فشل سلطوي في الاعتداء على حريتها ودفاعها عن السيادة

القضاء: "نداء الوطن"... براءة

02 : 00

وقفة تضامنية مع أسرة "نداء الوطن" (الصور من الأرشيف)

في ما يلي نص قرار محكمة التمييز:

«قـرار

باسم الشعب اللبناني

أساس: 97/2019 قرار: 3/2022

إن الغرفة التمييزية التاسعة الناظرة إستئنافاً في دعاوى المطبوعات والمؤلّفة من الرئيسة المنتدبة جمال الخوري والمستشارين جان-مارك عويس وجورج مزهر،

لدى التدقيق والمذاكرة،

تبيّن أن النيابة العامة الإستئنافية في بيروت تقدّمت بتاريخ 28/11/2019 بإستئناف بوجه كل من شركة جريدة «نداء الوطن» ش.م.ل. ممثّلة بشخص المفوّض بالتوقيع عنها والسيدين بشارة حليم شربل وجورج منصور برباري طعناً في القرار رقم 27 الصادر بتاريخ 21/11/2019 عن محكمة إستئناف في بيروت غرفتها العاشرة الناظرة في قضايا المطبوعات القاضي:

«أولاً: بإبطال التعقّبات المساقة بحق المدّعى عليهم شركة جريدة «نداء الوطن» ش.م.ل. بشخص المفوّض بالتوقيع وبشارة حليم شربل وجورج منصور برباري المبيّنة كامل هويتهما أعلاه بالجرائم المدّعى بها عليهم.

«ثانياً: بردّ ما زاد أو خالف من أسباب ومطالب.

«ثالثاً: حفظ النفقات القانونية كافةً».

وأوردت أن الإستئناف وارد ضمن المهلة القانونية وأن القرار المطعون فيه مستوجب الفسخ لمخالفته القانون والخطأ في تفسيره وفي تطبيقه على إعتبار أنه إستثبت أن المقال المشكو منه لا يخلو من قساوة صارخة وأنه تضمّن هجوماً على رئيس البلاد لكنه إعتبره هجوماً مبرّراً، وإستند بشكلٍ غير قانوني إلى تعديل قانون حرية الإعلام الفرنسي وإلى الإجتهاد الدولي ولم يناقش مدى توافر أركان المادة 23 من المرسوم الإشتراعي رقم 104/77 ولم يناقش بالتالي مسألة المسّ بكرامة رئيس الجمهورية عندما جعله المقال المشكو منه تحت إمرة المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية في إيران وأن لا طاعة له في بلاده. وأشارت إلى أن المقال المذكور يخرج عن إطار النقد الأساسي وحرية التعبير ويظهر عن إنحياز تام وتجنٍّ ومسّ بكرامة رئيس البلاد فضلاً عن الذمّ به وتحقيره.

وطلبت قبول الإستئناف شكلاً وأساساً وفسخ القرار المستأنف ورؤية الدعوى إنتقالاً والحكم مجدّداً بإدانة المدّعى عليهم بالمادتين 26 و23 من المرسوم الإشتراعي رقم 104/77 معطوفتين على المادة 210 عقوبات بالنسبة للشركة وتدريكهم الرسوم.

وتبيّن أن الجلسة المقرّر موعدها بتاريخ 2/3/2021 لم تنعقد بسبب إعلان مجلس الوزراء التعبئة العامة.

وتبيّن نتيجة المحاكمة العلنية أنه لم يحضر أحد الجلسة المنعقدة بتاريخ 22/6/2012 بسبب إضراب المحامين.

وتبيّن أن الحق العام تمثّل في الجلسة المنعقدة بتاريخ 9/11/2021 بالمحامي العام التمييزي القاضي عماد سعيد وحضر الأساتذة بطرس حرب والكسندر نجار وزياد إسبر عن الجهة المستأنف بوجهها التي حضر منها السيدان بشارة شربل وجورج برباري، وكرّر ممثّل النيابة العامة مآل الإستئناف وترافع الأستاذ حرب مشيراً إلى أنه لم يتمّ التعرّض لرئيس الجمهورية في المقال المشكو منه الذي أتى على ذكره مرّة واحدة، مدلياً بأن المقال المذكور يعبّر عن رأي شريحة كبيرة من اللبنانيين وأنه من الطبيعي أن يتعرّض السياسي للإنتقاد، وطلب بالنتيجة ردّ الإستئناف وتصديق الحكم المستأنف.

