طوني فرنسيس

انتخابات خارج الخطابات

14 أيار 2022

02 : 00

كلّ الخطابات التي تدحرجت على مسامع الناس عشيّة الانتخابات لن تمنع المواطن الناخب من التفكير بمعنى ذهابه إلى قلم الإقتراع واختياره اسماً أو لائحة يمهرها بتوقيعه ويدخلها في الصندوق.

لم يدع السياسيون العتاق عنواناً أو اتهاماً لم يلجأوا إليه للحطّ من قدر خصومهم. قالوا المُتخيَّل وغير المُتخيَّل. إتّهموا بعضهم بالسرقة والفساد والإستفادة من مواقعهم في السلطة. نبشوا التاريخ القريب والبعيد. أدخلوا الأجداد والآباء في ألاعيبهم. وتوّج «حزب الله» المتحدث باسم محور الممانعة وطليعته ايران كل تلك المثالب باتهامه من يأتي على سيرته ويترشح ضده بأنه عميل إسرائيلي أو أميركي رجعي عربي…

اللغة هذه تلقّفها حلفاء الحزب فاستغربوا. باتت الانتخابات في مفهوم الخطابات المتطايرة تنافساً بين عملاء لدولٍ أجنبية وفي ذلك احتقار كلّي للناخب المواطن الذي يبحث في هذه الانتخابات، أو يُفترض أنه يبحث، عن أجوبةٍ، عن أسئلة بسيطة لكنها أسئلة حياةٍ أو موت بالنسبة إليه:

هل من سأنتخبه سيلتزم أحكام الدستور فلا يقيم دولةً في الدولة ولا يشنّ أو يدعم حروباً بمعزلٍ عنها؟

هل من سأنتخبه سيلتزم كافة القوانين التي ترعى شؤون المواطنين، ولا تجيز لواحد منهم حمل السلاح وتكديسه لإرهاب جاره والسطو على مستقبله؟

هل من سأنتخبه سيأخذ على عاتقه السير في معالجة الإنهيار الحاصل ويحاسب المسؤولين عنه ويكفل إعادة الاستقرار والازدهار إلى لبنان؟ هل من سأنتخبه سيفرج عن المحقق العدلي في قضية تفجير بيروت كي يتمكن من إكمال تحقيقاته وكشف المهملين والمتسببين وإنصاف ذوي الضحايا وأصحاب الأملاك والمصالح المدمرة؟

هل من سأنتخبه سيسعى إلى إعادة لبنان إلى طبيعته وتطوير نظامه السياسي والإقتصادي فيمنع الأحزاب الدينية المتطرفة ويسنّ قانوناً عصرياً للأحزاب فيخضع موازناتها للمراقبة كما في الدول الحضارية؟ هل من سأنتخبه سيعمل لجعل لبنان بلداً يحتضن شبابه، يوفر لهم العلم وفرص العمل بدل تهجيرهم إلى أقاصي المعمورة؟؟

ثم هل سيعمل المرشح المختار من أجل ضمان حق الأجيال بالصحة والدواء والاستشفاء والخبز وراحة البال؟

سلسلة الأسئلة طويلة وقيمتها أنها ليست مفتعلة بل نابعة من صلب الواقع الذي يعيشه اللبنانيون، ويضاف إليها أسئلة من نوع آخر تتصل بمصير الوطن وموقعه وعلاقته بمحيطه العربي وعمقه الدولي الذي يرسمه منتشروه ومهجّروه. ولا شكّ أن المواطن الناخب سيفكّر بكل ذلك قبل قول كلمته، ومهما علت نبرة الخطابات وتبارى ملوك الزجل هناك نقطة ضوء يتلمّسها كل متابع لسير اهتمام الناس بقيمة ورقتهم يوم الإقتراع.