جعجع: حكومة التكنوقراط هي الخلاص

19 : 54

شدد رئيس حزب “القوّات اللبنانيّة” سمير جعجع على أننا “إذا ما قرّرنا صمّ آذاننا عما سمعناه وإقفال أعيننا عمّا رأيناه لنعتبر أن ما حصل هو فورة آنيّة وانتهت عندها نكون مخطئين جداً جداً جداً لأن هذا الحراك سيعود أقوى بكثير مما كان إذا ما استمرينا في قهر الناس ولم نسمع لما يطالبون به واستمرينا بالعمل على ما كنا عليه ما قبل 17 تشرين”.

واعتبر جعجع أننا ” لا يمكن أن نخرج من الوضع الذي نحن فيه اليوم سوى بخطوة إنقاذيّة كبرى هي كناية عن حكومة مختلفة عن كل سابقاتها حكومة إنقاذ تتألف من شخصيات مستقلّة من ذوي الإختصاص وأهم ما في الأمر أن تكون هذه الشخصيات نظيفة الكف، مستقيمة، ولديها حياة وسيرة وتجارب ناجحة في الحياة، من الممكن أن يكون لهذه الشخصيات بعض الأهواء السياسيّة والعلاقات الإجتماعيّة إلا أن هذه الشخصيات يجب ألا تكون تابعة لأي حزب أو مرتبطة بأي شخصيّة سياسيّة معيّنة فنحن عندما ننادي بتأليف حكومة تكنوقراط لا نعني مستشارين تقنيين صغار لأن هؤلاء لا يمكنهم انجاز أي أمر لأنهم في نهاية المطاف يتصرّفون تبعاً لإملاءات الأفرقاء السياسيين المربوطين بهم. ولكن كالعادة ما أن طرحت هذه الفكرة انبرى جماعة التركيبة السياسيّة الحاليّة لمحاولة إحباطها فهم لديهم من الذكاء ما يكفي من أجل إحباط أي شيء إلا أنهم لا يستعملون هذا الذكاء من أجل بناء أي شيء”.


وشدد جعجع عقب اجتماع تكتل “الجمهوريّة القويّة” الدوري في معراب على أن “المطلوب وبكل صراحة هو خطوة إنقاذيّة ومن أجل ان نتمكن من معرفة ما هي هذه الخطوة الإنقاذيّة المطلوبة، من المفترض أن نضع أمراً أساسياً في رؤوسنا ألا وهو أن لا أحداً من بيننا يمكنه بعد اليوم القفز فوق 17 تشرين ويجب أن نأخذ بعين الإعتبار عاملاً جديداً استجد على الساحة لم يكن موجوداً من قبل ولو أن البعض كانوا ينادون به إلا أنه اليوم أصبح واقعاً لا يمكن لأحد الهروب منه وهو 17 تشرين، كما أننا يجب أن نأخذ بعين الإعتبار ونحن جزءاً من المؤسسات الدستوريّة أنه صحيح أن الشرعيّة القانونيّة هي لهذه المؤسسات إلا أنه أصبح اليوم هناك علامات استفهام كبيرة حول الشرعيّة السياسيّة والشعبيّة لذا لم يعد هناك بالإمكان بعد اليوم للقول بداخل المؤسسات وخارجها على خلفيّة ولادة مؤسسة جديدة علينا أن نأخذها بعين الإعتبار بأي شيء نريد القيام به والعامل الأساسي الذي أتكلّم عنه هو بطبيعة الحال الحراك الذي حصل”.

واعتبر جعجع أن “الخطوة الإنقاذيّة الكبرى هي كناية عن حكومة مختلفة عن كل سابقاتها لسبب بسيط وهو أن الأفرقاء السياسيين المكوّنين للحكومة المستقيلة هم نفسهم تقريباً كانوا ومكونات كل سابقاتها وأنجزوا ما يمكنهم القيام به، وإذا ما أردت أن أكون ناعماً جداً وأتمنّع للذهاب بالأمور إلى العمق الذي يجب أن أذهب إليه فأبسط ما يمكنني قوله هو أن كل ما يمكنهم القيام به جرّبوه ورأينا ماذا كانت النتيجة في الوضع الإقتصادي والمالي والمعيشي ورايناها أيضاً في 17 تشرين لذا بكل صراحة وبساطة لا يتكلّمن أحد معنا بالأكثريات النيابيّة والوزاريّة فمن بعد 17 تشرين لا يمكننا الكلام بهذا المنطق المادي الحرفي الذي لا يستقيم في أوضاع كالتي نعيشها اليوم”.

