جورج بوعبدو

استضافتها السفيرة الأميركية في برنامج Meet the Artist

زينة دكاش: نتسلّح بالأمل رغم كلّ الصعوبات

2 نيسان 2022

02 : 02

صورة جماعية للمشاركين في لقاء Meet the Artist

ضمن الحلقة الثانية من أمسيــة "لقــــاء مع فنــــــــان" Meet the Artist التي ينظمها قسم الشــــؤون الدبلوماسية في السفارة الأميركية في بيروت استضافت السفيرة دوروثي شيا في دارتها الكاتبة والمخرجة والمعالجة الدرامية زينة دكاش ونخبة من الناشطين في الميادين الثقافية والأكاديمية والاجتماعية ومجموعة من المواهب الصاعدة في الميادين المذكورة. ولدت فكرة "لقاء مع فنان"، المبتكرة على بساطتها، انطلاقاً من الحاجة الملحة لتوفير الدعم المعنوي لقطاع الثقافة والفن الرازح تحت وطأة المشاكل الاقتصادية وانهيار العملة وتداعيات كورونا.

يستضيف اللقاء الشهري فناناً مشهوراً في دارة السفيرة مع عددٍ محصور من العاملين والمواهب في الحقل نفسه والهدف الأساسي منه، إلى جانب تكريم الفنان القدوة، هو التحوّل إلى جسر تواصل بين المكرّم والقادمين الجدد إلى الساحة، وهكذا يتسنّى للمواهب الفتية لقاء فنانهم المفضل والتزوّد بنصائح يستقونها من خبرته الطويلة في مجال ينشطون فيه، فضلاً عن تعريف السفيرة طبعاً إلى أعلام لبنان الثقافية والفنية التي تخلّد صورته بأبهى حلة.

بدأت الحلقة الأولى من البرنامج الشهر الفائت مع الفنان التشكيلي الذائع الصيت رؤوف رفاعي الذي أعار لوحاته لفترة 3 أشهر لتعلّق في دارة السفيرة مع بطاقة تشرح تفاصيل كلّ لوحة بحيث يستطيع زوار السفيرة التعرف إلى الفنان ونمطه التشكيليّ، وتمّ اختيار الفنانة زينة دكاش في شهر المرأة لما تمثله من مثال يقتدى به في صلابة الإرادة والعصامية والعمل الاجتماعي الدؤوب.

وعلى امتداد ساعة ونصف تمكن الحضور من التعرف عن كثب إلى دكاش التي أطلعتهم على التحديات التي واجهتها في مسيرتها كمؤسسة لـ"كتارسيس" ومؤلفة ومخرجة لعدد لا يستهان به من الأعمال التي تصبّ في خانة تحسين أحوال المساجين والمجتمعات المهمّشة في لبنان، بدءاً من أول وثائقي بعنوان "12 لبناني غاضب" في العام 2009، مروراً بـ"يوميات شهرزاد" في العام 2013 وصولاً إلى عملها الأخير "السجناء الزرق" (2020)، الذي ينتقل هذه المرة إلى "المبنى الأزرق" في سجن رومية، حيث مساجين الاضطرابات النفسية، الصادرة بحقهم أحكام بالسجن "لحين الشفاء". لم يكن عملها سهلاً طبعاً فالممثلة الكوميدية التي اشتهرت بدور "ايزو"، انتقلت من دائرة الفكاهة إلى عالم لا يدعو إلى الضحك إلا من باب “المضحك المبكي”.

ودعت دكاش الشباب المشارك في حلقة "سين وجيم" أثناء اللقاء إلى التسلّح بالأمل رغم كلّ العواصف المحدقة بالبلاد: "نبحث عن الأمل في كلّ ما نفعل رغم أننا لا نعرف فعلاً ماذا نفعل. لا نستطيع إلّا الاستمرار خصوصاً أننا نعلم أننا بعد حين سنتوقّف جميعاً عن الحياة". لا مكان إذا لليأس في قاموس المعالجة مع أنها تتابع بتهكّم: "نحاول الحفاظ على رباطة جأشنا رغم أن كل الأمور تؤدي بنا إلى حافة الانهيار، فمن منا لا يعاني مشاكل الكهرباء وغياب الخدمات وأدنى مقومات الحياة في بلد اقتيد عنوة إلى الجحيم".


زينة دكاش تردّ على أسئلة الحضور


ودكاش سعيدة بإنجازاتها التي انتزعتها من سلطات الأمر الواقع بمجهودٍ استثنائي أفضى إلى تعديل مجموعة قوانين في لبنان، كتخفيض عقوبة السجناء الحسني السلوك، أو السماح بأن يكون للعاملة الأجنبية حرية إقامة العلاقات العاطفية على الأراضي اللبنانية، بالإضافة إلى اقتراح قانون رفعته إلى مجلس النواب لتعديل قانون المرضى النفسيين الذي يلزم كل مجنون ومعتوه ارتكب جرماً بالقبوع في السجن إلى حين الشفاء.

وتصنّف دكاش نفسها معالجة بالدراما أولاً ومخرجة أفلام وثائقية ثانياً ولا يحتل التمثيل لديها إلا المرتبة الثالثة. وعمّا إذا كانت تعتبر عملها مع المساجين مرهقاً نفسياً توضح بسخريةٍ بأنّ إرهاقها الفعلي هو في السجن الكبير الذي نعيش فيه خارج أسوار السجن الفعليّ. "لعلّكم ستستغربون إن أخبرتكم بأنّني كنت مرتاحة تماماً في السجن ومع السجناء تحديداً، لأنّ هؤلاء لا يرتدون الأقنعة كما نفعل نحن في المجتمع. هؤلاء عراة أمامك كما هم من دون نفاق أو تصنّع، تراهم بالعين المجردة ولا يسعون أبداً إلى إخفاء حقيقتهم وذلك مدعاة للطمأنينة وليس العكس" تؤكّد واعدةً بالاستمرار بالعمل في هذا المجال الذي يغنيها روحياً ومعنوياً كونها تساعد بالملموس أناساً مهمّشين ومتروكين.

وفي ختام الأمسية قرأت آيا طاهر وريتا مهنا المشاركتان في برنامج "أكتب لتتذكر" Write to Remember الذي أطلقه قسم الشؤون الدبلوماسية بعد انفجار الرابع من آب قصيدتين بالانكليزية تظهران الإبداع الكتابي لدى الشابتين.

ولعلّ أحلى ما في المناسبة التي دعيت إليها، تقول دكاش، كانت "عفوية اللقاء البعيدة عن الرسميات والشكليات حيث نوقشت المواضيع التي تعالجها بشفافيةٍ تامة فضلاً عن احتكاكها بمجموعة من المواهب الصاعدة التي تزوّدها بالأمل بأنّ لبنانها سيبقى جميلاً رغم كلّ البشاعة المحيطة به.



MISS 3