رمال جوني -

إصرار على التغيير في النبطية وانتظار لحكومة تكنوقراط

31 تشرين الأول 2019

09 : 28

الشارع سيكون الفصل في حال تلكأ زعماء الطوائف

غيّر حراك النبطية هويته، خرج من ساحات "الثورة" الى ميـادين الحوار والنقاش. يعتبر "ثوار الـ 13 يوماً" أن عقد الثورة فرط من دون أي مكاسب ميدانية، وإن كانت استقالة رئيس الحكومة سعد الحريري صبَّت لوهلة في جعبة اهدافهم، غير أن هناك من يتخوّف، "ماذا بعد الاستقالة؟".

لم تخلُ خيمة حراك كفررمان من زوار يبحثون بين شعاراتها المصورة والمعلقة في سقفها، عن "ثورة" عبرت بسرعة البرق، من دون أن تخيّط أحلام المواطن الممزقة من جوعه وفقره ومعاناته. على أبواب المستشفيات والجامعات والمؤسسات الحكومية، لم ترقّع مسار حياته المظلمة ببصيص نور انشق من فجوة أمل خرجت مع أيام الثورة الاولى قبل أن تقفل مجدداً.

17 تشرين كان بداية حلم الناس المقهورين، الذين خرجوا لأنهم شبعوا اضطهاداً، شبعوا كذباً ونفاقاً، وقرروا الصراخ في وجه من حرمهم كل مقومات الحياة الكريمة ومنها العمل والطبابة المجانية.

على لائحة المطالب الملحقة بالخيمة وضعت علامة "صح" على استقالة الحكومة، على أمل وضعها على كل العناوين العريضة. يقف ابو علي بكوفيته الحمراء ابن السبعين ربيعاً، المناضل العتيق يراقب مجريات الساحة، يعوّل على متغير ما، أو ربما نفضة سريعة تعيد للحراك وهجه المتخثر، يؤكد أنه لن يخرج من الساحة طالما المطالب لم تتحقق، يرفض أن يختزل الحراك باستقالة الحكومة، ويعتبر أن زخم الشارع هو من هزّ العصا لكنه تعرض للاهتزاز ولكن الثورة باقية.

يقال إنه ما أن تدخل السياسة في شيء إلا وخربته، وهذا حال حراك الشعب العظيم، لماذا انحرفت البوصلة عن اهدافها ومن المستفيد ولماذا حرم الشعب من اقوى محطة تغيير حقيقية في تاريخه؟ ماذا بعد استقالة الحكومة، هل سيتم تشكيل حكومة تكنوقراط أو حكومة من رحم الاحزاب؟

أسئلة تشغل بال من بقي في ساحة حراك النبطية، وكفررمان على حد سواء. يحاول موسى أحد ناشطي الحراك وضع خريطة طريق لما بعد الاستقالة، يؤكد انهم اعطوا الدولة 48 ساعة وكحد اقصى اسبوعاً لتشكيل حكومة تكنوقراط وإلا فالشارع بالمرصاد، ويرى كما غيره أنه "إذا لم تشكل حكومة تكنوقراط فالثورة لم تحصد شيئاً، وبالتالي يكون التعب ضاع هباء، ولا يتوانى عن اعتبار أن الشارع سيكون الفصل مجدداً إن تلكأ زعماء الطوائف عن خدمة البلد، ولكن السؤال اين "الشعب؟"، فيعيد السبب الى انطلاق عجلة العمل. من هنا آثرنا البقاء في الساحة من الثالثة بعد الظهر حتى المساء مع تغيير طفيف في مسار الحراك لتعزيزه". يحاول "الثوار" ضخ التفاؤل في نبض الساحات، وربما في ثورة الفضاء الالكتروني التي انطلقت، وحده العم علي من ذوي الهمم القوية لم يتخل عن ساحة دعمته، العم البسيط صوّب بوصلة وجعه باتجاهها الصحيح، طالب بقانون وضمان لمن هم من ذوي الحاجات، لانه برأيه "الدولة أكلت لحمنا ورمتنا عضماً، نريد الحياة"، صرخ وما زال بوجع الناس على عكس "المتفلسفين" الذين ذهبوا الى العناوين العريضة ونسيوا أن هناك أزمات ترزح تحت وطأتها الناس.

غاب الثوار أمس عن الساحة، وحدهم عناصر الجيش اللبناني والقوى الامنية بقيت متأهبة، حاضرة لحماية من بقي من ثوار النبطية وكفررمان، ومعهم بقي ايضاً بائع الاعلام الذي دخل الثورة ليجمع القليل من المال. ويعلّق العم ابو محمود عبارة نرفض العيش بذل على عربته الخشبية، فيما يوقد النار تحت ابريق القهوة العربية، فابو محمود بائع قهوة عتيق في سوق النبطية، عادة ما كان يتجول في ساحاتها وطرقاتها، إلا انه ومنذ اليوم الاول للثورة لازم الساحة، أتى بالاعلام اللبنانية لأن الفرصة لا تفوّت لكنها تلاشت مع انحسار موجة الغضب.


MISS 3