الإصلاحات الماليّة اللازمة لدعم استقرار الاقتصاد

02 : 00

أشار معهد التمويل الدولي إلى أن الحكومة اللبنانية أعلنت في 21 تشرين الاول 2019 عن مجموعة من الإصلاحات المالية والهيكلية، استجابة للاحتجاجات التي اندلعت في جميع أنحاء البلاد، وسط تدهور الأوضاع الاقتصادية وتزايد النقمة على الطبقة السياسية الحاكمة.

ولفت المعهد إلى أن التدابير المعلنة تهدف إلى تخفيف الغضب المحلّي، واستعادة المصداقية الدولية والمساعدة في إطلاق مبلغ 11 مليار دولار الذي تعهّد به المجتمع الدولي في مؤتمر "سيدر". ومع ذلك فإن مجموعة التدابير المعلنة لم ترضِ المحتجّين الذين أصرّوا على استقالة مجلس الوزراء. وبعد الاستقالة يُصرّون على حكومة جديدة من التكنوقراط.

علاوة على ذلك، أوضح المعهد أن التدابير المعلنة تهدف إلى تضييق العجز المالي إلى 0.6 % من الناتج المحلي الإجمالي في العام 2020 من خلال مطالبة مصرف لبنان والبنوك التجارية بالمساهمة بـ 3.4 مليارات دولار، أي ما يوازي 5.4 % من الناتج المحلي الإجمالي، للمساعدة في خفض تكلفة خدمة الدين للحكومة في العام 2020، وكذلك رفع ضريبة الارباح على المصارف من 17 الى 25 % من شأنها أن تجمع نحو 400 مليون دولار العام 2020. الى ذلك اقترحت الورقة الاصلاحية تخفيض رواتب الرؤساء السابقين والحاليين والوزراء والنواب بنسبة 50%. هذا وشملت سلة إصلاحات خفض عجز كهرباء لبنان وإنشاء لجنة لمكافحة الفساد، وصياغة قانون يسعى إلى استعادة الأموال العامة المسروقة، وإعداد خطة لخصخصة قطاع الاتصالات، وتركيب ماسحات ضوئية في ميناء بيروت لمكافحة التهريب.

في ما خصّ هذه الوعود التي لم تُقنع المنتفضين في الساحات الذين لزموا الشوارع لحين اعلان رئيس مجلس الوزراء استقالة الحكومة. اعتبر المعهد أن القادة السياسيين الحاليين يفتقرون إلى المصداقية لتنفيذ الإصلاحات التي وعدوا بها. على هذا النحو، يُتوقع أن يصل العجز المالي إلى 1.9% من الناتج المحلي الإجمالي في العام 2020 ويفتقد العجز المستهدف للحكومة، لأنه يعتبر افتراضات الإيرادات للسلطات والامتثال الضريبي مفرط في التفاؤل. وأشار إلى أن الاحتجاجات المستمرة تدل على أن تنفيذ التوحيد المالي من خلال مجموعة مخصصة من التدابير لمرة واحدة، من دون معالجة أوجه القصور في الحكم وسوء الإدارة الاقتصادية، لن يكون كافياً لاستعادة ثقة الجمهور.

في موازاة ذلك، رأى المعهد أن السلطات بحاجة إلى تنفيذ تدابير مالية دائمة ومستدامة لوضع مستوى الدين العام على مسار نزولي. وفي هذا السياق، قال إنه يتعين على الحكومة تعديل نظام ضريبة الدخل الشخصي لاستهداف معدلات ضريبية أعلى للفئات ذات الدخل المرتفع، الأمر الذي من شأنه تحويل العبء الضريبي إلى الأسر الأكثر ثراء. وكذلك، سيتعيّن على السلطات فرض عقوبات على الممتلكات الساحلية التي يتم بناؤها بشكل غير قانوني، وإغلاق جميع المعابر الحدودية غير القانونية ومكافحة التهريب، وتعزيز إدارة الإيرادات الضريبية، ومكافحة التهرب الضريبي، وتنفيذ الإصلاحات التي طال انتظارها في قطاع الكهرباء. وأضاف أنه يتعين على الحكومة تخفيض فاتورة الأجور في القطاع العام من خلال إعادة هيكلة متعمقة للإدارة العامة، وإغلاق عدد من المؤسسات العامة، وكذلك القضاء على الموظفين الأشباح في القطاع العام. وأكد المعهد أن التنفيذ الصارم وفي الوقت المناسب لهذه التدابير الدائمة، بالإضافة إلى بعض التدابير المعلنة في حزمة 21 تشرين من شأنه أن يساعد السلطات على تضييق العجز المالي على أساس مستمر وتحسين الثقة. وأضاف أن تنفيذ مثل هذه التدابير من شأنه أن يساعد في إطلاق العنان للأموال المرتبطة بـ CEDRE، مما سيخفف من الأثر الانكماشي للتكيف المالي وارتفاع أسعار الفائدة على نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي.

وشدّد المعهد على أن النمو الاقتصادي في لبنان ظل ضعيفاً منذ عام 2011، ويعزى ذلك جزئياً إلى سوء الإدارة الاقتصادية والفساد على نطاق واسع، فضلاً عن النزاعات الإقليمية. وتوقع أن ينكمش الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي في لبنان بنسبة 1.6 % في عام 2019 بعد تراجع بنسبة 0.2 % في عام 2018، بسبب التأخير في الاتفاق على الإصلاحات المالية والهيكلية اللازمة، والشكوك السياسية، وكذلك الركود في القطاع العقاري، والمتأخرات الحكومية وسياسة نقدية مشددة. في موازاة ذلك، أشار إلى أن القطاع المصرفي لا يزال يتمتع برسملة جيدة وسيولة وربحية عالية على الرغم من الركود في نمو الودائع وارتفاع معدلات الإقراض. وقال إنه لا ينبغي استغلال نقاط القوة في القطاع المصرفي من قبل الحكومة من أجل تجنب تنفيذ الإصلاحات المالية والهيكلية العميقة.