محمد دهشة

عدّاد الدولار يضبط يوميات الفقراء: إنخفاض سريع وثبات في الاسعار

15 كانون الثاني 2022

02 : 00

الدولار يضبط حياة الناس

خطف سعر صرف الدولار الاميركي في السوق السوداء بشكل سريع اهتمام اللبنانيين في ظل استفحال الازمة الاقتصادية والحياتية، وفتح ابواب التساؤلات مجدداً على لغز التلاعب به، لماذا ترك على عنانه يحلق عالياً ويخنق الفقراء في لقمة عيشهم طالما ان قرارات المسؤولين قادرة على لجمه متى أرادوا؟

ولغز التساؤل جاء مصحوباً بمرارة كبيرة، اذ انخفض الدولار ولكن اسعار البضائع والمواد على اختلافها لم تنخفض، بقيت على الرفوف في السوبرماركت وداخل الدكاكين على حالها، وكشف حقيقة أخرى ذاق المواطنون مرها مع التقلبات في الصرف، يرتفع الدولار ألفين فترتفع الاسعار عشرين، ثم ينخفض ويقتصر على ثلاثة آلاف فقط، هذه الدوامة وصفها «ابو علي» نسب بأنها «متاهة لا تنتهي تؤكد جشع التجار... ولا ترحم الفقراء».

ويقول نسب لـ»نداء الوطن»، وهو يشتري احتياجاته من احد المحلات: «لقد اعتدت على شراء الجبنة الهنغارية زنة 200 غرام بسعر 22 ألف ليرة لبنانية، انخفض الدولار وبقيت على حالها، لماذا؟؟ انها أزمة اخلاق في التعامل مع الناس، كل واحد يركض وراء مصلحته وربحه من دون النظر الى الآخرين واوضاعهم المعيشية الصعبة، انها دوامة واذا لم يحكم الضمير فلن تستطيع قوانين العالم لجم الجشع وخاصة في الازمات».

في يوم الدولار المشهود بتقلباته، استنكف كثير من الصرافين الشرعيين والجوالين المنتشرين على طول شارع رياض الصلح الرئيسي في صيدا عن شرائه بإنتظار جلاء المشهد ومدى استمرار انخفاضه، وأكد أحد الصرافين انه عندما جاء إلى محله ليفتح أبوابه في الصباح، وجد طابوراً في انتظاره، لأن الناس أصبحت تتعامل بالدولار وتريد الربح على حساب الليرة اللبنانية»، موضحاً ان «حجم الأعمال في سوق الصرافة قفز إلى أكثر من ثلاثة أضعاف منذ بداية الأزمة».

قابل الاستنكاف تهافت المواطنين على بيع الدولار تفادياً للخسارة، بعضهم إحتفظ به ليصرفه وقت الغلاء بسعر أعلى، والبعض الآخر ليصرفه كلما احتاج اليه اذ يصله كمساعدة شهرية من أحد ابنائه او اقاربه او حتى اصدقائه ليحدث فرقاً في تخفيف المعاناة.ويقول عبد الله رستم لـ»نداء الوطن»: «لقد لعب الحظ معي، قبل ايام صرفت مساعدتي الشهرية وقيمتها مئتي دولار اميركي على سعر 33 ألف ليرة لبنانية، اليوم انخفض ولامس 27 ألفاً، والفرق 6 آلاف اي انني ربحت 600 ألف في كل مئة دولار، ما يعادل مليوناً ومئتي ألف، سأستفيد منها لشراء احتياجات اخرى وسأنتظر عندما تنزل الاسعار».

كلام عبد الله الصادم، كشف جانباً غير طبيعي في يوميات المواطنين وكيفية التفكير في التأقلم مع الازمات او الاستفادة منها، حيث تبقى عيونهم شاخصة على سعر الدولار وتقلباته ارتفاعاً او انخفاضاً، والاقدام على الصرف او الاحجام، على شراء الاحتياجات او الانتظار، ويقول مازن درزي: «لن اقوم بملء خزان وقود سيارتي، سأنتظر يومين او ثلاثة من اجل اصدار جدول جديد بالاسعار وانخفاض السعر كي اوفر بعضاً من المال، بتنا نتكيف مع الاوضاع المعيشية الصعبة ونضبط حياتنا على عداد الدولار»، قبل ان يضيف بغضب: «بئس الحياة التي يصل فيها المواطن الى هذه الدرجة من التفكير بدلاً من العمل والانتاج وبناء المستقبل نفكر في الاستفادة ببضعة قروش موقتة تنتهي بعد ايام».