محمد دهشة

تناقضات متعددة في يوم الغضب

تحرّك خجول للسائقين في صيدا ولا إشكالات

14 كانون الثاني 2022

02 : 00

إقفال الطرقات

حمل السائق الستيني كامل محمد الزين «ابو سمير» همومه المزمنة، إتكأ على عصاه، ونزل الى شوارع مدينة صيدا وساحاتها غاضباً للمشاركة في الاضراب الذي دعا اليه اتحاد النقل البري في لبنان، علّ صوته الموجوع والمبحوح يصل الى آذان المسؤولين فيبادرون الى تطبيق وعودهم بدعم السائقين العموميين لتخفيف معاناتهم في ظل الغلاء وارتفاع الاسعار والمحروقات والصيانة ارتباطاً بالدولار الاميركي.

ويقول «ابو سمير» لـ»نداء الوطن»: «لم يعد بمقدورنا السكوت عن الوجع، المسؤولون غير مبالين ويعيشون على «الدليفري»، بينما نحن نبحث في الارض عن فتات الاكل ولم نعد نجدها حتى «الهندبة» لقمة الفقراء وقت الضيق اختفت. العسكري بات يتقاضى 40 دولاراً والموظف اكثر بقليل، والحياة نار وكوى وغلاء، كيف سيعيشون، بينما نحن رزقنا كل يوم بيومه، يجب محاسبة المسؤولين عن جوعنا وفقرنا في الانتخابات، هذه الطبقة فاسدة وعليها الرحيل ليحل مكانها جيل الشباب من خريجي الجامعات».

و»ابو سمير» واحد من مئات السائقين العموميين الذين حثوا الخطى باكراً الى شوارع صيدا لاقفالها والاحتجاج على تردي الاوضاع المعيشية، قالوا كلمتهم... ولو لساعات: يجب وقف الانهيار ودعمنا وفق الاتفاق الذي جرى مع حكومة الرئيس نجيب ميقاتي وكان يفترض تطبيقه في بداية كانون الاول الماضي، ارتفع الدولار اضعافاً مضاعفة وبقي الاتفاق معلقا وبنوده حبراً على ورق، حتى التقديمات فيه لم تعد تكفي شيئاً و»رغم ذلك قبلنا به»، كما يقول نائب رئيس نقابة السائقين العموميين في الجنوب ابراهيم البخاري لـ»نداء الوطن»، فالاتفاق تضمّن دعم المحروقات شهرياً، بدل صيانة مقدارها 500 الف ليرة، وقف السيارات الخصوصية، والنمرة المزورة والمكررة، للاسف وصلنا الى الانهيار والاضراب اليوم رسالة مزدوجة اننا نريد العيش بكرامة واذا لم يستجب المسؤولون فالتحركات ستتواصل وتتصاعد تدريجيا»، مشيراً الى ان الاضراب هو من اجل السائق والركاب المواطنين معاً، واي دعم للسائق من شأنه ان ينعكس ايجاباً على اجرة الراكب».

تحرك السائقين بدأ باكراً وقبل الموعد المحدد الخامسة فجراً من ساحة النجمة حيث نزلوا بمبادرة فردية واقفلوا الطريق بالاطارات المشتعلة وبسياراتهم، وكرروا المشهد في ساحة «ايليا»، ثم منطقة الاولي عند المدخل الشمالي، وصولا الى الكورنيش البحري. ورصدت «نداء الوطن» في «يوم الغضب» تناقضات متعددة ابرزها: ان التحرك في صيدا كان خجولاً ولكنه مؤثر، سائقون لم يلتزموا بالاضراب بل واصلوا العمل سراً، وحين يعثر عليهم السائقون المضربون يجبرونهم على انزال الركاب وركن سياراتهم جانباً من دون وقوع اشكالات. بقي الصرافون الجوالون على سيرتهم على طول شارع رياض الصلح الرئيسي يعملون وكأن الاضراب لم يمر من عندهم، تدخل الجيش اللبناني اكثر من مرة لمنع اقفال الطريق بالكامل، وابلغ المحتجين انه يحق لهم حرية الاحتجاج والتعبير عن رأيهم سلمياً، ولكن ممنوع استخدام العنف او التعدي على الاملاك الخاصة والعامة وقطع الطرقات وهو ما لاقى تجاوباً من الطرف الآخر. عدد كبير من العمال والموظفين فضلوا عدم الالتحاق بالعمل والتزموا المنازل تجنباً لأي اشكال.

وأعرب رئيس نقابة السائقين العمومين في صيدا والجنوب قاسم شبلي عن ارتياحه الى سلمية الاضراب والاعتصامات، مستغرباً تنصل رئيس الحكومة ووزراء الاشغال والداخلية والمالية من الاتفاق بدعم السائقين «يقولون ما لا يفعلون»، متسائلاً «كيف يمكن للسائق والمزارع والموظف والعامل والطلاب والاساتذة والعسكر ان يعملوا في ظل غلاء المازوت والمحروقات ورواتبهم لا تتعدى المليون ونصف المليون»، لافتاً الى ان الشعب اللبناني اصبح تحت خط الفقر.


MISS 3