بناءً عليه

أولاً: في الشكل:

حيث أن الجهة المستأنفة قد ضمّنت إستئنافها أسباباً إستئنافية ومطالب وهي تبلّغت القرار الوجاهي المشار إليه بتاريخ صدوره في 21/11/2019، فيكون الإستئناف الحاضر المقدّم بتاريخ 28/11/2019 وارداً ضمن المهلة القانونية المنصوص عنها في المادة 30 من القانون رقم 104/1977 ومستوفياً شروطه الشكلية، فيقتضي قبوله في الشكل.

ثانياً: في الأساس:

حيث أن النائب العام الإستئنافي في بيروت قد إدّعى بتاريخ 19/9/2019 بحق المستأنف بوجههم شركة جريدة «نداء الوطن» ش.م.ل. بشخص المفوّض بالتوقيع عنها وبحق السيدين بشارة حليم شربل وجورج منصور برباري سنداً للمادة 26 معطوفة على المادة 23 من المرسوم الإشتراعي رقم 104/77 معطوفة على المادة 210 عقوبات بالنسبة للشركة وأحالهم أمام محكمة المطبوعات في بيروت على أثر نشر صحيفة «نداء الوطن» بتاريخ 12/9/2019 التي يتولّى مهمّة المدير المسؤول فيها المستأنف بوجهه جورج برباري والمملوكة من المستأنف عليها الأولى مقالاً بقلم المستأنف عليه بشارة شربل تحت عنوان «سفراء جدد في بعبدا... أهلاً بكم في جمهورية خامنئي».

وحيث أنه جاء في المقطع الأول من المقال المشار إليه:

«من دويلة داخل الدولة» إلى «دولة داخل الدويلة» هكذا أضحت الصورة بإختصار في لبنان، بعدما أسقطه الأمين العام لـ»حزب الله» السيد حسن نصرالله بالضربة القاضية في قبضة الولي الفقيه، مطوباً إياه ولياً آمراً ناهياً على جمهورية الأرز ومنصّباً إياه قائداً أعلى على حرب اللبنانيين وسلمهم حيث لا طاعة ولا إمرة لـ» فخامة الرئيس» إنما لـ»سماحة آية الله العظمى إمامنا وقائدنا وسيدنا السيد علي الحسيني الخامنئي» . فأهلاً وسهلاً بكم سعادة السفراء السبعة الجدد الذين قدمتم أوراق إعتمادكم بالأمس في قصر بعبدا لتكونوا سفراء بلادكم في «جمهورية الخامنئي الحاكمة بقوة الأمر الواقع، سيما وأن نصرالله قدّم أوراق إعتماد البلد برمّته إلى المرشد الإيراني، بينما صمت القبور يكاد يضجّ من صمت أركان الدولة... «.

وحيث أن محكمة المطبوعات أوردت في قرارها المستأنف:

«إن الكاتب في الأسلوب الذي إنتهجه وخطّ به المقال من محسنات بديعية من كناية وإستعارة... إنما تهدف إلى جذب القارئ وشدّه إلى متابعة أفكاره وقناعاته المناهضة لموقف رئيس الجمهورية في ممارسته لصلاحياته إزاء خطاب الأمين العام لحزب الله، وهو إذ ذاك يعرب بوضوح عن جزء من نقاش سياسي حرّ يتعلّق بقضايا ذات شأن عام، وإن كتاباته هذه التي لا تخلو من قساوة صارخة – وإن كانت مثيرةً للجدل– وبقطع النظر عن مدى صوابية الآراء المعروضة فيها والتي تبقى خاضعة لنقد وتشريح من لا يؤيّدها في نطاق الحرية الصحفية المسؤولة، غير أنها لا تحتوي على هجومٍ غير مبرّر على شخص رئيس البلاد ومكانته ورمزيته ولا تخرج عن نطاق حرية التعبير المصانة في دستور البلاد وقوانينه وتقاليده، وتعكس بذلك واقع تعدّدية فكرية لا غنى عنها في مجتمع ديمقراطي».