وأوضح جعجع أننا “عندما ننادي بتأليف حكومة تكنوقراط فنحن لا نعني مستشارين تقنيين صغار فهذا الأمر موجود حتى في الحكومة الحاليّة حيث هناك بعض المستشارين التقنيين فهؤلاء لا يمكنهم انجاز أي أمر لأنهم في نهاية المطاف يتصرّفون تبعاً لتعليمات الفرقاء السياسيين من ورائهم”. وقال: “نحن نعني بكلامنا عن تكنوقراط شخصيات مستقلّة بكل ما للكلمة من معنى، وهل هناك من شخصيات مستقلّة؟ طبعاً هناك عدد كبير من هذه الشخصيات إلا أن المطلوب من يبحث عنها أو من يقبل بالإتيان بها أو بالإعتراف بوجودها ليس أن يبقى دائماً يطمسها كي نبقى في الفريق نفسه منذ 30 و20 عاماً و10 و3 أعوام حتى الآن”.

وتابع جعجع: “المطلوب حكومة إنقاذ ليس أي حكومة أخرى تتألف من شخصيات مستقلّة من ذوي الإختصاص وأهم ما في الأمر أن تكون هذه الشخصيات نظيفة الكف، مستقيمة، ولديها حياة وسيرة وتجارب ناجحة في الحياة، من الممكن أن يكون لهذه الشخصيات بعض الأهواء السياسيّة والعلاقات الإجتماعيّة إلا أن هذه الشخصيات يجب ألا تكون تابعة لأي حزب أو مرتبطة بأي شخصيّة سياسيّة معيّنة”.

واستطرد جعجع: “بمجرّد تم طرح تشكيل حكومة كالتي نتكلّم عنها اليوم وهذا هو مطلب جميع الناس في الحراك باعتبار أنه حل بديهي واضح من بعد كل ما جرى إذا ما أردنا الحفاظ على المؤسسات الدستوريّة ماذا وإلا إن لم نؤلف حكومة مماثلة واستمرّ الحراك وثارت الناس أكثر فأكثر انطلاقاً من واقعها الذي تعيشه فعندها لا يمكن أن أعرف إلى أين ممكن أن تصل الأوضاع في البلاد. ولكن كالعادة ما أن طرحت هذه الفكرة انبرى جماعة التركيبة السياسيّة الحاليّة لمحاولة إحباطها فهم لديهم من الذكاء ما يكفي من أجل إحباط أي شيء إلا أنهم لا يستعملون هذا الذكاء من أجل بناء أي شيء. لذا بدأوا يسألون: “كيف لنا الذهاب إلى حكومة تكنوقراط؟” والرد هو أننا لا نطرح الذهاب إلى حكومة مؤلفة من المستشارين التقنيين وإنما من شخصيات مستقلّة من ذوي الإختصاص ونسمّيها عرفاً حكومة تكنوقراط ولكن ليس بالمعنى الحصري الضيق للكلمة”.

ورد جعجع على من يحاولون ضرب فكرة تأليف حكومة تيقنوكراط، قائلاً: “يقولون إن السلطة الإجرائيّة تناط بمجلس الوزراء الذي يضع السياسة العامة للدولة، فكيف يمكن لشخصيات غير سياسيّة ولا تمثّل قوى وأحزاب أن تدير شؤون البلاد الوطنيّة وكأن الشخصيات السياسيّة التي كانت في الحكومة من 30 عاماً حتى اليوم هي التي حدّدت السياسات العامة للدولة، فأي حكومة من الحكومات المتعاقبة وضعت سياسة عامة للدولة؟ ما هي السياسة العامة للدولة في ظل هذه الحكومة؟ نحن كنا داخل الحكومة ولا نعرف ماذا كانت السياسة العامة للدولة فالمصيبة في بعض الأوقات أن بعض الناس لا تخجل”.

