العلماء يُطوّرون "سيقان ديناصورات" لدى الدجاج!

02 : 00

حتى الفترة الأخيرة، كانت أكبر الخرافات في مجال العلوم تفترض أن جميع أنواع الديناصورات انقرضت منذ 65 مليون سنة. لكن بعد اكتشاف مواد أحفورية جديدة وقادرة على توسيع معلوماتنا عن الديناصورات الطائرة، نعرف اليوم أن جزءاً من الديناصورات فقط انقرض بعد اصطدام كويكب بالأرض. نَجَت الأعداد الأخرى وأنتجت الطيور التي نعيش معها في عالمنا اليوم. لاستكشاف مسار هذا التطور، أجرى باحثون في تشيلي تجربة غريبة لكن مدهشة في العام 2016، فتلاعبوا بجينات الدجاج العادي لجعله يُطوّر مشابك مستطيلة ومشابهة للديناصورات في أسفل الساق (إنها واحدة من العظمتَين الطويلتيَن التي نجدها في فخذ الدجاج).

في الديناصورات الطائرة مثل الأركيوبتركس، كان المشبك عبارة عن عظمة تشبه الأنبوب المستطيل وتصل إلى أسفل الكاحل. نَمَت عظمة أخرى، وهي قصبة الساق، بالطول نفسه إلى جانبها.

مع استمرار تطور هذه الفصيلة وتحوّلها إلى ديناصورات طائرة تُعرَف باسم البيغوستيليون، أصبح المشبك أقصر من قصبة الساق ومسنّناً ومشققاً بدرجة إضافية في طرفه ولم يعد يصل إلى الكاحل. لا تزال أجنّة الطيور المعاصرة تحمل مؤشرات على تطوير مشابك طويلة ومشابهة لتلك التي حملتها الديناصورات في الماضي، لكن تصبح هذه العظام قصيرة ورفيعة حين تنمو وتشبه أطرافها المسننة عظام البيغوستيليون ولا تمتد على طول الساق وصولاً إلى الكاحل.

قرر الباحثون بقيادة جواو فرانسيسكو بوتيلو من جامعة تشيلي استكشاف كيفية نشوء هذه المرحلة الانتقالية من مشبك طويل ومستطيل لدى الديناصورات إلى مشبك قصير ومسنن لدى الطيور.



حصلت هذه التجربة عبر كبح التعبير عن جينة اسمها IHH (أي القنفذ الهندي)، فاستمر نمو المشابك الطويلة والمشابهة للديناصورات لدى الدجاج بما يشبه شكلها الجنيني.

اكتشف الباحثون بهذه الطريقة ظاهرة غريبة. يترافق نمو العظام العادية مع انقسام الخلايا، ما يعني أن النمو يتوقف في قصبة الساق قبل وقتٍ طويل من توقف النمو في الأطراف. لكن يتوقف نمو المشبك في الأطراف أولاً لدى الدجاج المعاصر. يعني ذلك أن المشابك في الدجاج اليوم لا تصل إلى طول عظام الكائنات القديمة.

نشر العلماء ملاحظاتهم في مجلة "التطور" في شباط 2016، وهم يفترضون أن نضج الطرف السفلي من المشبك لدى الدجاج المعاصر ينجم عن منطقة في الكاحل اسمها عظم العقب.

يوضح الباحثون: "على عكس الحيوانات الأخرى، يضغط عظم العقب في أجنّة الطيور على الطرف السفلي من المشبك. إنها مناطق متقاربة جداً، لذا يظن بعض الباحثين أنها تشكّل عنصراً واحداً". يفترض العلماء أن التفاعلات بين عظم العقب وطرف المشبك لدى الدجاج العادي تنتج مؤشرات مشابهة لتلك التي تدفع قصبة العظم إلى وقف نموها، ما يمنع المشبك من الوصول إلى أي نقطة قريبة من عظم الكاحل.

لكن عند تعطيل جينة IHH، يُعبّر عظم العقب بقوة عن بروتين مرتبط بجينة جار درقية، ما يسمح باستمرار النمو على أطراف العظام. هذا ما جعل الدجاج يُطوّر مشابك طويلة ومتّصلة بالكاحل، على غرار ديناصورات الأركيوبتركس.

يكتب الباحثون في تقريرهم: "أدى التنظيم التجريبي لإشارات جينة IHH في مرحلة ما بعد تشكّلها إلى نشوء قصبة ساق ومشبك بالطول نفسه. كان المشبك أطول مما هو عليه في المجموعات المرجعية وقد انصهر مع المشابك. أما قصبة الساق، فكانت منحنية وأقصر من المشبك".

للأسف، لم يصل "الدجاج الديناصوري" إلى مرحلة التفقيس، لكن لم يكن البحث يهدف أصلاً إلى بلوغ سن الرشد بل تحديد العمليات البيولوجية التي تفسّر الانتقال من سيقان الديناصورات إلى سيقان الطيور المعاصرة. يوضح المشرف على الدراسة، ألكسندر فارغاس: "تُركّز هذه التجارب على خصائص فردية لاختبار فرضيات معينة. نحن لا نعرف معلومات كثيرة عن نمو الطيور فحسب، بل عن مسار الانتقال من الديناصورات إلى الطيور أيضاً، وهي عملية موثّقة عبر سجل الأحافير. هذه المعلومات تقودنا تلقائياً إلى فرضيات حول تطور عملية النمو التي يمكن استكشافها في المختبر".

هذه ليست المرة الأولى التي يُعاد فيها ابتكار خصائص الديناصورات لدى الدجاج المعاصر. في العام 2015، نجح الفريق نفسه في تطوير أرجل مشابهة للديناصورات لدى الدجاج، وقام فريق آخر في الولايات المتحدة بتطوير "منقار" مشابه للديناصورات لدى أجنّة الدجاج.

نُشِرت نتائج البحث في مجلة "التطور".