ذكرى الإنتصار على النازيّة: بوتين يُبرّر العدوان وزيلينسكي واثق من النصر

02 : 00

خلال تعرّض سفير روسيا في وارسو للرشّ بمادة حمراء أمس (أ ف ب)

لم يتوانَ "القيصر" الروسي فلاديمير بوتين عن تكرار تبريراته الواهية لإضفاء الشرعية على حربه الوحشية ضدّ أوكرانيا، وذلك خلال احتفال بلاده بالذكرى الـ77 لانتصارها على "ألمانيا النازية" أمس، متحدّثاً عن أن الغرب كان يستعدّ لغزو أراضي روسيا وعن وجود "نازيين جدد" في أوكرانيا، مؤكداً أن جيشه يُقاتل دفاعاً عن "الوطن الأم"، بينما تعهّد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في المقابل بأنّ كييف لن تدع موسكو "تستأثر بالإنتصار على النازية"، معرباً عن ثقته بالنصر الوشيك في بلاده.

وألقى بوتين خطاباً من "الساحة الحمراء" أمام آلاف الجنود الروس المشاركين في العرض العسكري بمناسبة ذكرى الانتصار السوفياتي على ألمانيا النازية في العام 1945، محذّراً من اندلاع حرب عالمية أخرى، إذ اعتبر أنه إلى جانب إحياء ذكرى أولئك الذين هزموا النازية، فإنّه من المهمّ "البقاء متيقظين وبذل كلّ ما هو ممكن لضمان عدم تكرار أهوال الحرب العالمية".

وفي مقطع فيديو نُشِرَ قبل ساعة من خطاب الرئيس الروسي، شدّد زيلينسكي على أنّه "لن ندع أحداً يستأثر بهذا الإنتصار ويستولي عليه". وقال في رسالة فيديو ظهر فيها وهو يسير في الجادة المركزية في العاصمة كييف: "في يوم النصر، نحن نُقاتل من أجل نصر آخر، والطريق إلى النصر طويل ولكن ليس لدينا شك في انتصارنا"، مضيفاً: "إنتصرنا آنذاك وسننتصر الآن"، في وقت اعتبرت فيه واشنطن أن تصريحات بوتين "منافية للمنطق" وتُشكّل إهانة للتاريخ عبر تصويرها غزو أوكرانيا على أنه عملية دفاعية.

أمّا رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال فاضطرّ للاحتماء بسبب ضربات صاروخية روسية على جنوب أوكرانيا، أثناء لقائه رئيس الوزراء الأوكراني دينيس شميغال خلال زيارة مفاجئة إلى أوديسا، حيث جاء للاحتفال بيوم أوروبا. وتوجّه ميشال للأوكرانيين بالقول: "أنتم لستم وحدكم. الاتحاد الأوروبي إلى جانبكم"، مستنكراً "العدوان الروسي" على أوكرانيا.

وأضاف ميشال: "يُريد الكرملين قمع روح الحرّية والديموقراطية لديكم. أنا مقتنع تماماً أنه لن ينجح أبداً في تحقيق ذلك"، فيما دارت معارك قوية جدّاً حول روبيجني وبيلوغوريفكا في منطقة لوغانسك، بحسب ما أعلن الحاكم سيرغي غايداي، الذي تحدّث عن نشاط للطيران بالإضافة إلى المدفعية وقذائف الهاون. وتمكّنت روسيا حتّى الآن من إعلان السيطرة الكاملة على مدينة مهمّة واحدة فقط هي خيرسون في جنوب البلاد.

وفي الأثناء، أعلنت كييف مقتل نائب قائد البحرية الكولونيل إيهور بيدزاي بصاروخ من مقاتلة روسية استهدف مروحيّته، في حين كشف مسؤول كبير في البنتاغون أن العقوبات الدولية بدأت تنعكس على قطاع صناعة الأسلحة الروسي الذي يجد صعوبة في استبدال الصواريخ الموجهة التي يستخدمها الجيش الروسي في أوكرانيا بسبب الحظر المفروض على المكوّنات الإلكترونية. بالإضافة إلى ذلك، لا تزال القوات الروسية تواجه مشكلات الإمداد والانضباط، بما في ذلك في أوساط الضبّاط الذين "يرفضون الانصياع للأوامر والتقدّم"، مشيراً إلى أن العملية الروسية في جنوب البلاد "بالكاد أحرزت تقدّماً في الأيام الأخيرة" بسبب المقاومة الأوكرانية الشرسة، في وقت وقّع فيه الرئيس الأميركي جو بايدن على إجراء لتسريع إيصال الأسلحة إلى أوكرانيا.

وكان لافتاً بالأمس تعرّض سفير روسيا في وارسو سيرغي أندرييف للرشّ بمادة حمراء من قبل نشطاء مؤيّدين لأوكرانيا عندما حاول وضع إكليل من الزهر احتفالاً بـ"يوم النصر" في العاصمة البولندية. وهتف النشطاء "فاشيون" ولوّحوا بالعلم الأوكراني واعترضوا طريق السفير بينما كان يسير في اتجاه الضريح في مقبرة الجنود السوفيات، ومنعوه من وضع إكليل الزهور. ثمّ رشقه عدّة أفراد بنوع من الشراب الأحمر على وجهه وملابسه وعلى رجال آخرين يُرافقونه. وبعد أن مسح وجهه بيده، قال أندرييف: "أنا فخور ببلدي ورئيسي".

توازياً، دعا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أمام البرلمان الأوروبي في أوّل خطاب له حول أوروبا منذ إعادة انتخابه رئيساً لفرنسا إلى إنشاء "منظمة سياسية أوروبية" لضمّ أوكرانيا خصوصاً، بالتوازي مع آلية الإنضمام إلى الاتحاد الأوروبي التي قد تستغرق "عقوداً"، مبدياً تأييده كذلك "لمراجعة معاهدات" الاتحاد الأوروبي، وهو اقتراح قدّمه البرلمان الأوروبي من أجل اكتساب فعالية مؤسّساتية في أوقات السلم كما في أوقات الأزمات. لكنّ ماكرون أقرّ بوجود "نقاط خلافية" بين الدول الأعضاء حول الموضوع، متمنّياً أن تُناقش الدول الأعضاء هذه المسألة خلال قمة تُعقد في حزيران.

كذلك، رأى الرئيس الفرنسي أنه في سبيل إنهاء الحرب التي يشنّها الجيش الروسي في أوكرانيا، يجب بناء السلام من دون "إذلال" روسيا، فيما أعلن مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة أن الهيئة ستعقد الخميس جلسة للنظر في اتّهامات لموسكو بانتهاك حقوق الإنسان في الحرب التي تشنّها ضدّ أوكرانيا. وأيّدت أكثر من 50 دولة طلباً تقدّمت به كييف ودعت فيه إلى عقد جلسة طارئة لأعلى هيئة حقوقية في الأمم المتحدة للنظر في "تدهور أوضاع حقوق الإنسان في أوكرانيا من جرّاء العدوان الروسي".


MISS 3