وتابع جعجع: “يقولون، كيف لحكومة اختصاصيين أن تتعاطى مع ملف دقيق على غرار ترسيم الحدود بين لبنان وإسرائيل؟ ونرد هل طُرح ملف ترسيم الحدود على الحكومة الحاليّة أو أي حكومة سابقة؟ أي موضوع دقيق كان يتم التداول به من خارج الحكومات المتعاقبة فهل من مرّة، ونحن بيننا اليوم 3 وزراء، تم طرح موضوع ترسيم الحدود على الحكومة؟ أبداً وإنما يتناولونه في جلسات الحكومة من قبيل التندّر والتسلية في حين أن كل ما يحصل يحصل خارج الإطار الحكومي فهل القرارات المصيريّة كالسلم والحرب هي داخل الحكومة؟ متى كانت كذلك؟ فالحوادث لطالما وقعت والحكومة كانت دائماً ما تهب لتغطيتها من دون أن تكون على علم مسبق بها وإنما تعرف بحدوثها عبر الأخبار كبقيّة المواطنين. بربكم عماذا تتكلمون؟ هل كل هذا هو فقط من أجل أن تتجنبوا حكومة مؤلفة من أشخاص مستقلين من ذوي الإختصاص المشهود لهم بنظافة الكف؟ فهم جل ما يريدونه هو العودة من النافذة لا بل من الطاقة بعدما أخرجتهم الناس من الباب تحت حجّة نحن بحاجة لبعض السياسيين من أجل أن يتمكنوا من تسيير عمل الحكومة في حين أن رئيس الجمهوريّة موجود ورئيس الحكومة موجود و”بزيادة” ويمكننا ان نقول إن كل واحد منهما يمثل اتجاه معيّن عدا عن أن الشخصيات المستقلّة التي ندعوا لتأليف الحكومة منها هي ليست شخصيات آتية من المريخ ولا تدرك ما هو حاصل ولا تفقه أمراً في سياسة لبنان فهذه الشخصيات تعرف جيداً الواقع السياسي ولكن نحن ندعوا إلى إدخالهم الحكومة لأسباب غير سياسيّة وهي كفاءتهم ونظافة كفهم واستقامتهم وكي لا نعيد التجربة نفسها التي لا زلنا نكرّرها منذ 30 عاماً واوصلتنا إلى ما نحن عليه اليوم”.

ولفت جعجع إلى انهم “يتساءلون كيف لحكومة اختصاصيين أن تتعامل مع ملف دقيق ومتشعّب كملف النازحين السوريين؟ وكأن الحكومة الحاليّة والتي سبقتها قامتا بحل هذا الملف ولم يعد موجوداً في حين أن هذا الملف موجود منذ 9 سنوات ولم تقم الحكومات المتعاقبة بأي شيء من أجل حلّه لا بل حكومة اختصاصيين مستقلين يمكن أن تصل إلى حلول أفضل بكثير من الحكومات المتعاقبة لأن هؤلاء الوزراء لا اعتبارات حزبيّة لديهم وليسوا مربوطين ببشار الأسد او أي محاور أخرى هنا وهناك”.

وأوضح جعجع أنهم “يتساءلون، كيف لوزارات كالخارجيّة والدفاع والداخليّة أن تكون بيد اختصاصيين وليس قوى سياسيّة، ونحن نسأل هل هناك وزارة خارجيّة الآن؟ وما يحصل اليوم في وزارة الخارجيّة غير الشؤون الحزبيّة والترتيبات والتركيبات؟ فهل من الممكن لأحد أن يقول لنا ما هي سياسة لبنان الخارجيّة؟ فهل سياسة لبنان الخارجيّة تدرس وتطرح في مجلس الوزراء؟ فعندما يدعو وزير الخارجيّة في آخر مؤتمر لوزراء الخارجيّة العرب إلى إعادة سوريا إلى الحضن العربي وقلبه على سوريا فهل هذا الموقف طرح في مجلس الوزراء وتم العمل عليه في وزارة الخارجيّة؟ أم أنه موقف حزبي ضيّق لمن هو موجود على رأس وزارة الخارجيّة؟ ماذا يفعل وزير الدفاع غير المناكفات مع قيادة الجيش؟ كيف تكون المصيبة هي أن ياتي تقني إلى وزراة الدفاع وهو معروف ان قيادة الجيش لها الدور الأكبر ووزير الدفاع هو كناية عن وزير يتولى بعض الشؤون وبعض الإتصالات، فهل من المعقول أننا لا يمكننا ان نجد شخصيّة فزّة من أجل ادارة بعض هذه الشؤون الإداريّة وبعض هذه الإتصالات؟ من المؤكد أننا يمكننا أن نجد شخصيّة مماثلة وكل ما يطرحونه هو حجج واهية وأسباب وذرائع من أجل ألا يذهب فريق معيّن أو أفرقاء معينين باتجاه تشكيل حكومة جديدة لأنه إن لم تكن الحكومة جديدة بكل ما للكلمة من معنى فالبلد سيذهب من سيء إلى أسوأ إلى أسوأ إلى أسوأ”.

وشدد جعجع على ان “ما من فريق سياسي يدعو لتشكيل حكومة هو ليس مشتركاً فيها إلا أننا ندعو لتشكيل حكومة مماثلة لأننا نرى ألا خلاص سوى عبر حكومة من هذا النوع من بعد كل ما حصل”.

