تهريبة حكومية على وقع قرع "طبول" الفراغ

00 : 00

على عكس المثل الشهير "يا رايح كتر الملايح"، وضعت الحكومة على جدول أعمال آخر جلسة لها أكثر من 40 بند نقل اعتماد بمئات مليارات الليرات من احتياطي الموازنة إلى حساب الوزارات والمؤسسات والادارات. فالجهات الأخيرة ما زالت تصرف على أساس القاعدة الاثنتي عشرية للموازنات السابقة المعمولة على سعر صرف 1500 ليرة، بحسب المستشار المالي والضريبي طارق برازي، و"هو ما لم يعد يتلاءم مع تضخم الاسعار، والارتفاع الهائل في إنفاق المؤسسات، ولا سيما على الرواتب والاجور التي تضاعفت مع إقرار سلف غلاء المعيشة ورفع بدل النقل"، الأمر الذي استوجب النقل من احتياطي الموازنة. إلا أن السؤال المحوري من أين ستؤمن هذه الاعتمادات وبأي كلفة؟

في المبدأ تؤمن احتياطيات الموازنة من مصدرين رئيسيين: "إما من الضرائب والرسوم، وإما من الاقتراض"، بحسب رئيس الجمعية اللبنانية لحماية المكلفين كريم ضاهر. والخياران دونهما عوائق كبيرة. فالدولة عاجزة عن الاقتراض من الأسواق المحلية والدولية، ولا سيما بعد تعثرها وتوقفها عن تسديد الديون. أما لجهة الضرائب والرسوم المجباة فهي تبقى أقل بكثير من الزيادات المعطاة. خصوصاً مع إبقاء الجزء الاكبر منها لغاية الآن على أساس سعر صرف 1500 ليرة، وتراجع عائدات الضريبة على القيمة المضافة. وأمام هذا القصور فان نقل الاعتمادات من احتياطي الموازنة قد يكون يحضّر، إذا أحسنا الظن، بانتظار توفر الاعتمادات بعد الزيادة المرتقبة على الضرائب والرسوم، والمنصوص عنها في موازنة 2022. وأن تكون هذه الزيادات من ضمن خطة الاصلاح الشاملة المنتظرة وليست غب الطلب ومن دون تحسين القدرة الشرائية. أما إذا قسنا الامور على كيفية التصرف في الفترات الماضية، فان التمويل سيجرى من طباعة الليرات. وهذا ما سيحمل، بحسب ضاهر، نتائج تضخمية هائلة، وينعكس مزيداً من التردي بسعر صرف الليرة اللبنانية وتدهور القيمة الشرائية للرواتب والأجور. وبالتالي سترتد نتائج تمويل نفقات إدارات الدولة سلباً على الاقتصاد والمواطن على حد سواء.

الحكومة التي تسبق بهذه الاجراءات مرحلة تصريف الاعمال المتوقع أن تطول إلى ما بعد الانتخابات الرئاسية، وضعت على جدول أعمال جلستها الأخيرة بنوداً بالغة الاهمية "لا يجدر بحكومة راحلة أن تتطرق اليها"، بحسب تغريدة للنائب المنتخب حديثاً راجي السعد، معتبراً أن ما يجري "تهريبة تضر بالاقتصاد وبمصالح اللبنانيين".


MISS 3