الجيش السويدي في "حال تأهب" استعداداً للإنضمام إلى الناتو

02 : 00

خلال التدريبات العسكرية في جزيرة غوتلاند الثلثاء الماضي (أ ف ب)

مع الحرب الجارية في أوكرانيا والترشيح التاريخي للإنضمام إلى «حلف شمال الأطلسي»، يلزم الجيش السويدي «حال التأهّب» حرصاً على ردع أي تحرّك عسكري قد تقوم به روسيا، حيث باتت الأوضاع جدّية وحسّاسة للغاية.

وتمّت تعبئة قوات الاحتياط وتكثيف التدريبات خلال الأسابيع الماضية في جزيرة غوتلاند، التي تحتلّ موقعاً إستراتيجيّاً في وسط بحر البلطيق، مع اقتراب تقديم طلب الإنضمام رسميّاً.

ومع عودة التوتر مع موسكو، استعاد المنتجع الذي يقصده سكان ستوكهولم لقضاء عطلة، صفته الإستراتيجية. ومع تبدّل الظروف تبدّلت ذهنية المجنّدين الشبان. وأوضح أكسيل بيستروم، الذي يؤدّي خدمته العسكرية في الكتيبة P18 المكلّفة حراسة الجزيرة متحدّثاً لوكالة «فرانس برس»: «نقول لأنفسنا... الآن بات الأمر جدّياً، لست هنا في دورة مخيّم صيفي لعام».

ويقوم قائد الفريق الشاب ورفاقه بتمويه 3 آليّات مدرّعة بعناية مستخدمين أغصان أجمات جمعوها من الجوار. وقال العسكري المولود في فيسبي مركز غوتلاند: «نعمل بأفضل ما يُمكننا طوال الوقت، لأنّنا نقول لأنفسنا... قد يُصبح ذلك واقعاً، قد نضطرّ إلى استخدامه».

وقال قائد الكتيبة ماغنوس فريكفال: «إن سيطرتم على غوتلاند، فأنتم تُسيطرون عمليّاً على التحرّكات الجوّية والبحرية في بحر البلطيق». وبعدما أوقفت مهام كتيبة غوتلاند العام 2005 وأُعيد تفعيلها رسميّاً العام 2018، تسجّل نمواً متواصلاً وباتت تضمّ حوالى 800 جندي.

وأوضح الكولونيل فريكفال أن عملية تعزيز الكتيبة تسارعت بعدما أظهر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بوضوح «استعداده لاستخدام القوة العسكرية لتحقيق أهدافه السياسية»، مشيراً إلى أن «الخطّة الحالية تقضي بالتمكّن من زيادة العديد إلى 4 آلاف عنصر في زمن الحرب».

ورأى المسؤول العسكري أنه إن كانت «كتيبة صغيرة» تكفي «على الأرجح» للتصدّي لأي تهديد، فإنّ انضمام السويد إلى «الأطلسي» سيردع أي بلد عن مهاجمة الجزيرة، لافتاً إلى أن «32 بلداً أقوى من بلد واحد».

ولاحظ السكان المقيمون قرب مقرّ الكتيبة، التغيير في مستوى النشاط. وروى روبرت هول، وهو مندوب محلّي عن «الخضر»، أحد الأحزاب الثمانية في السويد التي لا تزال تُعارض الحلف الأطلسي: «نسمع رشقات وانفجارات ودوي مدفعية وهدير دبّابات أيضاً».

وتقع «قرية سودربين البيئية» التي أنشأها مقابل المنطقة العسكرية، وتظهر لافتة عريضة ملوّنة دبّابة نمت فيها نبتات، وفوقها شعار «اصنعوا حدائق وليس الحرب». وأشار هول المتحدّر من كاليفورنيا إلى أن الجزيرة تبدّلت كثيراً منذ وصوله إليها.

وفي هذا الصدد، قال: «استقرينا هنا عام 1995 وكان لا يزال هناك جدل كبير حول سقوط ستار الحديد وبأن غوتلاند ستكون مركز تلاق محايداً في وسط البلطيق»، أمّا الآن فقد «عدنا إلى ما قبل 1989، بحر مقسوم حتّى لو أن خط التماس لم يعد يتبع الترسيم ذاته».

وعاشت السويد فترة الحرب الباردة في «رهبة من الروسيّ»، وبقي هذا الشعور متجذّراً في بلد لطالما تنازع مع موسكو السيطرة على فنلندا وسواحل بحر البلطيق. ومع حلول السلام بعد تفكّك الاتحاد السوفياتي، عمدت الدولة الإسكندينافية إلى اقتطاع مبالغ طائلة من نفقاتها العسكرية.

وشكّل ضمّ موسكو شبه جزيرة القرم الأوكرانية العام 2014 إنذاراً أوّل حمل على معاودة الاستثمار في الجيش وإعادة فرض الخدمة العسكرية العام 2017 ونشر قوات مجدّداً في غوتلاند. لكنّ غزو أوكرانيا هو الذي دفع السويد إلى تقديم ترشيحها إلى «الأطلسي» هذا الأسبوع، ولو أن تركيا تُهدّد بعرقلة انضمامها.

وبذلك تخرج السويد عن تقليد طويل من سياسة عدم الانحياز، مدفوعاً بارتفاع حاد في تأييد الرأي العام لـ»حلف شمال الأطلسي» وتصميم فنلندا المجاورة على الانضمام إليه. وما ساهم في دفع السويد إلى اتخاذ هذه الخطوة برامج بثها التلفزيون الروسي أخيراً وطرحت فرضيات حول السيطرة على غوتلاند والانطلاق منها لاحقاً لاجتياح دول البلطيق.

توازياً، كشف الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أنه سيتحدّث عبر الهاتف اليوم مع الأمين العام للناتو ينس ستولتنبرغ، وقال: «تحدّثت اليوم (أمس) مع رئيس الوزراء الهولندي (مارك روتيه). وطلب أيضاً مسؤولو المملكة المتحدة وفنلندا إجراء حديث (مقرّر) غداً (اليوم). ولاحقاً، سنتحدّث أيضاً مع الأمين العام للناتو ستولتنبرغ».