السعودية "قبلة سياسية": صفحة جديدة مع تركيا وباكستان

02 : 00

العاهل السعودي خلال استقباله الرئيس التركي في جدة أمس (الأناضول)

عادت السعودية لتُشكّل "قبلة سياسيّة" لأكثر من قوّة إقليميّة لما لها من وزن سياسي ومعنوي وديبلوماسي ومالي في المنطقة، حيث بدأ الرئيس التركي رجب طيب أردوغان زيارة إلى المملكة، حيث حطّت طائرته في مدينة جدة أمس، وكان في استقباله في المطار أمير منطقة مكّة خالد الفيصل، بحسب ما أفادت قناة "الاخبارية" الحكومية، فيما بدأ رئيس الوزراء الباكستاني الجديد شهباز شريف زيارة إلى السعودية في أولى جولاته الخارجية، سعياً للحصول على دعم مالي من المملكة التي أمضى فيها سنوات منفياً.

والتقى أردوغان في وقت لاحق العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز ونجله ولي العهد الأمير محمد بن سلمان. وقُبيل مغادرته، قال أردوغان للصحافيين: "سنُحاول إطلاق حقبة جديدة وتعزيز كافة الروابط السياسية والعسكرية والاقتصادية والثقافية"، مضيفاً: "آمل في أن توفّر هذه الزيارة فرصة لتعزيز العلاقات القائمة على الثقة والاحترام المتبادلَيْن". وأبدى اعتقاده بأنّ "تعزيز التعاون في مجالات تشمل الدفاع والتمويل هو في مصلحتنا المشتركة".

وبحسب مسؤول تركي تحدّث لوكالة "فرانس برس" مفضّلاً عدم الكشف عن هويته، فإنّه من المتوقع ألّا تصدر تصريحات عن أردوغان خلال هذه الزيارة التي تأتي في وقت تواجه فيه تركيا أزمة مالية حادة دفعتها إلى طي صفحة الخلافات مع خصومها، مثل مصر وإسرائيل، وخصوصاً دول الخليج وعلى رأسهم السعودية، إذ يشهد الاقتصاد التركي انهيار عملته وارتفاع معدّل التضخم الذي تجاوز 60 في المئة خلال السنة الماضية.

وطبع التوتر علاقات تركيا، التي تحتضن قيادات في جماعة "الإخوان المسلمين"، مع السعودية والإمارات، اللتَيْن تُصنّفان الجماعة على أنّها تنظيم إرهابي في السنوات الأخيرة. ورأى المحلّل السعودي علي الشهابي أن وصول أردوغان هو بمثابة انتصار للمسؤولين السعوديين الحريصين على فتح صفحة جديدة، معتبراً أنّ "أردوغان كان معزولاً ودفع ثمناً اقتصاديّاً باهظاً عبر خسائر اقتصادية فادحة نجمت عن المقاطعة الاقتصادية ومقاطعة السفر، ولهذا يزور السعودية".

وأوضح الشهابي أن البلدَيْن سيستفيدان من ذلك لأنّ أردوغان "بحاجة إلى تدفق التجارة والسياحة من السعودية، والسعودية تُفضّل أن يكون بجانبها في ما يتعلّق بمجموعة متنوّعة من القضايا الإقليمية، وقد تكون منفتحة على شراء الأسلحة من تركيا أيضاً".

وتعود زيارة أردوغان الأخيرة إلى المملكة إلى العام 2017 عندما حاول التوسّط في الصراع الديبلوماسي بين عدة دول خليجية وقطر، حليفة أنقرة. وتصالحت دول الخليج العام الماضي، بينما شهدت المنطقة تقاربات ديبلوماسية في الأشهر الأخيرة مع ضعف الاقتصادات في فترة ما بعد تفشّي وباء "كوفيد" بشكل خاص.

وفي شباط الماضي، قام الرئيس التركي بأوّل زيارة رسمية له إلى الإمارات منذ نحو عقد، بعد أشهر قليلة من زيارة ولي عهد أبوظبي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان إلى أنقرة، حيث أظهر البلدان رغبتهما في تعزيز العلاقات الاقتصادية.

تزامناً، ذكرت وكالة الأنباء السعودية "واس" أنّ رئيس الوزراء الباكستاني الجديد شهباز شريف وصل إلى المدينة المنورة "لزيارة المسجد النبوي والصلاة فيه". وكان في استقباله في مطار المدينة أمير المنطقة فيصل بن سلمان بن عبدالعزيز. ومن المفترض أن يلتقي شريف خلال زيارته التي تستمرّ حتّى السبت قادة المملكة. وقُبيل مغادرته باكستان، قال عبر "تويتر": "اليوم (أمس) أبدأ زيارة إلى السعودية لتجديد وتأكيد أواصر الأخوة والصداقة بيننا"، مضيفاً أن المملكة "لها مكانة خاصة في قلوبنا كلّنا"، بينما كانت العلاقات بين البلدَيْن قد شهدت توتّرات خلال السنوات الأخيرة.

وأوضحت وزارة الخارجية الباكستانية في بيان أنه من المتوقع أن تُركّز المحادثات على "تعزيز العلاقات الاقتصادية والتجارية والاستثمارية وتوفير فرص أكبر للقوى العاملة الباكستانية في المملكة العربية السعودية"، مشيرةً إلى أن السعودية تستضيف أكثر من مليونَيْ باكستاني. وشهباز هو الشقيق الأصغر لنواز شريف، الذي تولّى رئاسة وزراء باكستان 3 مرّات، وتربطهما علاقات وثيقة بالعائلة المالكة في السعودية. وكان نواز وشهباز شريف قد انتقلا إلى المنفى في السعودية العام 2000 بعد انقلاب أطاح بنواز قبل ذلك بعام.


MISS 3