إلغاء إحياء ذكرى تيان انمين في هونغ كونغ

جزر الهادئ توجّه صفعة مدوّية لبكين

02 : 02

لم تتكلّل جهود وزير الخارجية الصيني خلال جولته في الهادئ بالنجاح (أ ف ب)

في صفعة مدوّية للجهود الديبلوماسية الصينية الحثيثة، رفضت 10 دول جزرية في المحيط الهادئ مساعي بكين لإبرام إتفاق أمني واسع النطاق مع المنطقة بالأمس، وسط مخاوف من أنه قد يدخل المنطقة في فلك النفوذ الصيني.

ولم تنجح المحادثات التي عقدت في فيجي بين وزير الخارجية الصيني وانغ يي وقادة الدول الجزرية الصغيرة في التوصّل إلى إتفاق، على الرغم من أن الرئيس الصيني شي جينبينغ بعث رسالة قبيل الاجتماع مفادها بأن الصين ستكون «شقيقة جيّدة» للمنطقة التي يربطها بها «مصير مشترك»، وفق ما أفادت شبكة «سي سي تي في» للبث.

وينصّ الإتفاق على تدريب الصين أجهزة الشرطة المحلّية ويُتيح لها التدخّل في الأمن الإلكتروني، إضافةً إلى توسيع العلاقات السياسية وإجراء عمليات مسح بحري حساسة. كما يمنح الإتفاق بكين إمكانية أكبر للوصول إلى الموارد الطبيعية سواء البرية أو البحرية.

في المقابل، ستُقدّم بكين مساعدات مالية بملايين الدولارات، وإمكانية إقامة إتفاق للتجارة الحرة بين الصين ودول المحيط الهادئ الجزرية، التي يمنحها الإتفاق كذلك إمكانية الوصول إلى السوق الشاسعة للقوة الاقتصادية الصينية التي تُعدّ 1.4 مليار نسمة.

وخلف الكواليس، أعرب قادة دول المنطقة عن هواجس حيال العرض. وفي رسالة إلى باقي قادة المنطقة، حذّر رئيس ولايات مايكرونيسيا المتحدة ديفيد بانويلو من أن الإتفاق المقترح «مخادع» و»يضمن نفوذاً صينيّاً في الحكم» و»سيطرة اقتصادية» على القطاعات الأهم. أمّا علناً، فجاء ردّ الفعل أقلّ حدّة، إذ أكد القادة أنّه لا يُمكنهم الإتفاق على مقترح بكين في شأن «رؤية التنمية المشتركة» نظراً لغياب التوافق الإقليمي.

وفي هذا الصدد، قال رئيس وزراء فيجي فرانك باينيماراما بعد الاجتماع: «كالعادة، نمنح الأولوية للتوافق»، ما يؤكد على أن التوصّل إلى إتفاق واسع بين دول المنطقة سيكون ضروريّاً قبل التوقيع على أي «إتفاقات إقليمية جديدة». وذكرت مصادر أن بابوا غينيا الجديدة وساموا وولايات مايكرونيسيا المتحدة كانت من بين الدول المتحفّظة حيال المقترحات الصينية، إلى جانب بالاو التي تعترف بتايوان، علماً أنها لم تتلقَ دعوة لحضور الاجتماع.

وأقرّ المسؤولون الصينيون الذين عملوا جاهدين لكسب الدعم للإتفاق خلال جولة وانغ التي تستمرّ 10 أيّام في المنطقة، بأنّ مساعيهم لم تُحقّق الهدف المرجو. وقال السفير الصيني لدى فيجي كيان بو للصحافيين في سوفا: «كان هناك دعم عام من الدول العشر... لكن بالطبع توجد بعض المخاوف في شأن قضايا محدّدة واتفقنا على أن تتمّ مناقشة هاتَيْن الوثيقتَيْن لاحقاً إلى أن نتوصّل إلى إتفاق».

وفي مسعى لحفظ ماء وجهه، أعلن وانغ أن الدول العشر إتفقت على مذكّرات تفاهم في شأن مبادرة «الحزام والطريق» الصينية للبنى التحتية، موضحاً أن الطرفَيْن «سيواصلان النقاشات والمشاورات المعمّقة للتوصّل إلى مزيد من التوافق على التعاون»، وحضّ الأطراف التي تشعر بقلق حيال نوايا بكين على ألّا تكون «قلقة ومتوترة جدّاً».

وحذّرت القوى الغربية من الإتفاقات مع الصين، إذ دعت الخارجية الأميركية دول الهادئ إلى الانتباه من «الإتفاقات الغامضة والمبهمة والتي تفتقد إلى الشفافية» مع بكين. وضمّت أستراليا صوتها إلى الولايات المتحدة في دعوة دول جنوب الهادئ للتصدّي لمحاولات الصين توسيع نفوذها الأمني في المنطقة، وحذّرت وزيرة خارجيّتها الجديدة بيني وونغ من عواقب إتفاقات من هذا النوع.

وعلى صعيد آخر، وللمرّة الأولى منذ 33 عاماً، لن يتمّ إحياء أي قداس في ذكرى تيان انمين في هونغ كونغ، في دليل جديد على محو ذكرى القمع الدموي للمتظاهرين المؤيّدين للديموقراطية في بكين في 4 حزيران 1989، في الإقليم الصيني الذي كان يتمتّع بحكم شبه ذاتي.

ومنذ أن فرضت بكين قانوناً صارماً للأمن القومي في العام 2020 لإنهاء الاحتجاجات العارمة المؤيّدة للديموقراطية، حظرت المسيرات التقليدية لإضاءة الشموع التي شارك فيها آلاف الأشخاص في المدينة. وأُغلق متحف تيان انمين وفكّكت نصب تذكارية عدّة.

وفي الأثناء، التقى الرئيس الصيني رئيس السلطة التنفيذية المقبل في هونغ كونغ جون لي في بكين، وأكد شي لمسؤول الأمن السابق أن الحكومة المركزية تثق به تماماً. ونقلت وكالة أنباء الصين الجديدة عن شي قوله: «أعتقد أن إدارة الحكومة الجديدة ستجلب معها مناخاً جديداً وتُسطّر فصلاً جديداً في تنمية هونغ كونغ».

وذكرت الوكالة الرسمية أن الرئيس الصيني أشاد بما يتمتّع به لي من «شجاعة لتولّي المسؤولية»، بينما «ساهم في حماية الأمن القومي وازدهار هونغ كونغ واستقرارها»، فيما من المقرّر أن يتولّى لي منصبه رسميّاً في الأوّل من تموز تزامناً مع ذكرى مرور 25 عاماً على نقل هونغ كونغ من الحكم البريطاني إلى الصيني.


MISS 3