وحيث أنه وفقاً للمادة 23 من المرسوم الإشتراعي رقم 104/77:

«إذا تعرّضت إحدى المطبوعات لشخص رئيس الدولة بما يعتبر مسّاً بكرامته أو نشرت ما يتضمّن ذمّاً أو قدحاً أو تحقيراً بحقّه أو بحق رئيس دولة أجنبية تحرّكت دعوى الحق العام بدون شكوى المتضرّر،

«يحق للنائب العام الإستئنافي أن يصادر أعداد المطبوعة وأن يحِيلها إلى القضاء المختصّ الذي يعود له أن يقضي بنتيجة المحاكمة بالحبس من شهرين إلى سنتين وبالغرامة من 50 مليوناً إلى مائة مليون ل.ل. أو بإحدى هاتين العقوبتين...».

وحيث أنه وفقاً للمادة 26 منه «إن العقوبات التي يقضى بها بسبب الجرائم المرتكبة بواسطة المطبوعات الصحفية تقع على المدير المسؤول وكاتب المقال كفاعلين أصليين. وتطبّق في هذا المجال أحكام قانون العقوبات المتعلّقة بالإشتراك أو التدخّل الجرمي. أما صاحب المطبوعة الصحفية فيكون مسؤولاً مدنياً بالتضامن عن الحقوق الشخصية ونفقات المحاكمة ولا يترتّب عليه مسؤولية جزائية إلاّ إذا ثبت تدخّله الفعلي في الجريمة المرتكبة...».

وحيث أنه وفقاً للمادة 385 عقوبات فإن الذمّ هو نسبة أمر إلى شخص ولو في معرض الشك أو الإستفهام ينال من شرفه أو كرامته. وكل لفظة إزدراء أو سباب وكل تعبير أو رسم يشفّان عن التحقير يعدّ قدحاً إذا لم ينطوِ على نسبة أمر ما،

وحيث أنه لم يتبيّن للمحكمة أن المقال المشكو منه تضمّن أي لفظة إزدراء أو سباب بحق فخامة رئيس الجمهورية، كما أن النيابة العامة لم تدلِ بتضمّنه مثل هذه العبارات.

وحيث أن ما جاء في المقال المذكور من أن الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله أسقط لبنان بالضربة القاضية في قبضة الولي الفقيه، مطوّباً هذا الأخير ولياً آمراً ناهياً على جمهورية الأرز ومنصّباً إياه قائداً أعلى علـى حرب اللبنانيين وسِلمهم حيث لا طاعة ولا إمرة لـ» فخامة الرئيس»، إنما يدخل ضمن الجدل السياسي الذي يسود المجتمع اللبناني منذ سنوات حول سلاح المقاومة ولمن يعود قرار السلم والحرب في لبنان علماً بأن مقام رئاسة الجمهورية قد رعى في السابق طاولة الحوار الوطني حول الإستراتيجة الدفاعية ومصير سلاح المقاومة،

وحيث أن الجدل المشار إليه تطوّر مؤخّراً لا سيما أثناء الحرب السورية وأصبح يتناول المحاور الإقليمية ومدى إنخراط لبنان في إحداها، وقد أتى خطاب الأمين العام لحزب الله موضوع المقال المشكو منه ليعزّز الإنقسام بهذا الخصوص بين مناوئ ومؤيّد للخيارات المذكورة،

وحيث أن المقال المشكو منه الذي تناول الخطاب المشار إليه وتأثيره على السيادة اللبنانية قد إنتقد صمت السلطات اللبنانية الرسمية وعدم إتّخاذها أي موقف بخصوص ما جاء فيه، وهو لم ينسب لفخامة الرئيس ما من شأنه النيل من شرفه أو كرامته، وإن القول أن لا طاعة ولا إمرة لـ»فخامة الرئيس» في مسألة الحرب والسلم إنما يدخل ضمن الجدل السياسي المشار إليه ويعكس وجهة نظر معيّنة لشريحة من المجتمع اللبناني ولا يستشفّ منه وجود نيّة للنيل من كرامة رئيس الجمهورية، علماً بأن قرار الحرب والسلم يعود وفقاً للمادة 65 من الدستور اللبناني إلى مجلس الوزراء،

