أنقرة تعلّق عملياتها العسكرية في شمال سوريا

أردوغان يرضخ للضغوط الأميركيّة

02 : 57

مدنيّون هاربون من جحيم المعارك الطاحنة يصلون إلى بلدة تل أبيض أمس (أ ف ب)

بعد الرسائل الأميركيّة شديدة اللهجة وتحت تهديد سيف "العقوبات المدمّرة"، وافقت أنقرة أمس على تعليق هجومها في شمال شرقي سوريا وانهائه إذا انسحبت "قسد" من هذه المنطقة خلال 5 أيّام، وذلك بموجب اتفاق انتزعه نائب الرئيس الأميركي مايك بنس من أنقرة.

وأوضح بنس للصحافيين بعد محادثات مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان استمرّت أكثر من 4 ساعات، أنّه للسماح بانسحاب القوّات الكرديّة خلال 120 ساعة، ستُعلّق كلّ العمليّات العسكريّة في إطار عمليّة "نبع السلام"، على أن تتوقف العمليّة نهائياً ما أن يُنجز هذا الانسحاب. وعلى القوّات الكرديّة أن تنسحب من منطقة حدوديّة معيّنة بعمق 32 كلم، بحيث تتحوّل في النهاية إلى "منطقة آمنة".

من ناحيته، أعلن قائد "قسد" مظلوم عبدي استعداد قوّاته للالتزام باتفاق وقف إطلاق النار، موضحاً أنّه يشمل المنطقة الممتدّة بين رأس العين (شمال الحسكة) وتلّ أبيض (شمال الرقة)، حيث شنّت تركيا هجومها، لافتاً إلى أنّه لم تتمّ مناقشة مصير بقيّة المناطق.

من جهته أكّد وزير الخارجيّة التركي مولود تشاوش أوغلو التوصّل إلى هذا الاتفاق، الذي تُرجم في "إعلان تركي - أميركي مشترك حول شمال شرقي سوريا". وقال: "نحن نُعلّق العمليّة، لكنّنا لن نوقفها"، مضيفاً: "يُمكن أن نوقف العمليّة فقط حين تنسحب (القوّات الكرديّة) في شكل تام من المنطقة".

وسارع الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى الترحيب بإعلان "وقف إطلاق النار"، معتبراً أنّه "يوم عظيم" للولايات المتّحدة وتركيا والأكراد. وقال من فورت وورث في ولاية تكساس: "لدينا وقف لاطلاق النار لخمسة أيّام"، مشيراً إلى أن "الأكراد مسرورون جدّاً بهذا الحلّ"، ومبدياً رضاه الكبير عن كون المفاوضات أسفرت عن نتيجة "بهذه السرعة". وكان لافتاً امس كشف رسالة غير عاديّة مؤرّخة في 9 تشرين الأوّل أرسلها ترامب إلى أردوغان في اليوم نفسه الذي شنّت فيه تركيا هجومها، وقال الرئيس الأميركي فيها: "لا تكن أحمق"، منبّهاً ايّاه الى أنّه يُخاطر بأن يذكره التاريخ كـ"شيطان". وتابع: "أنت لا تُريد أن تكون مسؤولاً عن ذبح الآلاف من الناس، وأنا لا أُريد أن أكون مسؤولاً عن تدمير الاقتصاد التركي... وسأفعل ذلك"، مضيفاً: "سوف ينظر إليك التاريخ بشكل ايجابي إذا قمت بذلك بطريقة صحيحة وانسانيّة. وسوف ينظر إليك إلى الأبد كشيطان إذا لم تحدث الأمور الجيّدة". ولفت ترامب إلى أن "اتفاقاً عظيماً" أمر ممكن إذا قام الرئيس التركي بمفاوضة القائد العام لـ"قسد".

وجاء الاتفاق الأميركي - التركي في وقت تستمرّ فيه المعارك الضارية، خصوصاً في مدينة رأس العين الحدوديّة، حيث تقدّم الجيش التركي وحلفاؤه من المقاتلين السوريين أمس بصعوبة شديدة، وبات يُسيطر على نحو نصفها، في وقت طالبت السلطات الكرديّة بفتح "ممرّ إنساني" ليتمكّن المدنيّون والجرحى من مغادرة رأس العين. وأسفر الهجوم التركي عن نحو 500 قتيل، بينهم نحو 100 مدني، وتسبّب بنزوح 300 ألف شخص، وفق "المرصد السوري".

وفي وقت سابق، تعهّد الرئيس السوري بشار الأسد بالردّ على الهجوم الذي تشنّه تركيا "بكلّ الوسائل المشروعة المتاحة"، معتبراً أن الهجوم التركي "هو غزو سافر وعدوان واضح"، بعدما انتشرت قوّات النظام في مناطق عدّة قريبة من الحدود التركيّة بموجب اتفاق مع الأكراد.

وفي الأثناء، بحث وزير الخارجيّة الفرنسي جان إيف لودريان في بغداد، إمكانيّة نقل ومحاكمة الجهاديين الأجانب، بمن فيهم 60 فرنسيّاً محتجزون لدى الأكراد. وأكّد لودريان أنّه تطرّق مع المسؤولين العراقيين في بغداد واربيل إلى "سُبل وضع آليّة قضائيّة قادرة على محاكمة جميع هؤلاء المقاتلين في أحسن الظروف، وبينهم حتماً المقاتلون الفرنسيّون"، بينما دعا وزير الخارجيّة العراقي إلى "التعاون لمحاكمة الجهاديين الأجانب"، لكنّ مكتبه أصدر بياناً لاحقاً جاء فيه أنّ العراق لا يُريد "على أراضيه إرهابيين أجانب ارتكبوا اعتداءات خارج العراق"، فيما أفاد مصدر فرنسيّ بأنّ المباحثات بين المسؤولين الفرنسيين والعراقيين فشلت في الوصول إلى اتفاق.

وفي سياق متّصل، أعلن تنظيم "داعش" أنّه "حرّر" عدداً من النساء المحتجزات لدى المقاتلين الأكراد، إثر شنّه هجوماً على أحد مقرّاتهم في محافظة الرقة، وفق بيان نقلته حسابات جهاديّة على تطبيق "تلغرام".


MISS 3