جاد حداد

كوب إضافي واحد من الكحول كافٍ لتقليص دماغك

30 نيسان 2022

02 : 00

الكحول مشروب مُضِرّ رغم السعادة العابرة التي يشعر بها الناس عند شربه خلال السهرات، ولا تظهر الأضرار عند استهلاك كميات كبيرة منه فحسب.

تحذّر دراسات جديدة من ارتباط أي كمية معتدلة من الكحول بمشاكل القلب والأوعية الدموية وتضرر الدماغ. راقب الباحثون في دراسة جديدة أكثر من 36 ألف شخص في سن الرشد، واستنتجوا أن استهلاك "وحدة" أو وحدتَين من المشروب يومياً يرتبط بانكماش الدماغ بمعدل يساوي سنتَين من الشيخوخة.

يقول الباحث في مجال الطب النفسي، هنري كرانزلر، من مركز دراسات الإدمان في جامعة بنسلفانيا: "تتعارض هذه النتائج مع التوجيهات العلمية والحكومية المرتبطة بحدود الشرب الآمن. يوصي المعهد الوطني لمعاقرة وإدمان الكحول مثلاً بألا تستهلك المرأة أكثر من مشروب واحد يومياً، لكنّ الكمية القصوى الموصى بها للرجال مضاعفة، وتتجاوز هذه النسبة مستوى الاستهلاك المرتبط بتراجع حجم الدماغ في الدراسة".

حلل باحثون أميركيون وأوروبيون بيانات 36678 شخصاً راشداً (في منتصف العمر أو في عمر متقدم) من "البنك الحيوي البريطاني" (دراسة واسعة وطويلة الأمد ومبنية على مراقبة المشاركين في بريطانيا). حصل العلماء على عدد "الوحدات" الأسبوعية أو الشهرية التي يستهلكها المشاركون (تُقاس كمية الكحول المستهلكة في بريطانيا بالوحدات، ويساوي المشروب النموذجي في الولايات المتحدة حوالى 1.75 وحدة). حوّل الباحثون الوحدات الأسبوعية والشهرية إلى وحدات يومية في الدراسة، وحصلوا أيضاً على بيانات التصوير بالرنين المغناطيسي الخاصة بكل مشارك لمعرفة حجم المادتَين الرمادية والبيضاء في دماغه.

بعد تقييم عوامل مؤثرة مثل العمر ومؤشر كتلة الجسم والجنس، اكتشف الباحثون رابطاً سلبياً بين معاقرة الكحول وبنية أدمغة المشاركين. ظهر هذا الأثر في الدماغ كله، لكن برزت أكبر التغيرات في حجمه في ثلاث مناطق من القشرة الدماغية: جذع الدماغ، والبطامة، واللوزة الدماغية.

كانت التغيرات أكثر قوة عند استهلاك أكبر كميات من الكحول: اكتشف الباحثون أن مستهلكي أربع وحدات يومياً في عمر الخمسين سجلوا تغيرات في حجم المادتَين الرمادية والبيضاء تساوي أكثر من عشر سنوات من الشيخوخة الإضافية مقارنةً بمن لم يشربوا الكحول.

لكن لاحظ العلماء أيضاً الفرق بين من استهلكوا مشروباً واحداً يومياً ومن تناولوا مشروبَين: في عمر الخمسين، يساوي هذا الفرق سنتَين من الشيخوخة في المادتَين الرمادية والبيضاء.

يكتب الباحثون في تقريرهم: "تظهر معظم هذه الروابط السلبية لدى مستهلكي وحدة أو وحدتَين فقط من الكحول يومياً. تشير هذه الدراسة المبنية على التصوير متعدد الوسائط إلى وجود رابط محتمل بين الشرب المعتدل وتغيّر حجم الدماغ في منتصف العمر وفي عمر متقدم".

تذكر دراسات جديدة أخرى أن أي كمية من الكحول لا تُعتبر آمنة، رغم جميع الأقاويل السابقة، ويدعم البحث الأخير هذه الفكرة.

لكن على غرار دراسات عدة من هذا النوع، يثبت هذا البحث بكل بساطة وجود رابط بين معاقرة الكحول والتغيرات الدماغية. وبما أن البحث يرتكز على مراقبة المشاركين، لا يمكن التأكيد على حصول التغيرات الدماغية بسبب شرب الكحول. ربما أغفل الباحثون عن عامل مؤثر آخر. حتى أن تراجع حجم الدماغ قد يدفع الناس إلى زيادة الشرب، مع أنه احتمال مستبعد.

في مطلق الأحوال، لا ضير من تخفيف معاقرة الكحول إذا أمكن، حتى لو اقتصر الأمر على إلغاء كوب واحد في الليلة.

يقول جيدون ناف، باحث في مجال علم أعصاب المستهلك في جامعة بنسلفانيا: "أكبر المستفيدين من تخفيف الشرب هم مستهلكو أكبر كميات الكحول".

نُشرت نتائج الدراسة في مجلة "اتصالات الطبيعة".