وحيث أن القرار المستأنف الذي نفى أن يكون المقال المشكو منه قد تضمّن هجوماً غير مبرّر على شخص رئيس البلاد ومكانته ورمزيته مورداً أن ما ورد فيه لا يخرج عن نطاق حرية التعبير المصانة في دستور البلاد وقوانينه، يكون قد نفى توافر أركان الجرائم المنصوص عنها في المادة 23 من المرسوم الإشتراعي رقم 104/77 ومنها جريمة المس بكرامة رئيس الجمهورية بعدما كان قد إستعرض أحكامها،

وحيث أنه يقتضي بالإستناد إلى ما تقدّم ردّ الإستئناف في الأساس وإبرام القرار المطعون فيه،

لذلك

وتأسيساً على ما تقدّم فإنها تقرّر بالإجماع:

أولاً: قبول الإستئناف المقدّم من النيابة العامة الإستئنافية في بيروت في الشكل وردّه في الأساس وإبرام القرار المستأنف.

ثانياً: حفظ الرسوم والنفقات.

قراراً وجاهياً صدر وأفهم علناً في بيروت بتاريخ 18/1/2022.

الكاتب المستشار المستشار الرئيسة المنتدبة



فارس خشان


بسام النونو وأحمد فتفت ومروان حمادة


رامي الريس وأحمد فتفت ومروان حمادة وريشار قيومجيان وهادي أبو الحسن


نهاد المشنوق


طوني أبي نجم في حديث مع الزميلة غادة حلاوي


رئيس التحرير يلقي بياناً في المتضامنين مع "نداء الوطن"


رئيس التحرير يلقي بياناً في المتضامنين مع "نداء الوطن"


رئيس التحرير يلقي بياناً في المتضامنين مع "نداء الوطن"


رئيس التحرير يلقي بياناً في المتضامنين مع "نداء الوطن"



حرب: صفعة لكل من حاول كمّ الأفواه 


فور صدور القرار، صدر عن مكتب النائب السابق والمحامي بطرس حرب البيان التالي:

«صدر قرار محكمة التمييز بردّ الاستئناف المقدم من النيابة العامة ضد جريدة «نداء الوطن» والأستاذين بشاره شربل وجورج برباري وإبرام القرار المستأنف الصادر عن محكمة المطبوعات في بيروت تاريخ 21/11/2019 والذي أبطل التعقبات المساقة بحق المدعى عليهم.

وقد صرّح النائب السابق والمحامي بطرس حرب الذي تولّى الدفاع عن المدعى عليهم أنّ هذا القرار يشكل صفعة لكل من حاول كمّ الأفواه والاعتداء على حرية الرأي المكرسة في الدستور اللبناني، كما يؤكد وجود قضاة محصّنين ضد ضغوط السلطة السياسية التي عملت على الضغط على بعض ضعفاء النفوس منهم لملاحقة صحيفة «نداء الوطن» ورئيس تحريرها ومديرها لأنّهم انتقدوا تحوّل الجمهورية اللبنانية إلى جمهورية الخامنئي بعد سيطرة إيران، بواسطة «حزب الله»، على القرار السياسي في لبنان، وبعد أن تنازل المسؤولون اللبنانيون عن سيادة لبنان وحرية قراره الوطني للمحور الإيراني، واكتفوا بالمناصب والمكاسب، ما يصحّ فيه القول أن «حزب الله» فرض إنتخاب مرشحه بالقوة رئيساً للجمهورية وأخذ الجمهورية.

لعلّ في هذا القرار الجريء من محكمة المطبوعات ومحكمة التمييز ما يُحيي الأمل بأنّه لا يزال في لبنان قضاة شجعان مستقلون، وأنّ الحاجة كبيرة لحمايتهم ليبقى العدل سيّد الأحكام، ووجوب إقرار إقتراح القانون، الذي تقدمت به مع بعض الزملاء الكرام عام 1997، لإقرار إنشاء السلطة القضائية المستقلة».



نجار: "نداء الوطن" ستبقى منارة للحريات 


اعتبر المحامي اسكندر نجار احد وكلاء «نداء الوطن»، «ان قرار محكمة التمييز يشكل انتصاراً جديداً لحرية التعبير في زمن تتعرض فيه هذه الحرية لانتهاكات عدة». وقال:»لقد اثبتت المحكمة مهنيتها واستقلاليتها خلافاً لبعض القضاة المسيسين الذين يتحركون بصورة تعسفية وغب الطلب». وأكد «ان «نداء الوطن» ستبقى منارة للحريات العامة وخط الدفاع الاول عن سيادة لبنان».