رفيق خوري

صباح الخير أيها التغيير

1 حزيران 2022

02 : 00

ليس في الإمتحان الأول بعد الإنتخابات النيابية سوى اصطدام النتائج بقوة القبض على الواقع. شيء مما عبّر عنه الحائز جائزة نوبل للأدب بوب ديلان في أغنية شهيرة: "ليس هناك نجاح مثل الفشل". وشيء من تكرار درس قرأناه على الجدار منذ سنوات. تباين الحسابات لدى قوى التغيير في معركتها الأولى. وتلاقي المصالح لدى قوى "الستاتيكو"، بحيث أكمل ركاب القطار الإنتخابي الذي قاده "حزب الله" الرحلة الى محطة الإنتخاب المجلسي، وألقوا بالشعارات من النوافذ.

لكن "الستاتيكو"ليس جموداً، كما يبدو في الشكل، بمقدار ما هو، في الأساس، تغيير بطيء نحو الأسوأ، ثم إنهيار متسارع في أزمات البلد والناس. والقوى التي تحميه تستخدم كل الوسائل التي تدار بالقوة والدهاء والإستعلاء والوصولية لجعل أي تغيير، كما حدث في الإنتخابات النيابية، نوعاً من تغيير محدود في لعبة شكلية على هامش اللعبة الفعلية. أما التغيير نحو الأفضل والذي خاضت القوى السيادية والتغييرية المعركة من أجله، فإن الطريق إليه مقطوع من زمان. مقطوع بقوة المافيا السياسية والمالية والميليشياوية المتسلطة. متعثر بأولوية الحسابات الشخصية والآنية والتكتيكية لدى قوى التغيير على الحسابات الإستراتيجية والرؤية الدقيقة للواقع والبعيدة لمستقبل لبنان واللبنانيبن، سواء على المستوى الداخلي أو على مستوى اللعبة الجيوسياسية في المنطقة.

ولا فائدة من الدعوات العربية والدولية الى إصلاحات سياسية ومالية وإقتصادية ملحة لبدء الخروج من هاوية الأزمات. ولا خجل من أن يكون مجلس الأمن الدولي أرحم بنا من حكامنا، حين يتجاوز إنقسامه وعجزه والشلل حيال حرب أوكرانيا ويتخذ موقفاً موحداً نحو لبنان يطلب منه "الإسراع بتشكيل حكومة شاملة تطبق الإصلاحات، والإنتهاء السريع من تحقيق مستقل ونزيه ومعمق وشفاف في إنفجار الرابع من آب". فالإصلاحات محددة ومطلوبة منذ أعوام، لكنها ممنوعة. والمسموح به منها هو ما يخدم مصالح المافيا كما ظهر في خطة التعافي المالي التي خرجت من مجلس الوزراء عشية إستقالة الحكومة. والتحقيق في جريمة الإنفجار في المرفأ معطل بألعاب قانونية وسلبطة من خارج الدستور والقوانين.

ذلك أن المناخ الشائع حول الإستحقاقين الضروريين لإعادة تكوين السلطة، وهما تشكيل حكومة وإنتخاب رئيس جديد للجمهورية، هو مناخ تعطيل لا تسهيل. تفنن في سيناريوات الفراغ الحكومي والشغور الرئاسي وتطريز هرطقات دستورية غب الطلب. وما يقود الى اللاحكومة واللارئاسة ليس العجز عن إدراك الحاجة الى معالجة الأزمات قبل أن يكتمل الإنهيار، ولا قوة الأشياء بل التخطيط المنهجي. وقمة البؤس أن المخططين لا يملكون تصوراً فعلياً لما بعد الفراغ. ولا يستطيعون ملء الفراغ بأية صيغة قابلة للحياة. وهم يشترطون لملء الفراغ تأليف حكومة وإنتخاب رئيس لوضع أسوأ من الفراغ.

و"الصح يظل صحاً ولو لم يفعله أحد، والغلط يبقى غلطاً ولو فعله الجميع" كما يقول مثل في تكساس.


MISS 3