وتابع جعجع: “يتساءلون، هل يعقل لقوى منتخبة من الشعب أن تقاصص نفسها وتتراجع عن تحمّل مسؤولياتها الوطنيّة في ظل تحديات سياسيّة كبرى؟ إلا أننا نجيبهم أنه غير صحيح القول إن القوى السياسيّة عاقبت نفسها وإنما الناس عاقبوها أما بالنسبة لتحمل المسؤوليات الوطنيّة، فبربكم قولوا لنا أين تحمّلت هذه القوى مسؤولياتها الوطنيّة؟ لو قامت بذلك لما كنا رأينا كل الناس الذين رأيناهم في الشارع وبالتالي كل الحجج والأسباب والذرائع التي نسمعها هي فقط من أجل أن يحاول البعض العودة إلى الحكومة في حين نقول لهم إن أي حكومة تسويات كالعادة لا يمكن القبول بها ونكون نزج البلاد أكثر فأكثر في أتون داخلي والخطوة الوحيدة التي من شأنها إنقاذ الأوضاع في البلاد هي خطّة إنقاذيّة كبيرة وصدمة كبيرة لا يمكن أن تحصل في ظل وجود بعض الأوجه القديمة أو التي تمثل قوى قديمة وإنما عبر حكومة مؤلفة من شخصيات مستقلّة ووجوه جديدة كي تتمكن من إعطاء أمل جديد للبلاد”.

وكان قد استهل جعجع تصريحه بالقول: “لقد شهد لبنان في الأيام الـ15 المنصرمة تحركاً شعبياً من أكبر التحركات التي شهدها لبنان في تاريخه، والمميز فيه هو أنه أتى عفوياً، تلقائياً، شفافاً ومباشراً. صحيح أننا شهدنا تحركات شعبيّة في السابق كبيرة جداً كـ”14 آذار” إلا أن هذه التحركات كانت تكون مقتصرة على فريق سياسي واحد يعبّر عن رأي سياسيّ واحد فيما هذه المرّة تخطّت التحركات الشعبيّة كل الفرقاء وكل المناطق وكل الطوائف وكل الحدود ونزل الناس إلى الشوارع وعبّروا عن مطالبهم بأفضل طريقة لو أنه في بعض الأوقات عبر مفردات غير مستحبّة”.

ولفت جعجع إلى أننا “حاولنا كثيراً استدراك ما حصل منذ اجتماع بعبدا الإقتصادي الذي عقد في 2 أيلول 2019، وبكل وضوح وأمام الرؤساء الثلاثة طرحنا أنه لم يعد من الممكن أن تستمر البلاد بالواجهة السياسيّة الموجودة فهناك انعدام ثقة كبير جداً وبظل وجود هذا الإنعدام للثقة لا يفكّرنّ أحد أنه مهما كانت التدابير العمليّة المباشرة المتخذة من الممكن أن نقوم بإنماء الإقتصاد أو إيقاف التدهور المالي الحاصل ولكن للأسف أتى ذلك من دون أي نتيجة إلى حين أن وصلنا إلى الحراك الذي حصل وتحت وطأته سقطت الحكومة”.

ووجّه جعجع تحيّة “كبيرة جداً إلى الجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي لأنه وبالرغم من كل الضغوطات السياسيّة التي مورست عليهما، ونحن كما بقيّة الناس نعرف حجم هذه الضغوطات، إلا أنهما تصرفا فعلاً كجيش لبنان وكقوى أمن داخلي بمعنى أنهما جيش لبناني وقوى أمن داخلي للشعب اللبناني وليس لقمع الشعب اللبناني كما كان يريد بعض السياسيين. ففي كل الحراك الذي حصل، والذي لا يزال مستمراً كمناخ ولو أنه انحسر على الأرض قليلاً، كان هناك ثلاثة خروقات فقط لا غير: مرتين في ساحة رياض الصلح أتى بعض الشباب المتفلّت واعتدوا على المتظاهرين ومرّة ثالثة على جسر الرينغ ولا أعرف لماذا تقاعصت القوى الأمنيّة في هذه المرّات الثلاث إلا أنه في الأحوال كافة لم يفت الأوان بعد لذا أنادي على النائب العام التمييزي للطلب من الأجهزة الامنيّة تزويده بأسماء المعتدين باعتبار أن صورهم موجودة لدى جميع التلفزيونات في لبنان والخارج حتى وذلك من أجل تحويلهم إلى القضاء المختص كي نتعوّد في لبنان ألا يتعدّى بعد الآن أي أحد على آخر”.

MISS 3