميخائيل أوليانوف أن فريق العمل حول المسائل النووية أجرى "اجتماعاً مفيداً"، وقال: "نلحظ تقدّماً أكيداً"، لافتاً إلى أن رفع العقوبات "يُناقش بشكل نشط" بطريقة غير رسمية.

وعلى الجبهة الإسرائيلية، اعتبر رئيس الوزراء نفتالي بينيت أن "على القوى العالمية اتخاذ موقف أكثر حزماً في المحادثات النووية مع إيران"، في حين أكد رئيس هيئة الأركان العامة للجيش الإسرائيلي الجنرال أفيف كوخافي أن الجيش يُواصل استعداداته لاحتمال توجيه ضربة ضدّ المنشآت النووية في إيران، تماشياً مع نشاطاته ضدّ محاولات تموضعها في سوريا، كاشفاً أن القوات الإسرائيلية نفّذت خلال العام الحالي أكثر من 1600 عملية لإحباط محاولات لتهريب الأسلحة في 6 جبهات مختلفة، كما أشار إلى أن هذه العمليات ساهمت في عرقلة ومنع تهريب كمّيات كبيرة للوسائل القتالية من إيران إلى المنطقة.


MISS 3